الفنون الشعبية ثراء وغنى وتفاعل إبداعي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

وعن أهمية الفرق المعنية بالموروث الشعبي ودورها في دفع عجلة الاقتصاد، تحدثنا مع الشاعر سعيد المزيود رئيس فرقة المزيود، التي لها بصمة واضحة في المحافل والفعاليات، يقول سعيد المزيود: «فرقة المزيود تعتبر من فرق الجيل الثالث من ظهور الفرق النظامية، التي بدأت في الثمانينيات بعد قيام دولة الاتحاد، حيث كان قبل ذلك فن الحربية يعتمد على الأهالي والهواة لتأدية هذه الفنون الأصيلة بدون وجود فرق معتمدة في ذلك الوقت، حيث كان يتواجد الشعراء ومن حولهم من الرزيفة في مناسبة معينة يمارسون هذا الفن الأصيل الذي يعتبر الفن الأول مع فن العيالة والفن الرسمي للمنطقة، ومع قيام الاتحاد واهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالتراث والعادات والتقاليد وإحياء التراث كان هذا الدافع والأساس الصلب للتشجيع على قيام المهتمين في هذه الفنون بتشكيل فرقة نظامية معتمدة ومسماة تحت شعار الهيئات المعنية بالتراث والفنون في الدولة في بداية الثمانينات».

تشكلت فرقة المزيود في بداية سنة 2000 بشكل رسمي، لذلك نعتبر من الجيل الثالث من المنظومة المهتمة والحريصة على إظهار هذا الفن بصورته الأصيلة، المعبرة عن الهوية الثقافية والشعر الارتجالي واستعراض قيم الشجاعة والفخر في فن الحربية.

وجود مثل هذه الفرق في الفعاليات يعزز الهوية الوطنية، ويوضح اهتمام القيادة بالتراث ليعكس عمق الأصالة المكتسبة من هذه اللوحات الفنية الاستعراضية والأناشيد الوطنية واللهجة المحلية الشعبية، وتعريف المجتمع والأجيال والزوار بتمسك الأجيال بفنونها وتقاليدها، ومما يعزز كل ذلك هو حرص أصحاب القرار على تواجد هذه الفنون المستمر في الفعاليات وتوجيهات بالاهتمام الدائم فيه، وتشجيع القائمين عليه وتهيئة كل الظروف لهم بالاستمرار ونقل الفن للجيل القادم.

حضور

فرقة المزيود مثل باقي الفرق المعروفة في الدولة لها حضور دائم، وقد أخذت على عاتقها المحدود تفعيل هذا النشاط الفني التراثي بمجهود فريق عمل له خبرة وباع طويل يشارك في الفعاليات بصورة مشرفة يدعم من خلالها الحضور التراثي والدعم السياحي والاقتصادي للإبداع في هذا المجال واستمراره وحفظ وتقدير جهد فريق العمل الكبير.

حضور الفرق التراثية مثل الحربية والعيالة له طابع خاص جداً ومرغوب بشكل كبير عند أبناء وقبائل الدولة، لذلك نجد الحضور الدائم والتواجد لما له من هوية تراثية ووطنية في المناسبات الوطنية والاحتفالات الخاصة بأبناء الدولة والمؤسسات الحكومية، وهذا ما يعزز الحضور القوي لهذه الفرق التي حرصت على المحافظة على هذه الفنون بشكل أصيل وإظهارها بالصورة الحقيقية المشرفة.

ومنذ أن أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية، التزمنا بدورنا الفعال (فرقة دبا الحربية) باستقطاب الخبرات والمواهب الإبداعية والفنية من أجل حفظ الإرث الثقافي للمنطقة ورفد الاقتصاد الإبداعي، ومن خلاله شاركت الفرقة في العديد من المعارض العالمية المقامة بالمدن العالمية في أوروبا لتعكس الموروث الشعبي والثقافي للإنسان في دولة الإمارات، بالإضافة إلى اهتمامها في تطوير الموسيقى الشعبية، والحفاظ على الهوية الوطنية والثقافية، إذ نحظى في دولة الإمارات العربية المتحدة بشتى أنواع الدعم من خلال البنية التحتية الصلبة ما يتيح لنا الحافز للعطاء الإبداعي، وتضع الفرقة العديد من الأهداف المستقبلية تعزز من تواجدها كفرد داعم للاقتصاد الإبداعي من خلال الإنتاج الفني الثقافي والتعاون مع عدة جهات في التوجه ذاته.

مسارات

تنقسم الفنون الشعبية في الإمارات إلى فنون شعبية بحرية وبرية، وبالتبعية فإن الفرق التي تعنى بهذه الفنون توجه اهتمامها إلى أحد هذين المسارين؛ ومن الواضح أن الفنون البحرية، التي ارتبطت في السابق بالحضور الكبير الذي كان يتمتع به البحر في الحياة اليومية للإماراتيين، هي الأكثر تعرضاً لضغوطات الحياة العصرية، وتلاشي الكثير من المهن البحرية.

هذا، بالطبع، خلافاً للفنون البرية، التي ارتبطت بالحياة الاجتماعية ومناسباتها؛ فهذه لا يزال يتم استحضارها في سياق الحياة الاجتماعية، على نحو أو آخر، ما يجعلها أوفر حظاً من مثيلتها البحرية، التي ارتبطت بتلك المهن البعيدة، وكانت تمارس أثناء رحلات الغوص على اللؤلؤ وصيد الأسماك والتجارة.

ومما لا يمكن تجاهله هنا، أن الحياة العصرية استقدمت معها فنوناً جديدة، وذائقة وحاجات فنية مختلفة، ملأت المساحة الفنية، ولم تترك إلا القليل من المساحة للفنون الشعبية عموماً. ورغم ذلك، فإن صدى الفنون الشعبية في الوجدان الإماراتي حاضر بقوة، ويمكن استدعاؤه بسهولة، لا سيما أن هذه الفنون الشعبية، كثيرة، ومتعددة الألوان.

وفي كل الأحوال تبقى الفنون الشعبية، عموماً، مادة قوية، يمكن استلهامها في صناعات فنية معاصرة، تغني المشهد الفني، وتعزز الهوية الوطنية للثقافة، كما أنها تمثل فرصة في خلق مساحات فنية يشغلها مبدعون موهوبون، يمكنهم الانطلاق من أصالة هذه الفنون إلى مساحات الفن الواسعة.

تسهم الفنون الشعبية، على اختلافها وتنوعها، في التعريف بهوية البلدان ونقل موروثها الشعبي، وهي في مجتمعاتها تعبر عن ثراء وغنى وتفاعل إبداعي. وفي هذا المضمار، تشتهر الإمارات بأنواع متعددة من الفنون الشعبية، تعكس بيئات متنوعة مختلفة؛ ما بين ساحل وبادية وجبل. وبتعدد هذه البيئات تتعدد الفنون؛ كالحربية والعيالة والدان والليوا وغيرها.

Email