جـذور

منطقة الخليج العربي في مجلة «المجلة» المصرية.. مكانة تاريخية وقضايا حديثة

ت + ت - الحجم الطبيعي

صدرت مجلة «المجلة» المصرية، أثناء الاحتفالات الشعبية بانتصار مصر على العدوان الثلاثي في عام 1957، وفي مجد الزهو القومي، قررت وزارة الإرشاد القومي حينئذ التي كان يتولاها فتحي رضوان (1911 – 1988)، السياسي والصحفي والمفكر المعروف، تأسيس هذه المجلة لتكون منارة فكرية عربية تصدر من القاهرة، منفتحة على الفكر الإنساني والمعرفة في ربوع الوطن العربي.

تختزن مكتبة جامعة الإمارات العربية المتحدة أعداد مجلة «المجلة»، وتتيح المجال أمام الباحثين للوصول إلى مقالاتها بعد بحثهم فيها بتأنٍّ وروية حتى يجدوا ما يناسبهم في دراساتهم وبحوثهم. وسنقدم للقارئ ما تحتفظ به المجلة من مباحث منذ صدورها إلى توقفها، وخاصة بالنسبة لموادها التي ترصد فيها أحداث وشؤون منطقة الخليج العربي في تلك الفترة. وبداية، نجمل هنا أسماء كوكبة من تولوا مهام رئاسة تحرير مجلة «المجلة» في إصدارها الأول، وهم كل من:

1 ــ الدكتور محمد عوض محمد (1895 ــ 1972)، أحد علماء الجغرافيا المصريين، وأحد أهم المثقفين العرب، وأحد أنشط المترجمين، وتولى رئاسة التحرير لمدة عام واحد. 2 ــ الدكتور حسين فوزي (1900 ــ 1988)، وهو عالم بحار وكاتب مصري معروف، وتولى رئاسة تحريرها من عدد سبتمبر 1957 وحتى فبراير 1959. 3 ــ الدكتور علي الراعي (1920 ــ 1999)، وهو ناقد أدبي مصري معروف أيضاً، وهو الذي تولى رئاسة تحريرها منذ مارس 1959 إلى عام 1962. 4 ــ الدكتور يحيى حقي (1905 ــ 1992) الكاتب والروائي المصري الشهير، وهو أحد رواد القصة القصيرة في مصر. وقد تولى يحيى حقي رئاسة التحرير من مايو 1962 وحتى العدد 166، السنة: 14 (أكتوبر 1970)، وهي أطول فترة يقضيها رئيس تحرير للمجلة في تاريخها. ولطول هذه التكليف ارتبط اسم «المجلة» باسم يحيى حقي، حتى قيل عنه: إنه الأب الروحي لجيل الستينيات من المبدعين. 5 ــ الدكتور عبد القادر القط، الأديب، الذي ترأس تحريرها من نوفمبر 1970 حتى قرار أنور السادات بإغلاقها، وإغلاق المجلات التي كانت تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب في أكتوبر 1971.

مقالات كثيرة تناول فيها كتاب المجلة قضايا الخليج العربي وما يعتمل فيه من احداث في تلك الفترة، وننتقي هنا بعضاً من أبرزها، لنستعرضه.

1

جاء المقال الأول بعنوان: «بين العرب والهند قديماً» للدكتور مراد كامل، (1907 ــ 1975) أحد رواد علماء الدراسات السامية والقبطية في مصر، في العدد: 45، السنة الرابعة (سبتمبر 1960)، ص. 33 ــ 41. وهو مقال مهم يتحدث فيه الكاتب عن أهمية الخليج العربي كممر طبيعي للملاحة بين البحر المتوسط وشرق آسيا. ويؤكد الدور الملاحي للعرب قبل الإسلام. ويفصل في تاريخ الحضارات الخليجية المتعاقبة ودورها الاقتصادي، ويثبت أهم موانئها مثل: الأُبُلّة، وسيراف، والمحمّرة. ويقدم معلومات قيمة حول تاريخ الملاحة في الخليج وصلات أهل الخليج بالهند وموانئها وسلعها. ويشير إلى نشاط العرب الملاحي في عهد الإسكندر المقدوني، وفي العهدين الهِللينِتسي والروماني، وفي عصر الساسانيين والبيزنطيين.

2

وقد عنون المقال الثاني بـ: «العرب والبرتغال» للأستاذ نجيب العقيقي، (1916 ــ 1982) الأديب والكاتب اللبناني، ص. 50 ــ 57. ويعرف الكاتب أولاً بالبرتغال، وحدودها، وتضاريسها. ثم يتحدث عن الفتح الإسلامي لها، ويوجز كثيراً في تاريخها حتى ينتقل للحديث عن اشتراك البرتغاليين في الغزو الكبير للعالم. ويشير إلى وصول البرتغاليين إلى منطقة الخليج العربي، واحتلالهم لجزيرة هرمز ثم يسهب في تأثر البرتغاليين بالعرب من حيث العلوم والإنشاءات والملاحة، واللغة.

