جـذور

منطقة الخليج في «الطليعة» المصرية..إضاءات تاريخية وحديثة - 1

ت + ت - الحجم الطبيعي

زخرتْ مصر بعددٍ من المجلات الرائدة، المتبنّية جملة أفكار متباينة خلال عقود الخمسينيات والستينيات إلى منتصف السبعينيات.

ومن هذه المجلات مجلة " الطّليعة" الشهيرة التي صدرت عام 1965. ومن حُسن الحظ أن مكتبة جامعة الإمارات العربية المتحدة تحتوي على أعداد من هذه المجلة.

وهي متاحة للباحثين للاطلاع على مقالاتها وبحوثها. وفي هذا المقال نقدّم للقارئ الكريم ما استعرضه كتّاب المجلة حول منطقة الخليج العربي بين عامَي 1965 و1972، وهي فترة شهدت حضور قوى عالمية وإقليمية متنوعة في المنطقة، وأثرت على الدولة مولدة عزلتها، آنذاك، عن المحيط العربي الكبير، حيث اقتصرت أخبارها في وسائل الإعلام العربية، على بعض الأحداث.

ترأس تحرير مجلة "الطليعة"، الأديب والسياسي والصحافي اليساري والمحامي المصري المعروف لطفي الخولي (27 أغسطس 1929 - 5 فبراير 1999). وكان العدد الأول منها قد صدر في يناير 1965. واستهل العدد ذلك بافتتاحية عنوانها: «خطوات الطليعة»، بيّن فيها الكاتب سياسة المجلة، وتضمن المثال دعوته للكتّاب العرب للكتابة في المجلة.

وارتبطت هذه المجلة بكونها طريق المناضلين إلى الفكر الثوري المعاصر، ولهذا فهي تمثّل حقبة زمنية مهمة من فترات أمتنا العربية حين كان الجو السياسي زاخراً بالمدّ الثوري، والشعارات الرنّانة، والأفكار العابرة للحدود، المتنقّلة بين محيطات العالَم، وقاراته، ولذا فهي تعكس تلك الصورة المتفاعلة والمتشابكة بين الأجندات والأنظمة المتباينة

ولهذا أيضاً فإن على الباحثين العرب الاطّلاع على تلك المقالات والدراسات والبحوث حتى يتسنّى لهم تكوين فكرة متكاملة عن تلك الفترة. وفي الوقت نفسه يكوّنون لذواتهم منهجاً بحثياً واضحاً. وعثرنا على عدد من المقالات في هذه المجلة.

1 جاء المقال الأول بعنوان: «البترول في خدمة التطوّر السياسي والاقتصادي للوطن العربي»، للكاتب أمين الحافظ، العدد: 1 (يناير 1965)، ص 65-73، وفيه يتحدّث الكاتب حول عوائد النفط، وأهميتها في التنمية العربية الشاملة. وضمن المقال إشارات إلى إنتاج النفط في بلدان الخليج العربية، وبعض الإحصاءات حول إنتاج النفط وعوائده المالية.

2 أما المقال الثاني فقد جاء بعنوان: «تقارير: الخليج العربي: خطوة سيئة.. لكنها متوقعة»، في العدد: 8، السنة: 6 (أغسطس 1970)، ص 100-101.

وفي هذا التقرير إشارة واضحة لِما تمّ من ترتيبات للانسحاب البريطاني العسكري من منطقة الخليج العربي. وترد فيه أسباب الانسحاب البريطاني من المنطقة.

كما يرد في التقرير أن الحكومة الأمريكية اعتبرت الانسحاب العسكري البريطاني إخلالاً باستراتيجية شرق السويس العسكرية. وعلى الرغم من كل الانتقادات الموجّهة لحكومة العمال البريطانية لخطوة الانسحاب العسكري إقليمياً ومحلياً فإن البريطانيين أصرّوا على المضي في إتمام الانسحاب مهما كلّف الأمر.

ويرد في التقرير إشارة إلى مشاورات ومحادثات الاتحاد التساعي بين إمارات الخليج العربية. ويلمح التقرير إلى رغبات شعب المنطقة في التحرّر والوحدة.

3 والمقال الثالث بعنوان: «الاحتكارات الأجنبية في الوطن العربي» للدكتور أحمد مراد، عميد كلية الحقوق بجامعة دمشق حينها، العدد: 3، السنة: 6 (مارس 1970)، ص 60-69، وهو حديث قديم.

حديث متجدّد سبق لكثيرين من كتّاب تلك الفترة أن تناولوه بالتفصيل والتحليل، وتدور أُسسه حول الحضور الاقتصادي الأجنبي في منطقة الخليج من خلال الشركات النفطية العملاقة التي استخرجت النفط من بلدان الخليج بشكل استغلالي وجائر لم تستفد منه بلدان الخليج العربية.

