عمره 3 قرون وتحول معلماً سياحياً في تسعينيات القرن الماضي

بيت جبري الدمشقي .. عبق التاريخ وحكاية الياسمين

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تنتشر في دمشق القديمة، الكثير من المطاعم والكافتيريات، حيث شهدت السنوات العشرون الأخيرة، تحول الكثير من البيوت الدمشقية القديمة إلى مطاعم، زاد عددها حالياً على 120. إلا أن أول بيت دمشقي تحول إلى معلم سياحي، ذلك في التسعينيات من القرن الماضي، هو بيت جبري العريق، الذي يعود تاريخه إلى قرابة 3 قرون، حيث ولد فيه العديد من الشخصيات المهمة في سوريا، كالشاعر المعروف شفيق جبري، والسياسي رشاد جبري، ونهيدة جبري، أول خريجة سورية من الجامعة الأمريكية في بيروت. ولا شك أن البيت، بأركانه وتصاميمه، يردد الآن وهو يستقبل زواره ورواده، قصص عبق التاريخ وروح الياسمين في دمشق، درة العواصم وحاضرة الجمال.

تاريخ موثق

يقول رائد جبري مالك المطعم/‏‏‏‏البيت، لـ«البيان»، إن «تاريخ انتهاء بناء بيت جبري موثق بـ 1157 هجري، ما يعادل 1737 للميلاد، وتم بناؤه لآل جبري، وما زالت ملكيته منذ ذلك التاريخ لنفس العائلة، وقد اشتراه جدي طلعت محمد نعمان جبري سنة 1905 م، من والد الشاعر شفيق جبري، رشاد جبري، الذي كان أحد السياسيين البارزين في دمشق، وكان نائباً في البرلمان عن الغوطتين في دمشق، في أول مجلس نواب تم انتخابه بعد الاستقلال».

وأضاف أنه «تم توثيق بيت جبري على أنه بيت أثري في السجلات في عام 1957 م، ويقع ضمن الشريحة الأثرية داخل أسوار مدينة دمشق القديمة، والتي تعتبر بالكامل شريحة أثرية، ومسجلة في قائمة اليونيسكو». وتابع أن «ما يميز بيت جبري، أنه، ومنذ بنائه وحتى تاريخه، هو مملوك لذات العائلة، التي بني من أجلها، على خلاف بعض البيوت الدمشقية التي تم بيعها وتملكها لغير العائلات».

مساحة كبيرة

وكانت تقطن في البيت، بحسب رائد جبري، عمتاه (نهيدة وسعاد) حتى عام 1977 م، حيث قد تم هجر البيت لحوالي 20 عاماً، بسبب مساحته الكبيرة، وصعوبة العناية به وترتيبه وتنظيفه، لافتاً إلى أن «عمته نهيدة جبري من مواليد 1905 م، هي أول امرأة سورية، تخرجت في الجامعة الأمريكية في بيروت، ولم تتزوج، بسبب العادات والتقاليد حينذاك، وعملت كمدرسة في مدرسة المعلمات، التي كانت بمكتب عنبر حالياً». ولفت إلى أن «بعض أقسام البيت تعرضت للانهيار، وخاصة الناحية الشرقية، وعرض للبيع أكثر من مرة، ولكن لم يشتره أحد، بسبب الانهيارات الحاصلة، وقد عرض للبيع في مطلع تسعينيات القرن الماضي، بمبلغ 5 ملايين ليرة سورية، وكان يعتبر رخيصاً في ذلك الوقت، نسبةً لموقعه ومساحته»، مشيراً إلى أنه «كان رافضاً لفكرة بيع منزل العائلة، التي تضم 52 وريثاً عن جده».

إنشاء المطعم

وعن فكرة المطعم، قال رائد جبري، إن «فكرة تحويل منزل العائلة لمطعم، بدأت عندما كان في الأردن، وشاهد كيف حولت عائلة أبو جابر الخربة التي تحمل اسمها، والتي تبعد عن مركز المدينة حوالي 32 كلم، إلى قرية سياحية تراثية، يقصدها الجميع بشكل يومي، رغم بعد المسافة». وأضاف أن «الفكرة ترسخت في رأسه، وانخرط في العمل بمجال المطاعم وإدارتها والطبخ، وراسل أفراد العائلة، وارثي هذا المنزل.. وفعلاً، تنازلت عمته نهيدة عن حصتها له ولشقيقه وابن عمه، وشجعت الفكرة، وأغلبية العائلة قد وافقت على الفكرة، بالتزامن مع الإنذارات التي وصلت من البلدية والمحافظة، لضرورية الترميم، والمحافظة على المنزل كونه تراثياً».

حرص

أوضح رائد جبري في حديثه لـ«البيان» أنه بدأ بترميم البنية التحتية والكهرباء، واشترى 12 طاولة فقط ليبدأ مشروعه، وقام بترقيم أرضية المنزل، وإعادة تركيبها بنفس المواد التقليدية المستخدمة، دون استبدال الحجارة والرخام، بعد القيام بأعمال الصرف الصحي، ليحافظ على تراث أجداده، رغم أن التكلفة كانت حوالي 3 أضعاف، لو أنه قام بتركيب أرضية جديدة، إلا أنه رغب أن يحافظ على أحجار عمرها حوالي 300 عام.

Email