الفن التشكيلي يعد وسيلة فريدة للتعبير عن الثقافة والهوية، ومن خلاله أبدعت الفنانة مريم الهاشمي بتقديم لوحات مبهجة ومفعمة بالحياة. شغفها العميق بالفن منذ الطفولة.

ودعم عائلتها وأصدقائها، كانا الحافز الأكبر لاستمرارها في هذا المجال. وفي الحوار مع الفنانة نستعرض مسيرتها الفنية، التحديات التي واجهتها، والأعمال التي تفتخر بها.

تشكلت موهبة الرسم لدى مريم شرف الهاشمي منذ الصغر، لكنها توضح أنه لم يكن لديها اهتمام بالفن في البداية، حيث لم تعش في بيئة فنية ولم تختلط بفنانين في حياتها. وتقول مريم الهاشمي لـ«البيان»:

«لم يخطر ببالي أني سأصبح فنانة، خاصة أنني كنت من أوائل الطلبة في جميع مراحلي الدراسية وكان اهتمامي بالدراسة فقط. الرسم كان بالنسبة لي أداة للتركيز في حصصي الدراسية، فكنت أرسم أنماطاً عشوائية تساعدني في التركيز وكنت أيضاً استعمل الرسم في الحفظ».

وتضيف: «في مرحلة الدراسة الجامعية توقفت عن الرسم نهائياً ونسيته تماماً. في عام 2018، بدأت بالرسم مجدداً ومشاركة رسوماتي على منصة التواصل الاجتماعي «إنستغرام»، ومن هناك بدأت رحلتي في الفن واكتشفت هويتي الفنية وشغفي في هذا المجال».

تجربة 

وحول تجربتها في معرضها الخاص «Beauty In Black»، تشير مريم الهاشمي إلى أنه كان أول معرض فردي لها وأول مشاركة لها بأعمالها الفنية، وتقول: «كنت دائماً مترددة في المشاركة في المعارض الجماعية لأنني كنت أود عرض أعمالي لأول مرة بصورة تتناسب مع هويتي وشخصيتي. لذا قدمت معرض في مقهى «فلات 12»، ولم تكن لدي الخبرة الكافية لإقامة هذا المعرض ولا المقومات، ولكن شغفي كان كبيراً وكنت مصممة على نجاح هذا المعرض بأي وسيلة». 

وتضيف: «لم يكن الهدف الأساسي من المعرض البيع، بل التسويق وتقديم نفسي بصورة رسمية في المجال الفني وعرض لوحاتي بطريقة تناسبني. وكان لـ«فلات 12» دور كبير في نجاحي». 

وتوضح: «لقد واجهت الكثير من التحديات، خاصة أنني كنت أعمل على إدارة المعرض لوحدي. كانت فكرة اندفاعية لم أتردد في تنفيذها، وكنت أعلم أنه إذا لم أتخذ هذه الخطوة فلن أبدأ أبداً. وهذه كانت الخطوة الأولى في دخولي للمجال الفني».

أهداف إنسانية 

وعن شعورها بعد بيع لوحتها «الجاثمة» في مزاد خيري، قالت مريم: «شاركت في المزاد الخيري الخاص بـ«Art Be Apart»، حيث تم جمع ما يقارب 600.000 درهم لدعم تعليم الفن في الهند. وشارك العديد من الفنانين في هذا المعرض من داخل وخارج الدولة، وكنت الفنانة الإماراتية الوحيدة المشاركة. تم عرض لوحتي «الجاثمة» في المزاد المباشر، وكان سعر البدء بالمزايدة 10.000 درهم، وتم بيع اللوحة بمبلغ 14.000 درهم». 

وتضيف: «كانت تجربة استثنائية وشعوراً رائعاً برؤية المزايدة على لوحتي، فقد كان التوتر كبيراً في لحظة عرض اللوحة على المنصة، وأخذ وقتاً طويلاً حتى تم رفع أول بطاقة مزايدة. أشعر بالفخر بمساهمة لوحتي بجمع هذا المبلغ المالي للأعمال الخيرية، وهذه رسالة بأن الفن يمكن أن يسهم في أحداث التغيير والتأثير».

 وتردف: «يجب علينا تعزيز دور الفن في هذا المجال، وتمكين الأعمال الخيرية كمحور أساسي في الاقتصاد الفني. إن تكامل الفن مع الأهداف الإنسانية يمكن أن يحدث تحولاً كبيراً في كيفية تعاملنا مع القضايا المجتمعية والإنسانية».

تجاري واستثماري

وعند الحديث عن كيفية دمجها بين خلفيتها في الإدارة المالية والفن التشكيلي، تشير مريم الهاشمي إلى أنها أمضت فترة في دراسة الجانب التجاري والاستثماري للفن حتى تكون على اطلاع أكثر بالسوق. 