وهنا يسهب الكاتب في هذا الموضوع مبيناً دور السلطات البريطانية والأمريكية في تثبيت أركان شركات البلدين، ثم يتحدث عن نوعية النفط العربي الخليجي. ويحاول في الوقت نفسه أن يجيب عن كيفية تسرّب الاحتكارات الغربية إلى الوطن العربي.

واحتوى العدد نفسه عنوان: «أجندة الستينيات: الآداب والفنون»، وهي تضم العديد من الأحداث الأدبية والفنية مرتّبة زمنياً بدءاً من شهر يناير 1969، وانتهاءً بشهر نوفمبر 1969. ومن أحداث هذه الأجندة انعقاد مؤتمر الأدباء العرب الخامس في بغداد من 15 إلى 25 فبراير 1965 حضرتْه وفود من دول عربية عديدة، منها:

الكويت وقطر والسعودية. (ص 121). كما عُقد في غزّة من 29 نوفمبر إلى 2 ديسمبر 1966 المؤتمر الأول للكتّاب الفلسطينيين، حضره عدد كبير من كتّاب العرب، كان منهم من الكويت.

(ص 133). وفي الفترة من 16 إلى 21 مارس 1968 انعقد المؤتمر السادس للأدباء العرب في القاهرة، وكان من حضوره وفود من الكويت، وعمان، والشارقة. (ص 136). وفي الفترة من 22 إلى 30 يناير 1969 أُقيم في القاهرة المعرض الدولي للكتاب، حضره ممثلون عن الكويت والسعودية وقطر. (ص 138).

4 «عبد الناصر والثورة في الجزيرة العربية» هو عنوان المقال الرابع الذي نستعرضه هنا، للكاتب: محمد الشحات، العدد: 12، السنة: 6، (ديسمبر 1970)، ص 26-30. وفيه يؤكد الكاتب أن الرئيس جمال عبدالناصر قد أَوْلى شبه الجزيرة العربية اهتماماً كبيراً، وأنّه كان حريصاً على تعميق المدّ الثوري في هذا الجزء من الوطن العربي.

ثمّ يشير إلى ثورة 23 يوليو وتأثيراتها ونتائجها على شبه الجزيرة العربية، ثمّ يعدّد بلدان شبه الجزيرة العربية وكيفية تأثّرها بالمد القومي العربي الثوري، حينذاك. وبعدها يتحدّث عن مرحلة ما بعد 1956.

5 وقد وسم المقال الخامس بـ«معركة الأوبك وشركات البترول: ولماذا حتمية انتصار الدول المنتجة فيها» للكاتب الصحافي المصري صلاح منتصر في العدد: 3، السنة: 7 (مارس 1971)، ص 36-39. والمقال يركّز على منظمة أوبك، ولكن فيه إشارات إلى أبوظبي وقطر والكويت والسعودية من حيث إنتاجاتها من النفط، واحتياطياتها منه.

وفي العدد نفسه تعليق وتقرير بعنوان: «الكويت: تطورات هامة تعكسها الانتخابات»، ص 105-106. وفيه تحليل موفّق لانتخابات مجلس الأُمة في 23 يناير 1971.

6 وجاء المقال السادس بعنوان: «الأزمة البترولية العالمية وصحوة الأوبك» لمصطفى النجار في العدد: 4، السنة: 7 (أبريل 1971)، ص 70-75، وهو أيضاً يتناول منظمة أوبك، ويتحدّث في الوقت نفسه عن النفط العربي وإحصاءات إنتاجه في دول الخليج، كما يستعرض قضايا ومسائل حول الشركات الغربية واستخراج وتصدير النفط، وتغليب مصالحها على مصالح بلدانه.

7 وقد عنون المقال السابع بـ«البترول واتجاهات الاستراتيجية في الخليج العربي» للكاتب: سيف بن علي، في العدد: 6، السنة: 7 (يونيو 1971)، ص 14-27. وفي المقال تمهيد موجز جداً للوجود البريطاني في منطقة الخليج العربي، منذ البدايات إلى عام 1920. كما يلمح إلى الدور السلبي للهيمنة البريطانية في المنطقة.

ثم يتحدّث عن المنافسة بين القوى الأوروبية على مدّ النفوذ، ولكن احتكار بريطانيا أبعد القوى الأخرى عن الخليج، ثم يستعرض ما تمّ من اكتشافات نفطية في بلدان الخليج العربية، وإنشاء مصافي النفط، والغاز الطبيعي، وينقل عن عبدالله الطريقي، الخبير البترولي العربي، نظرته إلى تطوّرات الأعمال النفطية. ويلقي باللائمة على شركات النفط الأجنبية في الاستئثار بخيرات وموارد المنطقة.

ويورد بناءً على ذلك بعض الإحصاءات، ثمّ يعود للحديث عن فرض بريطانيا العزلة على بلدان الخليج العربية. بعدها يتحدّث بإسهاب عن الانسحاب البريطاني العسكري من المنطقة، ونتائج ذلك، وتأثيراتها على المنطقة، مضمّناً مقاله آراءه الثورية المتوافقة مع ذلك العصر.

 

 

 

Email