«أيام الشارقة التراثية» تستكشف تجليات التراث الإماراتي في السرد المحلي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تواصل أيام الشارقة التراثية فعالياتها وأنشطتها وبرامجها المختلفة، ضمن الدورة 19 في ساحة التراث في قلب الشارقة النابض، مع تزايد أعداد الزوار بمختلف فئاتهم العمرية، والذين يتوافدون على مختلف الأجنحة والأركان المشاركة، فضلاً عن حضور الجلسات الثقافية والندوات التراثية والمحاضرات الأكاديمية والورش التدريبية المتنوعة.

 جلسة ثرية

ففي آخر سلسلة جلسات المقهى الثقافي، نظمت جلسة ثرية، لمناقشة تجليات التراث الإماراتي في تجربة الكتابة السردية الإماراتية والإجابة عن سؤال حول مدى وجود أفق واضح لتوظيف التراث واستلهامه في هذه التجربة.

شارك في الجلسة، التي أدارها الدكتور عادل الكسادي كل من التربوية والروائية الإماراتية فتحية النمر، والقاصة والشاعرة والكاتبة المسرحية الإماراتية فاطمة المزروعي، ووليد علاء الدين المستشار الثقافي لمركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي.

«حي النباعة»

استهلت فتحية النمر الجلسة بالحديث عن التراث في المجتمع المدرسي ودور المدارس في استلهام ونقل هذا التراث إلى الطلبة في مرحلتهم العمرية المبكرة، وأشارت إلى وجود قصور في نقل المادة التراثية في هذه المرحلة، ما أفرز أخطاء قاتلة في التراث. كما تطرقت النمر إلى تجربتها في استلهام التراث بفعالية في روايتها المسماة «حي النباعة»، وهو الحي الذي شهد بواكير صباها وشبابها، وتضم الرواية إشارات كثيرة إلى طفولتها وفترة تعليمها، وكل ما يرتبط بالتراث، الذي تلقته من العائلة في ذلك الوقت، فوثقت هذه التجربة من خلال هذه الرواية، باعتبارها نموذجاً كاشفاً عن مستويات من استلهام التراث الإماراتي والتعبير عنه وتوظيفه في فن الرواية.

وبالمثل، تحدثت فاطمة المزروعي عن تجربتها المماثلة في استلهام التراث الإماراتي، من خلال مقالاتها ورواياتها وكتاباتها المسرحية، والتي نالت العديد من الجوائز الفنية والأدبية، مشيرة إلى أهمية ربط التراث بالأبعاد الزمنية الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل، كون التراث لا يمكن اختزاله في مجرد الدعوة للرجوع إلى الماضي، بما فيه من عادات وتقاليد ولهجات.

وأوضحت أن الكثير من الجيل الحالي لا يعرفون تاريخ الإمارات ما قبل الاتحاد، رغم العمق التاريخي للدولة.

وأشارت إلى أن تجربتها الكتابية نبعت من طبيعة نشأتها في بيئة قريبة بالتراث ومليئة بسماع القصص والخراريف من الجدة، وحكايات الشعوب، وثنائيات الفقر والغنى، وهو ما انعكس في توجيه طريقتها في سبر أغوار الرواية والحكاية وتشكيل شخصيتها الخيالية والفكرية وإثراء ذاكرتها بمخزون مفعم بالتفاصيل ومكونات البيئة، لافتة إلى أن الإنسان ابن بيئته يتأثر بها بحسب طبيعة احتكاكه بمفرداتها ومكوناتها المختلفة.

وأشارت المزروعي إلى أن أولى مجموعاتها القصصية (ليلة عيد) تأثرت بمكوناتها البصرية والخالية المستلهمة من البيوت الطينية القديمة المحملة بالذكريات والمرتبطة بسنوات الشظف والجوع، حيث ضمنت روايتها حديثاً يسرد الصراع بين الطين والزجاج، ويطرح استجواب الطين للزجاج لما أحدثه في عصر التمدن ومتطلبات التطور من عزلة للإنسان وفصل عن الحياة.

وأكدت أن مسرحيتها «حصة» قد ناقشت ظاهرة العلاج بالوسم والزار، والتي كانت تجنح أحياناً نحو الشعوذة، بالإضافة إلى رواياتها الأخرى التي لم تخلو من مقاربات كثيرة تتناول المرأة وحكاياتها والزواج والطلاق والحناء واللبس وغيرها.

من جهته، يعتقد وليد علاء الدين أن تفسير التراث يختلف من شخص لآخر بحسب تصوراته وخلفياته الثقافية، ولكن التراث باختصار هو ما لم ينتجه الإنسان بنفسه، وإنما استحقه بالنقل والورش عمن ينتسب إليه، وهو لا يمكن أن يعيش بيننا إلا بقوة حضوره أو ذكراه أو استدعائه حين الحنين إليه، لافتاً إلى أن التراث يبقى حياً ما دمنا نستحضره بيننا بالفعل وإلا سيبقى جامداً في متحف قصي دون تفاعل أو تأثير.

وأوضح أن السرد الإماراتي قصة ورواية يمكن أن يتطور في تناوله للتراث من خلال تجنب القيام بإقحام مفردات التراث دون توظيف صحيح أو استلهام مبتكر، معتبراً فترة التوقف والهدوء المؤقتة التي شهدها إنتاج القصة الإماراتية القصيرة ولمدة 10 سنوات تقريباً، بعد صدور كتاب «كلنا نحب البحر» والمتضمنة عدة قصص قصيرة لكتاب إماراتيين، قد نجحت في إيجاد بيئة صحية مكنت الجيل الجديد من استيعاب التغير الحضاري والمدني الذي شهدته الدولة ووضع إجابات جديدة هادفة ومتأملة حول أسئلة التراث، وظهور تجربة إبداعية مغايرة، تعبر عن ذات إماراتية معاصرة تمتلك الكثير من مقومات حضورها واستمرارها.

Email