الحمرية تزدان بانطلاق فعاليات أيام الشارقة التراثية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

استقبلت القرية التراثية بمنطقة الحمرية في إمارة الشارقة أيام الشارقة التراثية في دورتها التاسعة عشر والتي ازدانت بها الأروقة والأركان المختلفة في القرية، حيث شهد افتتاح الفعاليات سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث رئيس اللجنة العليا المنظمة للمهرجان، وسعادة حميد سيف بن سمحة الشامسي، رئيس المجلس البلدي لمنطقة الحمرية، وسعادة مبارك راشد الشامسي، مدير بلدية الحمرية، وأعضاء المجلس البلدي لمنطقة الحمرية، وجمع كبير من أهالي منطقة الحمرية.

وتفقد الحضور أرجاء القرية التراثية، بأركانها وأقسامها، والتي تضم ركن الحِرف اليدوية الذي يتضمن العديد من الإبداعات التي تشغلها أنامل ماهرة في تحويل الأدوات البسيطة الموجودة في البيئة الإماراتية إلى أدوات وتحف في غاية الإتقان والجمال، كما توقف عند ساحة العروض التراثية التي تستضيف الفرق المحلية والعربية والعالمية، حيث تابع عرضاً فنياً قدمته إحدى الفرق الشعبية الإماراتية.

وشاهدوا جانباً من الورش التعليمية التي يقدمها معهد الشارقة للتراث بالتعاون مع عدد من المؤسسات الشريكة، بهدف غرس التراث في نفوس الجيل الجديد، كما اطلع على الفعاليات المقدمة للأطفال والتي تعود بهم إلى حياة أهلهم وحضارتهم، وتغرس فيهم القيم الجميلة النبيلة من الصبر والتفكير والذكاء وحب الأرض والوطن والعشيرة.

وفي هذا الإطار، أكد سعادة الدكتور عبدالعزيز المسلم أن أيام الشارقة التراثية التي انطلقت لأول مرة عام 2003 تماشياً مع رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة والتي تصب نحو الاهتمام بالتراث والموروث باعتباره هدفاً وطنياً وإنسانياً، حيث أصبحت الأيام مع توالي الأعوام حقلاً خصيباً يلتقي فيه الماضي والمستقبل في ضيافة الحاضر، ويقدم نماذج حياتية لأهلنا في الماضي، وكيف كابدوا الصعاب وجابهوا المحن للوصول إلى ما هم عليه اليوم من تطور وتقدم بإرثهم النبيل وعاداتهم الأصيلة«.

من ناحيته، قال حميد سيف بن سمحة الشامسي:»باتت فعاليات أيام الشارقة التراثية حدثاً حيوياً في التراث الثقافي الإماراتي؛ نظراً لما توفره من مناخ مناسب لتعريف الأجيال والناشئة بأصالة الماضي وعراقة التاريخ واستكشاف ذلك الزمن بكل ما فيه من عادات وتقاليد أصيلة تعبّر عن الموروث الشعبي للأجداد، وانعكاساً حضارياً لهوية شعب دولة الإمارات العربية المتحدة«.

 

نقاشات

من ناحية أخرى شهد المقهى الثقافي جلسة حوارية طرحت عدة قضايا ثقافية وتراثية على طاولة النقاش، حيث تحد الدكتور محمد فاتح زعل عن المدن الثقافية متخذاً من تجربة إمارة الشارقة نموذجاً، فيما تناول الأستاذ طلال سعد الرميضي موضوع مستقبل التراث في دولة الكويت والجهود الحكومية ودور الجمعيات فيها لحفظ التراث وصونه، بينما تحدث الدكتور فهد حسين حول عادات الزواج بين الأصالة والحداثة في دول الخليج.

وبعد ختام الجلسة، حظي الحضور باقتناء نسخة من كتابين جديدين أصدهما معهد الشارقة للتراث، ويحمل الأول عنوان (الأمثال الدينية في التراث الكويتي) للأستاذ طلال الرميضي، والثاني كتاب (التراث الثقافي العالمي في الدول العربية) للأستاذ الدكتور عبدالعزيز صلاح سالم، وهو دليل استرشادي لإعداد ملفات ترشيح مواقع التراث العربي في قائمة التاث العالمي باليونيسكو. وقد قام المؤلفان بتوقيع وإهداء الكتابين للجمهور الذين يعشقون القراءة والفكر.

