وسائل التواصل الاجتماعي تقرب المسافات وتخفف أعباء الغربة
تتيح وسائل التواصل الاجتماعي للأسر المهاجرة الحفاظ على روابطها العائلية، رغم التباعد الجغرافي وفارق التوقيت.
اخترنا حالات مختلفة لمهاجرين مقيمين في ألمانيا، وطرحنا عليهم أسئلة متنوعة لفهم ظروفهم وتجاربهم. ن
كشف كيف تسهم هذه المكالمات في تقليل شعور الغربة وتعزيز الروابط الأسرية، لكنها تؤثر أيضاً على عملية الاندماج.
تشمل الإيجابيات تقليص المسافات الشعورية وتقديم الدعم النفسي، بينما تشمل السلبيات تحديات مثل فارق التوقيت الذي قد يؤثر في التواصل، ويخلق انفصالاً عاطفياً.
محمد معصوم عبدالرحمن، سوري مقيم في ألمانيا منذ تسع سنوات، يوضح كيف استخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتجاوز المسافات مع خطيبته في سوريا.
يقول عبدالرحمن إنه خطب قبل سبع سنوات فتاة من بلده الأم، وكان شرط لمّ الشمل هو تعلمها اللغة الألمانية. ويؤكد أن تعليم اللغة عبر تطبيق «واتس آب» كان صعباً في البداية، ولكن بفضل ميزة الصوت والصورة ومشاركة الشاشة، أصبح التعلم أسهل وأكثر جدوى.
يوضح أن هذه التجربة لم تسهم فقط في كسر حاجز اللغة، بل ساعدتهم أيضاً في التعرف على بعضهم أكثر قبل الزواج، ما أتاح لخطيبته تحقيق مستوى متقدم في اللغة والالتحاق بالجامعة في ألمانيا.
يرى أن هذه الوسيلة كانت جسراً للتواصل اليومي، ما جعلهم يشعرون بالقرب رغم المسافات.
شيرين محمود، التي وصلت إلى ألمانيا من سوريا بمفردها تاركة زوجها وأطفالها وراءها، تروي تجربتها الفريدة في التواصل مع عائلتها عبر الوسيلة نفسها.
وتقول: كانت حياتي عبارة عن بث مباشر مستمر مع عائلتي، ما ساعدنا على الحفاظ على روابطنا القوية رغم المسافات. التواصل اليومي عبر الكاميرا كان شريان حياتي، حيث جعلني أشعر بأنني قريبة منهم.
محمد جلال الحسن، سوري مقيم في ألمانيا، يروي قصته عن التواصل مع عائلته في سوريا قائلاً: وصلت إلى ألمانيا قبل سبع سنوات، وكان التواصل مع أهلي شبه معدوم.
كنا نتصل بعد منتصف الليل بسبب سوء شبكة الاتصال لديهم حينئذ. قبل نحو أربع سنوات، تحسنت جودة الشبكة، وأصبح الاتصال أسهل، ما جعل المكالمات أسبوعية ثم يومية. الحديث مع الأهل خفف شعور الغربة لديه.
صالح حسين، سوري مقيم في ألمانيا، يشارك تجربته في التواصل مع عائلته المنتشرة عبر عدة دول وقارات، ويقول: أهلي موزعون في أماكن مختلفة، وفارق التوقيت بيني وأخواتي في أستراليا كبير. غالباً نتواصل من خلال الرسائل الكتابية والصوتية، ما يجعلنا نشعر أننا نعيش في عوالم مختلفة.
محمد حسن، الذي انتقل من سوريا إلى ألمانيا، يعكس تجربة خاصة في التواصل مع عائلته في وطنه.
يوضح أن نظرته إلى الحياة تختلف عن والديه، اللذين لا يزالان مرتبطين بشدة بوطنهما الأم سوريا نظراً للسنوات الطويلة التي قضياها هناك ولعلاقاتهما الأسرية والاجتماعية المتينة.
ويقول: التواصل مع الأهل في سوريا قليل بالنسبة لي، لأن معظم الأهل هنا، وقد عوضوني عن شعور الغربة. في المقابل، والداي يتحدثان مع عائلتهما في سوريا يومياً.
ومع ذلك، يعترف محمد بأهمية هذه المكالمات في الحفاظ على الروابط الأسرية، مؤكداً أنها تبقى أفضل من الانقطاع التام عن الأهل.