أيام الشارقة التراثية تحُط رحالها اليوم في كلباء

ت + ت - الحجم الطبيعي

بلهفة وفرح ينتظر أهالي وسكان وزوار مدينة كلباء انطلاقة أيام الشارقة التراثية اليوم، ليعيشوا على مدار ٣ أيام حتى 11 أبريل الجاري، في منطقة خور كلباء، أجواء التراث وفعالياته وبرامجه التي تنقلهم إلى الزمن الجميل الحافل بعناصر ومكونات التراث وحرفه وطقوسه وفنونه الشعبية وطربيات تلك الأيام.

وقال الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية الثامنة عشرة: «ستحط رحال أيام الشارقة التراثية في مدينة كلباء، حيث ضربنا موعداً لنكون هناك جميعاً في منطقة خور كلباء، لمتابعة فعاليات وبرامج وأنشطة متنوعة، لتقدم لنا مشهداً متكاملاً يقطر بهجة وفرحاً، في ظل التزام تام، كما جرت العادة، بكافة الإجراءات الوقائية والاحترازية من أجل صحة وسلامة الجميع، لتمنح الفرصة لأهالي كلباء بالمشاركة في الاحتفاء بالتراث الثقافي العالمي ، وتعود بالذاكرة إلى التراث المحلي بما يحمله من غناء وأزياء ومأكولات وعادات وتقاليد وفنون وحرف شعبية».

وأضاف: «في كلباء الحضارة والتاريخ نلتقي في محطة جديدة لأيام الشارقة التراثية، ونغوص في التاريخ والجمال، فهناك في كلباء نطل على أكبر مستوطنة بشرية تم اكتشافها، تعود للعصر البرونزي، ومواقع أثرية عديدة، كحصن كلباء، ومبان تراثية قديمة مدهشة في تصميمها وجمالها».

 

كبار السن

من جهة أخرى يعود كبار السن إلى الماضي، لتذوق حلاوة أيامه، بعضهم يجوب ساحاتها ويتنقلون بين بيئاتها، يشعرون بأنهم يسيرون في سكيك الفرجان العتيقة، بينما آخرون يفترشون الأرض، ويسندون ظهورهم إلى جذوع النخل، في لحظة تفتح أبواب ذاكرتهم، يطربون على أنغام فرق الفنون الشعبية، من عيالة وهبان وليوا، بينما دلال القهوة تدق حواف الفناجين، في علامة على كرم الضيافة الإماراتية.

في حديثه، يتذكر الوالد سالم ناصر أيام زمان، ويقول: «هذه الأيام أشعر بأنني أعيش طفولتي وشبابي من جديد، فكل ما يدور حولي يعيدني إلى تلك الأيام الجميلة، عندما كانت بيوتنا تصنع من السعف والحجارة والطين، وعندما كنا نذهب إلى البحر، للصيد وطلباً للرزق، حيث كنّا نمارس حياتنا بكل بساطة».

وتحت ظلال النخل، يتخذ الوالد سالم محمد سعيد مجلساً، يراقب كيف كانت تتم صناعة الحبل من «ليف النخل»، ويرسم ابتسامة على وجهه، تعبيراً عن سعادته في الأجواء، التي يصفها بـ «الجميلة»، ويقول: «أحب العيش في هذه الأجواء، فهي تذكرني بأيام الماضي، عندما كنا صغاراً، ونساعد عائلاتنا في حرفها، فقد تعلمت مهنة صناعة الحبل لسنوات طويلة، عن طريق والدي وأجدادي».

أعمال يدوية

تقدم قرية الحرف التراثية في "أيام الشارقة التراثية" تشكيلة أعمال يدوية تقليدية، لا تخلو من اللمسات الفنية وتوظيف ما تتيحه الطبيعة في إنتاج ما ينفع الإنسان ويبهجه. وتنتمي مشغولات القرية إلى الحرف الإماراتية التي استمرت على أيدي بعض النساء، مثل عائشة علي التي جاءت من إمارة رأس الخيمة لتشارك في دورتها الـ 18 من الحدث، في ساحة التراث بقلب الشارقة.

وتعمل عائشة بمهنة "السفافة" لتنتج أشكالاً مختلفة تجمع بين الجمال والدقة، فتتحول حصيلة جهدها إلى مقتنيات لا تستغني عنها معظم المنازل والعائلات المحبة للتراث، إذ تستخدم سعف النخيل لصناعة الأواني والسلال والحقائب، حيث تضفر السعف بعد أن تهيئ الخوص أو السعف بمراحل من التنظيف والقص وانتقاء ما يصلح منه للسفافة من حيث الحجم والجودة والطول، ثم تليينه بالماء حتى لا يتكسر أثناء تشكيله؛ أما الخوص الملون، فيتم تحضير الألوان الطبيعية ليغمر فيها ثم يترك ليجف، وأثناء استخدامه يتم تليينه كذلك مرة أخرى بالماء.

ترجمة التراث

وتحت عنوان "ترجمة التراث الشعبي"، استضافت "الإدارة الأكاديمية" في "أيام الشارقة التراثية 18" الباحث التونسي في علم الأنثروبولوجيا، الدكتور محمد الجويلي، الأستاذ في قسم اللّغة العربية بكلية الآداب واللّسانيات في جامعة تونس، في جلسة حوارية ناقش فيها كيف يمكن للترجمة أن تخدم التراث الشعبي، وأدار الجلسة الدكتور صالح هويدي.

وأكد الجويلي أن التلاقي بين الترجمة والتراث الشعبي ظل يعد إشكالية حقيقية، وقال: "تظهر هذه الإشكالية لأن ترجمة التراث لا تعتمد على الترجمة الحرفية، وإنما هي نقل ثقافة شعب أو أمة إلى ثقافة أخرى مغايرة، لذا يجب مراعاة طبيعة الاختلافات بين اللغات أثناء عملية الترجمة".

وقال الجويلي: "لقد كان شارل بيلا، الذي فضل دراسة العربية على الألمانية والإنجليزية، مسكوناً في كتاب (الجاحظ)، وعكف على ترجمته ما يقارب العقدين، حيث واجه العديد من العقبات والتحديات والصعوبات في فهم بعض التعابير والكلمات والمصطلحات التي أوردها الجاحظ في كتابه".

Email