 

ردهة الرسامين

تقع ردهة الرسامين بالقرب من جناح التراث العربي، ويشارك فيها 6 من الفنانين من بينهم رسامة إماراتية، حيث يشكلون بأعمالهم مساحة إبداعية رحبة من خلال عرض لوحات فنية مفعمة بعبق التراث والبيئة الإماراتية. وهذه اللوحات تنقسم إلى لوحات للعرض وأخرى للبيع، بعضها يجسد مفردات ومكونات الموروث الإماراتي ومباني قديمة وأخرى حديثة، وأخرى لوحات بورتريه فردية أو مشتركة لعدد من الرموز والقيادات الوطنية الحالية والسابقة في الدولة.

تقول الرسامة الإماراتية الشابة بشاير أحمد المازمي: إنني سعيدة بمشاركتي الأولى في ردهة الرسامين في أيام الشارقة التراثية، كما أنها تعتبر أول معرض فني لي في هذا الجانب.

وأضافت: تتبلور فكرة هذا المرسم الفني في محاولة إبراز الهوية الإماراتية الفريدة وشخصياتها وزيها التراثي الأصيل ورموزها الوطنية بطريقة جميلة ومعبرة من خلال لوحات جذابة مختلفة الأحجام والأنواع، حيث يقوم كل فنان بإعداد لوحاته وعرض رسوماته بطريقته المميزة وباستخدام أدواته الخاصة.

وبالنسبة لبشاير، فهي تفضل الرسم على الورق بقلم الرصاص، وقد نشأت هواية الرسم لديها منذ نعومة أظفارها عندما كانت طفلة صغيرة على مقاعد الروضة، واستمرت في ممارسة هذا الشغف وصقله وتطويره خلال مراحلها الدراسية التالية وصولاً إلى الجامعة، لتتوج رحلة الألوان بإطلاق أولى مشاركاتها في ردهة الرسامين هذا العام، موجهة شكرها لمعهد الشارقة للتراث والقائمين على تنظيم هذا الركن الفني الرائع وإتاحة الفرصة لها بالمشاركة فيه، والذي شهد زيارة العديد من عشاق اللوحات الفنية والرسم وزواراً وشخصيات رفيعة من دول عديدة منها البحرين وإيطاليا وإسبانيا وعدد من الدول العربية، وتفقدوا اللوحات وطرحوا بشأنها العديد من الأسئلة ذات الاهتمام على الرسامين.

وأما فواز محيي الدين وبلال حميد وهما رسامان من دولة الهند، فقد كان لهما شرف طرح فكرة تنظيم ردهة الرسامين على إدارة المعهد للمرة الأولى قبل عدة سنوات، وبالفعل بادر المعهد إلى تبني المقترح وتنفيذه في المهرجان اعتباراً من 3 سنوات، وهو يشهد تطوراً نوعياً مع كل دورة.

وفي زاوية من زوايا الردهة يقف غولوانت سينغ مع ابنته ريتو لعرض لوحاته، يقول سينغ ممسكاً بمجموعة من الأقلام والريشات: أنا من إقليم البنجاب الهندية، كنت أعمل مدرس رسم لمدة 35 عاماً، وبعد تركي للوظيفة، جئت إلى دولة الإمارات منذ خمس سنوات، وشرعت في ممارسة فن الرسم بشكل تجاري وتقديم لوحات فنية منفذة على قماش الكانفاس، وهو نسيج خشن أو ناعم من خيشة الرز (اليونيه) ويستخدم في عدة صناعات وفنون ومن ضمنها الرسم، لافتاً إلى أنه يشعر بالفخر عندما يطلق العنان لريشته في رسم العديد من عناصر التراث الإماراتي ولا سيما لوحات البورتريه لشيوخ الإمارات وكبار القادة فيها.

وأما ابنته ريتو فتذكر: لقد جئت مع والدي وشقيقتي إلى الدولة قبل عدة أعوام، وجمعنا الحب المشترك والصادق تجاه ثقافة الإمارات وتراثها، وقد حظينا بالتقدير الجم في الإمارة الباسمة، حيث كانت أولى مشاركات والدي الفنية من خلال معرض نظمه النادي الثقافي العربي في الشارقة، ونالت لوحاته إعجاب الإداريين والزوار والذين أحبوا أعمال والدي وإنتاجه، واعتبروها لوحات ناطقة تعبر بصدق عن الإمارات وشعبها وقاموا بدعمنا وتشجيعنا، وهو ما حفزنا للتوسع في مثل هذه المشاركات لتمتد إلى العديد من المعارض في دبي وأبوظبي.

