"الزعيمة"..سفينة صيد الأسماك الصغيرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

علاقة قوية عميقة الأبعاد، ربطت ابن الإمارات بالبحر، الذي أصبح جزءاً من ذاكرته وموروثه وقصصه وحقول حياته المتنوعة.

وقد مخر الإماراتي عباب البحر باستخدام أنواع قوارب، وسفن متنوعة، ومنها «الزعيمة»، السفينة الخشبية المخصصة لصيد نوع من الأسماك الصغيرة، وهذا المسمى: «الزعيمة»، هو بالأساس مصطلح خاص، أطلقه أهالي مدينة دبا الحصن على ذلك النوع من السفن، بينما سمى أهالي مدينة خورفكان والمناطق المجاورة لها، هذا النوع من السفن «العاملة».

تمتاز «الزعيمة» بأنها تبحر بالقرب من الشاطئ، وتعتبر من أهم السفن في الساحل الشرقي للدولة، والتي يعتمد عليها الأهالي في ركوبهم البحر، وهي بمثابة العمود الأساسي للحصول على الرزق، ولقمة العيش، كما تعتبر من أكبر سفن ومراكب الصيد في المنطقة قديماً.

واعتاد نواخذة الزعيمة أن يهتموا كثيراً بصيانتها والمحافظة عليها، بحيث يقوم صاحبها بعمل صيانة دورية لها، أي في الفترة التي يقل أو يشح فيها الصيد أو عند ارتفاع موج البحر. ويعتبر النوخذة المسؤول الأول عن السفينة في حلها وترحالها، فهو سيد السفينة وفي مقام مالكها، إن لم يكن مالكها بالفعل.

تستخدم الزعيمة في عملية «الضغوة» البرية فقط، أي أنها مخصصة لصيد أنواع معينة من الأسماك مثل (البرية والعومة)، والبرية هو اسم محلي يطلق على سمك الجاشع، ويتم البدء بصناعتها بعد أن يختار النوخذة الصانع المفضل لديه (أستاذ الخشب)، والذي سيتولى صناعتها وفق خبرته، حيث يقدم النوخذة المواصفات المختلفة التي يرغبها، ومن بينها: الحجم، وبعدها يتم الاتفاق على وقت تسليمها، وعلى الأجر اليومي للعمال.

وتتميز «الزعيمة» بأنها قارب طويل ذو مجاذيف كثيرة العدد (قد تصل إلى 50 مجذافاً في كل ناحية)، بحيث يعتمد عدد المجاذيف على طول حجمها. ويتكون المجذاف من قطع عدة، أهمها: الغادوف وهو اللوح الذي يضرب في جهة البحر، أما الزبان فالحطبة، التي يمسك بها البحار، ويتم ربطهما ببعضهما البعض بواسطة حبل.

لا تحتوي «الزعيمة» على قطعة المقود (السكان) لتقاد بها، إنما على مجذاف خاص يستخدمه النوخذة، في عملية القيادة، وقد يكون في جهة اليسار أو اليمين، وهذا يختلف عن جميع المجاذيف السابقة، بحيث يكون أطول حجماً من المجاذيف الأخرى، والتي غالباً ما تكون بين الـ 40 ذراعاً إلى 50 ذراعاً وفقاً للقياسات المحلية المستخدمة قديماً، وتخرج الزعيمة إلى صيد الضغوة لمسافة، تتراوح من النصف كيلو إلى الكيلو متر الواحد.

ومن الشروط والعادات المتعارف عليها بين صاحب الزعيمة والصانع (الأستاذ)، أن يقوم الأول بتوفير وجبات الطعام بشكل يومي للعاملين طوال فترة صنعها، باستثناء وجبة العشاء، لأن العاملين عليها يعملون حتى وقت العصر فقط، ذلك بالإضافة لتوفير القهوة والتمر.

Email