النوخذة بدر عبدالحكيم: التجديف رياضة ومفردة تراثية أصيلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

للرياضة بشكل عام وبمختلف أنواعها فوائد جمّة، حيث أثبتت الدراسات العلمية والأبحاث الطبية تأثيرها الإيجابي على صحة الإنسان البدنية والعقلية، ويزداد تأثيرها ليرتبط بالموروث الإنساني فتجمع بين الصحة البدنية والأصالة العريقة. كما أن الرياضات المرتبطة بالمحلي تضيف بعداً ثقافياً على النشاطات المرادفة لها وتجعلها، على بساطتها، نابضة بالحياة عبر العصور، رغم تطور التقنيات والأساليب المستحدثة على هذه الأنشطة.

أحد أهم الأنشطة البحرية المرتبطة بالبيئة المحلية الإماراتية ولا تتجزأ عن أصالة تراثها، هي رياضة التجديف التي نشأت مع الإنسان منذ صنعه القارب لعبور المياه، وتطور مع تطور الحاجة البشرية والإنسانية.

تمارس هذه الرياضة في مختلف أنحاء العالم وتقام لها مسابقات دولية، إلا أن المجتمع الإماراتي بالتحديد، كان يتنفس هذا الفن العريق، الذي كان جزءاً من تراثه الإنساني، حيث حققت الرياضات البحرية التراثية نجاحاً باهراً بعد أن مرت بمراحل عديدة منذ بدء تنظيمها في العام 1969 بإقامة أول سباق لقوارب التجديف، توالت بعده السباقات السنوية المنتظمة. ورغم أن هذه الرياضة لم تعد تمارس كما في السابق، إلا أن هناك من حمل على عاتقه مهمة إحياء رياضة من تراث الآباء والأجداد.

النوخذة بدر عبدالحكيم محمد ثاني شاب إماراتي، لديه شغف وعطاء فريد في مجال تراث آبائه وأجداده، وخاصة الرياضات والسباقات البحرية وصناعة السفن التراثية (القلافة). كما أنه يحمل لقب النوخذة منذ كان في العشرين من عمره، وهو يمتلك ثلاثة قوارب خاصة به، وقد أخذ على عاتقه تدريب الشباب والنشء على كل ما يتعلق برياضة التجديف كمبادرة فردية للمحافظة على هذه المفردة التراثية من الاندثار.

كيف بدأت تدريب الناشئين من الشباب على رياضة التجديف؟

بدأت رياضة التجديف منذ عام 1989. وبفضل الله أنا اليوم «نوخذة» على فريق «قارب الدفاع للتجديف». إن رياضة التجديف تحتاج إلى رافد من المشاركين (المجدفين)، ولأنني في هذا المجال لمدة تزيد عن ثلاثة عقود، اقترح عليّ الأصدقاء والمعارف تنظيم برنامج للمبتدئين من الناشئين والشباب لتدريبهم على أساسيات رياضة التجديف على القوارب الخشبية، خاصة للمشاركة في السباقات الدولية.

هل هناك برنامج محدد للتدريب ومما يتكون؟

وضعت مع بدئي بالتدريب في العام 1999، برنامجاً خاصاً لتدريبات خاصَّة ومُتنوِّعة لمجموعة مكوّنة من عشرة شباب تتراوح أعمارهم ما بين 18-22 عاماً، وذلك بتعليمهم بعض التقنيات الأساسية والقواعد السلوكية؛ وأتمّ البرنامج تدريباً بمعدل ثلاثة أيام في الأسبوع. في حين تكوّن البرنامج من لياقة بدنية إضافة إلى تعلّم أساسيات التجديف.

هل هناك مواعيد محددة للتدريب؟

بالعادة، أستغل فترة الإجازة الصيفية من شهر يونيو حتى نهاية سبتمبر لتدريب الشباب تمهيداً لمشاركتهم مع بداية موسم السباقات المحلية، كما أن لكل بطولة استعداداتها الخاصة بها، فالمسابقات العادية يختلف تحضيرها عن المسابقات الدولية من حيث استخدام القوارب والكثافة ونوعية التمارين والتدريب.

هل توجد عراقيل تحد من انتشار هذه الرياضة بين الشباب في الإمارات، وما الصعوبات التي واجهتك؟

حكومتنا الرشيدة تدعم هذا القطاع على الصُعد كافة، لكن نعاني من هجرة الشباب الإماراتيين لهذه الرياضة الجميلة إلى رياضات بحرية أو شاطئية أخرى، كما لا نلقى الدعم الكافي سواء المادي أو المعنوي والتشجيع من بعض الجهات المختصة كالإعلام والشركات الداعمة والرعاة لهذه الرياضة الجميلة. رغم أن الصعوبات التي نواجهها «كنواخذة» كثيرة، إلا أننا لم نقف مكتوفي الأيدي، وإنما قمنا بمبادرات فردية مكنتنا من استقطاب وتشجيع من يمكننا تدريبه من الشباب على هذه الرياضة التراثية، والتركيز على الدور المهم الذي يلعبه التراث البحري في إثراء النسيج الثقافي والاجتماعي.

 بالإضافة إلى المحافظة على التراث ماذا تقدم لك رياضة التجديف على الصعيد الشخصي؟

إن رياضة التجديف تحقق اللياقة البدنية للجسم، فهي تساعد على تحريك جميع عضلات الجسم بداية من عضلات الأكتاف والرقبة، حتى عضلات القدم. هذه الرياضة من أفضل الرياضات التي تشد الجسم وتقوي عضلاته. وما يميّزها أنها تعتمد على التنافس بين الفرق المختلفة، ولأن روح التنافس لديّ عالية فأنا أستمتع بممارستها كثيراً، كما علّمتني الثقة بالنفس والانضباط والالتزام من خلال ما تقدّمه من مجهود بدني وعقلي، وهي كذلك تعزز التعاون والعمل الجماعي لأنها رياضة جماعية وليست فردية، وهي أيضاً رياضة عريقة مليئة بالاحترافية والخبرة.

ما التغييرات التي طرأت على هذه الرياضة مع مرور الزمن وتطوّر التكنولوجيا؟

لم تطرأ أي تغييرات على الرياضة أو القوارب نفسها. ما زلنا نستخدم خشب الساج في السباقات لفئتي 30 قدماً و40 قدماً. وهذا الخشب يتميز بقوته ومتانته التي تكون عالية، كما أنه يكون مقاوماً للرطوبة وللحشرات. ولكن التطوير حصل في أعمال النجارة وأدى إلى تسهيل إنجاز وصنع القارب بسرعة وسهولة.

هل هناك مبادرات لتدريب الفتيات على رياضة التجديف، أم ما زالت هذه الرياضة مقتصرة على الذكور؟

لقد أثبتت المرأة قدرتها في المجالات كافة، لكن أغلب النساء اتجهن إلى ممارسة رياضة «الكاياك» للتجديف. وتتميز سباقات التجديف التراثية بكونها شاقة وتحتاج إلى طاقة وقوة جسمانية عالية.

Email