3

وكتب المقال الثالث المعنون «الوطن العربي والاتصالات العالمية»، الدكتور محمد السيد غلاب، أستاذ الجغرافيا المصري الشهير. في العدد: 67، السنة السادسة (ربيع الأول 1382 هــ /‏‏‏‏‏‏‏‏ أغسطس 1962)، ص. 8 ــ 22. وهو مقال قيم استعرض فيه كاتبه موقع الوطن العربي من العالَم، وما يمثله من دور في المواصلات بين دول العالم. وألمح إلى ما كان لهذا الوطن من وحدة في فترات تاريخية متعاقبة ثم ما تعرض له في العصر الحديث من احتلال أوروبي لأراضيه. وأشار إلى التنافس الغربي على المنطقة، ويؤكد على عظم المخزون النفطي في الخليج العربي. ويتحدث عن شركات النفط العالمية ونسب استحواذها على منتجات النفط ومداخيله عام 1955. ويلحق ذلك بجدول طويل شامل لأنصبة الشركات، ويقارن ذلك بإنتاج النفط. ثم يتحدث عن الأكراد والأتراك ومجاورتهما للعرب. ويشير إلى مكانة منطقة الخليج العربي في المواصلات العالمية قبل حفر قناة السويس وحرص بريطانيا على مد نفوذها عليها. ثم يعود للحديث عن دور العرب التقليدي في حمل حضارة ورسالة السلام، وإلى تغلغل العروبة في أفريقيا. ويذكر في الوقت نفسه إلى تأصل البعد الحضاري في الوطن العربي الذي زاده الإسلام قوة ومتانة.

4

«ما وراء تأميم البترول» هو عنوان المقال الرابع الذي نستعرضه هنا، وهو للكاتب محمد توفيق مصطفى. في العدد: 67، السنة السادسة (ربيع الأول 1382 هــ /‏‏‏‏‏‏‏‏ أغسطس 1962)، ص. 23 ــ 27. وهو موضوع شائع الذكر في تلك الحقبة من الزمن، وهو لا يختلف عن تلك المقالات السائدة حول استخراج النفط، ودور الشركات الأجنبية، ويقارن ما تحصلت عليه دول الخليج من مدخولات وبين ما تحصلت عليه الشركات الأجنبية.

5

وقد وسم المقال الخامس بـ«مكانة البترول في التنمية الاقتصادية للوطن العربي»، للدكتور يوسف أبو الحجاج. في العدد: 87، (مارس 1964)، ص. 14 ــ 29. والمقال مفيد، يحتوي على معلومات قيمة وإحصاءات وجداول حول إنتاج النفط في بلدان الخليج العربية بالإضافة إلى عوائد النفط ودورها في تحقيق التنمية الاقتصادية. ويتضمن كذلك معوقات الاستغلال السليم للنفط مع التأكيد على المعوقات الأجنبية والشركات الكبرى. ومن الجدير بالذكر أن الدكتور أبو الحجاج نفسه قد حرر وأعد أول دراسة جغرافية شاملة حول الإمارات بعنوان: دولة الإمارات العربية المتحدة: دراسة مسحية شاملة، من منشورات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومعهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1978. وشارك في كتابة المباحث بالإضافة إلى الدكتور أبو الحجاج عشرة من الأساتذة العرب في التاريخ والجغرافيا والاجتماع والتضاريس وغيرها. وفي مبحثه الذي شارك فيه في هذا الكتاب، قال الدكتور يوسف: «ليس من المغالاة في شيء أن يقال إن الإمارات تملك بفضل الاتحاد كل الظروف المواتية للتقدم والانطلاق». وأضاف: «تكتسب دولة الإمارات بفضل البترول بوجه خاص دعامة وطيدة للمستقبل». وختم دراسته بقوله: «طالما استمرت إرادة التقدم التي لا حد لها لما يمكن أن تحققه من معجزات». ومن تقديرات الله له أن يأتي الدكتور يوسف أبو الحجاج للتدريس في قسم الجغرافيا بجامعة الإمارات العربية المتحدة، ويتولى رئاسة القسم بين عامي 1980 و1982. ويؤلف كتاباً قيماً بعنوان: الخريطة العمرانية لإمارة أبوظبي، صدر عن دائرة التخطيط آنذاك في يوليو 1981.

6

وجاء المقال السادس بعنوان: «العلاقات التاريخية بين الإسلام والصين»، للدكتور فواز طوقان. في العدد: 163، (يوليو 1970)، ص. 20 ــ 29. وهو مقال قيم كذلك، وفيه استعراض لعدد من موانئ الخليج العربي التي تواصل عبرها أهالي الخليج بالصين قبيل الإسلام. وفي المقال أيضاً استعراض موجز لتاريخ دخول الإسلام إلى الصين. كما يتحدث الكاتب حول الدلائل الأثرية على علاقات الصينيين بالبلدان العربية.

1960

يروي الدكتور كامل مراد، في مقال له بالمجلة، عام 1960، الملاحة في العصر الإسلامي ضمن المنطقة، وأهمّ الجغرافيين المسلمين الذين تحدثوا عن السفر إلى الهند. وذكر أهمية البصرة في التجارة مع الشرق. ويتطرق بعد ذلك إلى أثر العلاقات التجارية بالهند، وفجر الصلات العلمية بين الهنود والعرب. ويشير إلى الفتوحات الإسلامية السند.

صفحة متخصصة بالتراث والبحث في مفردات المكان تصدر كل خميس

Email