وتشير ريتو إلى لوحة جميلة تتوسطها صورة للشيخ زايد رحمه الله، تحيطها ألماسة متناسقة الأبعاد، وتقول: لقد قام والدي بتنفيذ هذه اللوحة الزيتية على قماش الكانفاس، ولأننا نرى الشيخ زايد شخصية كبيرة وغالية وقامة وطنية خالدة في تاريخ الإمارات، قمنا بإحاطته برسم قطعة من الألماس حوله، وقد حازت هذه اللوحة على جائزتين الأولى من جامعة السوربون بأبوظبي والثانية في دبي.

 

العمارة والتراث

في البيت الغربي، تحدثت المهندسة وفاء داغستاني في محاضرة حول العمارة والتراث في رحلة بين الماضي والحاضر، حيث استعرضت بإيجاز حضارة ما قبل التاريخ وعدداً من حضارات العصور الأولى وهي الحضارة المصرية القديمة وحضارة بلاد الرافدين والحضارة الإغريقية والحضارة الرومانية، ثم انتقلت للحديث عن العمارة في العصور الوسطى وتشمل عمارة فجر البيزنطية المسيحية والعمارة الإسلامية ومن ثم العمارة الرومانسكية ثم العمارة القوطية.

واعتبرت داغستاني عمارة عصر النهضة حلقة وصل فاعلة ما بين حضارة العصور الوسطى وحضارة العصور الحديثة، حيث ازدهرت في هذا العصر عمارة الباروك والروكوكو، لافتة إلى أن العمارة في العصر الحديث مرت بمراحل عدة، أهمها مرحلة ما قبل الحداثة، وعمارة الحداثة، وعمارة ما بعد الحداثة، وعمارة الحداثة المتأخرة والتي تتضمن العمارتين الوظيفية والعضوية.

وأشارت إلى أن العمارة المعاصرة هي عمارة القرن الحادي والعشرين، وكذلك العمارة المستقبلية وهي عمارة ديناميكية تفكيكية من روادها المهندسة العراقية الراحلة زها حديد، منوهة بأن القرن الحالي لا يوجد للعمارة فيه نمط ثابت؛ نظراً لارتباطه بالتكنولوجيا المتقدمة جدًا، وهي بمثابة عمارة للإدهاش والإبهار، بما فيها من ناطحات سحاب ملتوية أو أبنية مكسرة نراها منتشرة في دول كثيرة حول العالم.

وتوقفت داغستاني لدى العمارة في مدينة الشارقة، فذكرت أن عمارة المباني الحكومية والمرافق الترفيهية فيها تمثل عمارة حديثة قائمة على الطراز الإسلامي القديم، وهي بذلك تحافظ على التراث، كما تشتهر إمارات الدولة باحتضانها مباني مستدامة وحديثة جدًا وفائقة تكنولوجيًا وهو ما يناسب القرن الحادي والعشرين، ومن أشهر هذه المعالم العمرانية برج خليفة، ولا ننسى أيضاً متحف المستقبل وبرواز دبي وغيرهما.

كما نظم البيت الغربي محاضرة أخرى بعنوان (الإعلام الرقمي والهوية الثقافية) قدمها أ. د. عطا حسن عبدالرحيم من كلية الاتصال بالجامعة القاسمية، وبحضور لفيف من المهتمين بالشأن الإعلامي الثقافي، حيث استعرض تطور الإعلام منذ أن كان إعلاماً تقليدياً وهو التناظري (الأنالوج)، مروراً بالإعلام الفضائي ثم الإلكتروني وصولاً إلى الإعلام الحالي بأنواعه الذكية والرقمية والاجتماعية.

وتناول عبدالرحيم خصائص الإعلام الرقمي بما فيها من سمات التفاعلية واللاتزامن والمشاركة والانتشار بالإضافة إلى مزايا الحركة والمرونة، والصفة العولمية، وسهولة الأرشفة والتخزين والحفظ.

