في عصر التحديات البيئية الكبرى، تلعب الفنون دوراً محورياً في توعية الجمهور والتأثير على الوعي العام تماماً كما تفعل غيرها من وسائل التوعية والتوجيه المباشرة.
وبات العديد من الفنانين المعاصرين يوظفون أعمالهم الفنية كوسيلة لإثارة النقاش والتأمل حول القضايا الملحة التي تواجه العالم اليوم، خصوصاً المتعلقة بالتغير المناخي والمشكلات البيئية.
ويهتم الفنانون في دبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام بالقضايا البيئية من خلال فنونهم وإبداعاتهم المتنوعة، حيث يسلطون الضوء على البيئة والتغيرات الحاصلة فيها من خلال العديد من المعارض والفعاليات التي تقام بشكل مستمر لدعم جهود الاستدامة وتعزيز الوعي البيئي.
وأكدت الفنانة التشكيلية الإماراتية الدكتورة مريم كتيت لـ «البيان» أن تسليط الضوء على القضايا البيئية والكائنات التي شارفت على الانقراض عبر مختلف الوسائل الفنية سواء بالرسم أم التصوير أم النحت وغيرها، واستخدام مواد معاد تدويرها أم مواد عضوية، أمر يتعين على كل فنان التفكير فيه خلال رحلته الفنية بدءاً من الألوان التي سيستخدمها والمواد وطريقة العمل وأيضاً العرض.
وقالت: «مشاركة الفنانين في المعارض المختلفة تحمل رسائل هادفة فحواها المحافظة على البيئة، ومحاولة عرض أعمالهم الفنية المتعلقة بهذا الشأن عبر التقنيات الحديثة المتوفرة الآن في مختلف أنحاء العالم، فعلى سبيل المثال أنا أعرض مختلف أعمالي عبر تقنية الميتافيرس».
وأضافت: «في البرازيل يوجد متحف بعنوان «فن الغد» يتضمن قسماً تفاعلياً يوجه الأسئلة للزوار حول العديد من الأمور في حياتهم وأنشطتهم ليحلل في النهاية البصمة الكربونية لكل شخص ويظهرها بشكل فني جميل يجعل المتفرج في حالة دهشة وانتباه أيضاً لما يمكنه فعله تجاه البيئة والكوكب من خلال تعديل تصرفاته وتشعره بالمسؤولية الحقيقية تجاه الطبيعة في تصرفاته في الحياة اليومية».
من جهته أكد ناصر عبدالله، منسق فني والرئيس السابق لجمعية الإمارات للفنون الجميلة، أن الفن واحد من أدوات التفكير والتعبير المهمة ومن الضروري أن يكون هناك تنوع في المواضيع التي يطرحها الفنانون، مشيراً إلى الحاجة الملحة لأن يطرح الفن مواضيع مختلفة وذات مغزى في مختلف المجالات لأن حياة الإنسان المعاصر فيها العديد من المواضيع التي يمكن تناولها من خلال الفن.
وأوضح أن المواضيع المتعلقة بالتغير المناخي بشكل خاص وبالطبيعة والبيئة بشكل عام يمكن التعبير عنها من خلال محتوى خاص بها، واستخدام أدوات ومكونات طبيعية سواء أكانت مواد تمت إعادة تدويرها أم الخامات التي يتم العثور عليها في الأماكن الحضرية مرمية ومهملة يمكن استخدامها في الفن كما يفعل العديد من الفنانين حول العالم.
وأضاف: «أتحفظ على الطرق المباشرة في الفن، فالفنان ليس واعظاً، بل بمثابة باحث وناشط في مختلف القضايا ويسلط الضوء عليها، ومن خلال تكرار الطرح في موضوع معين من شأنه أن يضيء عليه، إذا ما اهتم بموضوع ما سيكون عليه عاتق إيصاله للجمهور بطريقته الخاصة.
ويجب أن ينتبه على القنوات التي يوصل من خلالها المواضيع ما يراه مناسباً سواء عبر وسائل التواصل أم القنوات الإعلامية أم طريقة طرح مختلفة تصل للمجتمع بشكل مباشر وتثير نقاشاً وحواراً حول هذه القضية، دوره أن يثير تساؤلات ويحرك المياه الراكدة بشكل أو بآخر».
المصور الإماراتي حامد آل علي أكد أن اهتمامه بتصوير الطبيعة بشكل خاص يسلط الضوء على مدى أهمية الحفاظ على الحياة الفطرية والبيئة بأفضل أشكالها، مشيراً إلى أنه اختار كينيا كوجهة أساسية من وجهات التصوير التي يفضلها كونها سنت قوانين خاصة تمنع الصيد الجائر، وبالتالي تتوفر فيها العديد من الكائنات والمخلوقات التي ما زالت تتمتع بطبيعتها الخلابة ووجودها المهم ضمن دورة الحياة ولا تتعرض لتخريب البشر.
وأوضح أن هذا الأمر يسري أيضاً في الإمارات، حيث تم الاهتمام بالحياة الفطرية والبيئة ومنع صيد العديد من الطيور والحيوانات البرية حتى تحافظ على بقائها لفترة أطول، مشيراً إلى أن الفنان بعدسته يمكنه بكل تأكيد تسليط الضوء على التحديات البيئية وقضاياها من خلال عدسته أو ريشته فالفن يصل سريعاً لقلوب وعقول الكبار والصغار.