وتوضح: «الفن هو أكثر من مجرد رسم وعرض للوحات فله جوانب متعددة يجب دراستها، والعلم في هذا المجال مهم جدا سواء كنت فنانا أو مستثمرا فهناك جوانب قد تغفل عنها في التجارة ما لم تستعن بالخبرات والمعلومات الصحيحة». 
وتضيف: «الفن لديه إمكانيات اقتصادية استثمارية كبيرة، ولكنها لن تتحقق إلا بتوعية المجتمع حول هذه الجوانب وبتشكيل ثقافة فنية تجذب المستثمرين سواء داخل الدولة أو خارجها». 

وتؤكد مريم الهاشمي على ضرورة زيادة الوعي حول كيفية الاستثمار في الفنون الإبداعية وتعميق المفاهيم المتعلقة بها، مشددة على أن الأعمال الفنية تمثل شكلاً من أشكال الاستثمار، وأن هناك سوق تجاري متكامل لهذا النوع من الاستثمار.

حيث يضم سوق الفن الاستثماري عدة جوانب بما في ذلك الأعمال الفنية المتداولة في المزادات والمعارض والمستثمرين في الفن والغاليريهات والمتاجر التي تبيع الأعمال الفنية، إضافة الى المقيمين الفنيين والنقاد والمستشارين. وجميع هؤلاء يساهمون في بناء نظام بيئي متكامل يدعم ويحافظ على العالم الفني.

تبادل المعرفة 

وفيما يتعلق بنصائحها للفنانين الشباب، تؤكد مريم الهاشمي على أهمية المعرفة والعلم في هذا المجال، مشيرة إلى ضرورة دراسة الجانب التجاري والتسويقي واكتشاف السوق وتبادل المعرفة مع الأفراد في المجال الفني لتسريع عملية النجاح، وتقول:

«تذكر أن كل فنان مختلف بهويته الفنية ولكل فنان جمهوره الخاص، لا تسعى أبدا لإرضاء الجميع فالأذواق تختلف. اسعى لإرضاء نفسك والعمل على تطوير ما ترى فيه شغفك وكن مؤمنا أن تميزك هو مصدر قوتك».

عن دور التعليم الفني في المدارس، توضح مريم الهاشمي أن هناك تحديات كثيرة في المجال الفني ومنها التنشئة الصحيحة للفنانين والمبدعين في المدارس وتمكينهم. 
وتشير إلى زيارتها لمعرض فني نظمته إحدى المؤسسات في الدولة للتعليم لعرض أعمال الطلاب الموهوبين، وتقول: «تحدثت مع الطلاب حول الوضع الحالي لتعليم الفنون ومستوى الدعم الذي يتلقونه.

 وتشدد مريم الهاشمي على أهمية تعليم الطلاب المبدعين في بيئات تتناسب مع مواهبهم واهتماماتهم، مشيرة إلى أن تثقيف المجتمع من مختلف الأعمار مهم فقد تحدث الطلاب عن قلقهم من الحصول على دعم من والديهم لدخول المجال الإبداعي معتقدين أنه بلا فائدة وأنهم لن يكون لديهم مستقبل.

 وتشير مريم الهاشمي إلى ضرورة تثقيف الآباء وإشراكهم في عملية مساعدة الطلاب على بدء مهنة في المجال الذي يحبونه، لدينا شريحة كبيرة من المبدعين والمحبين للفن في المدارس ويجب علينا دمجهم مع المجتمع الفني ومساعدتهم نحن كفنانين بإعطائهم الأدوات اللازمة للبدأ في مسيرتهم الفنية ومشاركة تجاربنا معهم لتعم الفائدة.

لغة فنية 

وعن تجربتها في معرض»Bingyol’s Art Gallery«في موسكو، توضح مريم الهاشمي أن قبل دخولها إلى المجال الفني، كانت لديها رغبة في تعلم أساسيات الفن من الجانب التجاري والتسويقي، وتقول:

»لذلك قمت بالتسجيل في أكاديمية «Bingyol’s Art Academy». وكانت هذه الأكاديمية جديدة، وقررت التسجيل من باب التجربة والرغبة في الانخراط في العالم الفني والاستفادة من تجارب الآخرين. كانت التجربة مفيدة جدًا وفريدة من نوعها، حيث وجدت نفسي لأول مرة في غرفة مع أشخاص يتحدثون نفس لغتي الفنية«.

وتشير مريم الهاشمي إلى مشاريعها الفنية المستقبلية، مؤكدة أنها تعمل على عدة مشاريع حاليًا، منها مشاريع خاصة بترويج أعمالها وأخرى تهدف إلى توعية الأفراد وتغيير أفكارهم حول المجال الفني، ما سيساهم في إنعاش الاقتصاد في هذا المجال. وتوضح:»نحن حاليًا في مرحلة الدراسة والبحث لتطوير هذه المشاريع بشكل فعال"