وتوقف المحاضر حول عدد من إشكاليات الإعلام الرقمي، ومن أهمها قوة الإعلام المواطن الذي يعتبر الفرد فيه المحور الرئيس، والرقابة المسؤولة اجتماعياً، والمصداقية التي باتت هدفاً هارباً يكاد الناس لا يجدونه، لافتاً إلى أننا في ظل هذا الإعلام المنفلت والمستورد بفكره وقيمه وأغراضه مطالبون بالمحافظة على الهوية الثقافية لأمتنا ومجتمعنا وهو ما يميزنا عن الآخرين، ويتطلب ذلك أن نتعامل مع مكونات الإعلام الرقمي وبيئته الخاصة من خلال قناعاتنا وقيمنا الداخلية، وعبر السعي إلى أن نكون منتجي معرفة لا مستهلكين لها.

واختتم عبدالرحيم محاضرة ببيان مظاهر أزمة الهوية الثقافية العربية الحالية وأسبابها في حقول التربية والأسرة واللغة والتعليم والإعلام، وما تفرزه من تحديات تقض مضجع القيم والعقائد، مؤكداً أهمية التكيف الإيجابي للثقافة العربية الراهنة مع المتغيرات العالمية والإقليمية دون ازدواجية وخضوع لضرورات اللغة الوافدة، أو الوقوع في شرك الانبهار الأعمى للغرب، ومن خلال إنشاء امبراطوريات إعلامية عربية هادفة ومتزنة،

 

البايِلاّ الإسبانية

ينقل كشك الطعام الإسباني المشارك في أيام الشارقة التراثية عشاقه في تجربة فريدة يعيشون من خلالها أجواء مدينة فالنسيا مهد»البايلا" أو البانِيّه اللذيذ. هذا الطبق يتميز بطعمه الشهي ورائحته المغرية، وكان السكان يأخذونه معهم إلى البساتين والمزارع، وبات يتجاوز حدود المكان في إسبانيا إلى دول أخرى.

يقول الشيف الإسباني خوسيه: قدمت من فالنسيا إلى المهرجان حاملاً مع شيئاً من عالم الطهي الإسباني، وكانت أول زيارة لي إلى الشارقة عام 2013 بدعوة من أحد أصدقائي العرب المقربين، وحينها انبهرت بالشارقة ومعالمها وبيئتها التي كانت تذكرني بمدينتي فالنسيا، كما أن أهل الشارقة يتسمون بالتعامل اللطيف والمسالم، بل إنني أستطيع المشي في شوارعها وطرقها وأزقتها في أي وقت من النهار أو الليل بكل أمن وسلام ودون أي مضايقة أو مشاكل، فالشارقة مدينة متوهجة فاعلة لا تعرف النوم أبداً. وفي الحقيقة أجواؤكم جميلة جداً، وتستحق الزيارة، فنصف قلبي بات فالنسياً والآخر شارقياً على حد تعبيره.

ويشير إلى أنه أصبح يأتي إلى الشارقة بشكل متكرر، وقام ذات مرة بزيارة أيام الشارقة التراثية، فانبهر بها، ونبعت من خلالها فكرة مشاركته عبر إعداد وتقديم طبق البايلا لزوار المهرجان، يقول:

في هذا الركن أقوم يومياً بإعداد هذه الوجبة ذات النكهة الخاصة، وتتكون من الدجاج والأرز ومكونات أخرى، ويقدم لدينا عادة في الأعياد مع العائلة والأصدقاء، وتطبخ على مقلاة كبيرة باستخدام زيت الزيتون الإسباني عالي الجودة.

يضيف خوسيه: البايلا لديها تقنية خاصة يمكننا من خلالها إعداد هذه الوجبة مع مختلف أنواع الإضافات، فالدجاج الذي أستخدمه أشتريه من الإمارات وأقوم بقليه ببطء في البداية، ثم أضيف إليه قطعاً من الطماطم الإسباني والبابريكا، والخطوة التالية هي إضافة الخضروات التي أجلب معظمها من إسبانيا، ويستغرق قلي الدجاج 45 دقيقة تقريباً، وتحتاج هذه العملية إلى ارتداء قفازات، أما المدة الكاملة لطهي هذا الطبق فتستغرق قرابة ساعتين ونصف، لتكون الخطوة الأخيرة إضافة الملح والزعفران بعد غلي الماء، وعندها تكون الوجبة جاهزة لتذوقها من الزوار الذي يتوافدون لشرائها وتجربتها، وهو ما يتوافق مع اعتياد الكثيرين من السكان المحليين على تناول الرز.

Email