الحنين إلى الماضي يلهم الفنانين ويوثق الذكريات

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الفلسفة العميقة للحنين تلعب دوراً في الممارسات الفنية والبصرية، ولها تأثير قوي على إبداع الفنانين، حيث يستخدم الفنانون «النوستالجية» وهو مفهوم يوناني الأصل يعبر عن الحنين للماضي، كمصدر للإلهام والتعبير عن ذكرياتهم ومشاعرهم بطرق مبتكرة ومتنوعة.

ويعد الحنين موضوعاً شائعاً في الأعمال الفنية، حيث يساهم في تأسيس روابط عاطفية بين الفنان والجمهور المتلقي، عبر أعمال إبداعية عميقة المضامين وبالغة التعبير السردي، في الاختيارات الجمالية والموضوعات والأساليب المستخدمة في الأعمال الفنية، ومن منطلق ذلك يعمل الفنانون الإماراتيون والمحليون على تحويل تجارب الحنين لديهم إلى قصص بصرية، تبرز فلسفتها كعنصر أساسي لمشروعات توثق الماضي والحاضر.

وفي سياق سرديات الحنين وتأثيراتها على الحراك الفني والمشروعات التي يقدمها الفنان المعاصر في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط قالت هالة خياط المديرة الإقليمية لمعرض «آرت دبي» لــــ«البيان»: المناقشات حول مفهوم «الحنين» يختبر بشكل متكرر عبر مراحل زمنية وأحداث تاريخية توثق السرد الاجتماعي والإنساني والذي يحتاج إلى أن يُبنى ويُحافظ عليه تأكيداً على أهمية المشروعات الفنية التي تؤمن بعنصر الحنين إلى الماضي كأساس محوري لأي عمل فني.

ويرتبط مفهوم الحنين بذاكرة الماضي وتأثيراتها متعددة الاتجاهات في الحاضر كعلامة قيمة ولكنها تثير الجدل بشدة وغالباً ما تكون مؤشراتها الفنية عاطفية جداً، وهو الأمر الذي قد يقودنا إلى اكتشاف عوالم متجددة من التمازج والترابط شرقاً وغرباً كعناصر وأدوات مفاهيمية تسهم في تحليل أكثر دقة وموضوعية للعمل الفني.

موروث شعبي

من جهتها، قالت الفنانة صديقة جمعة المتخصصة في الفن الإسلامي المعاصر: الرسم والفنون التشكيلية والبصرية بوجه عام ما هي إلا تجربة عاطفية بالدرجة الأولى ومنها تنبثق عملية مركبة وشديدة التعقيد من الناحية الفلسفية والمفاهيمية وترتبط ارتباطاً وثيقاً برؤية الفنان وتقنياته الفنية والثقافية، وهو ما قد يخلق سياقاً أوسع للممارسة الفنية وطابعها الذي يمكن فيه استكشاف الحنين بشكل أعمق.

وغالباً ما يسير الحنين جنباً إلى جنب مع العاطفة نحو الموروث الشعبي والاعتزاز بالهوية الوطنية من خلال التعبير الفني عن الطقوس والعادات والتقاليد وطابعها المجتمعي وتأثيراته الانطباعية والجمالية، وعلى المستوى الشخصي، استخدم وفرة من الألوان والخامات للتعبير عن إيماني بقيمة العمل الروحانية والإنسانية عبر تضمين بعض أشكال العمارة الإسلامية، والأنماط المختلفة للخط العربي، بما في ذلك، تجارب رقمية مع حروف كوفية.

تجارب محلية

وأكدت الفنانة نادية درويش أنها تستوحي العديد من أعمالها من تراث الإمارات مستخدمة ألوان «الإكليريك» في تنفيذ الأعمال ومنها لوحة «مذهلة» تعبيراً عن فخرها بدور المرأة الإماراتية في المجتمع وفي تنشئة أجيال على العطاء والمثابرة، عبر إبراز حرفة «سفّ الخوص»، وحرفة نسائية بالدرجة الأولى كانت تمارسها النسوة عبر التاريخ لحياكة سعف النخل المجففة «الخوص»، لتزيين الجدران والسقف، ومن خلال استخدام الحنين إلى الماضي كفكرة للعمل الفني.

وفي محور آخر، طرحت الفنانة الإماراتية منال عمر العديد من اللوحات التشكيلية التي تدور حول الحنين إلى الماضي والتي تجسد الهوية والموروث الإماراتي وتهتم بقيمة إيجاد التوازن بين التقنيات المعاصرة وتجديد أرشيف الفنون المتوارثة وتاريخها في المجتمع، ومنها العمل الفني «العروس» الذي يسلط الضوء على الذهب بمسميات وأشكال عديدة في الماضي وكيف استخدمتها المرأة الإماراتية وطريقة لبسها قديماً، كما يسلط العمل الضوء على البرقع والعباءة.

 

Email