«الشارقة الدولي للكتاب» يضيء على الكتابة بعيداً عن الأوطان

اتفق عدد من الكتّاب على ضرورة وضع مفاهيم جديدة تحدد سمات الكتّاب البعيدين عن أوطانهم، موضحين أن الشتات أو المنفى لم تعد قائمة كما كان في السابق، نظراً لتغير الكثير من الظروف أبرزها الثورة الرقمية التي نعيشها، وظهور مجتمعات الجاليات العربية في الغرب.
جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «الكتابة بعيداً عن الأوطان»، والتي أقيمت ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ42، واستضافت كلاً من: الأديب العماني د. هلال الحجري، والروائية السورية سمر يزبك، والروائية العراقية بتول الخضيري، والأديب اليمني د. همدان دماج، وأدارتها الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري.
أدب الشتات
وقال الشاعر والباحث، الدكتور هلال الحجري، إن الدراسات العربية ربما تفضل استخدام كلمة «المهجر»، والتي يسميها البعض كتابات المنفى، ففي العصر الحالي هناك مساق معين ندرّسه لطلابنا نسميه «أدب المهجر» ويتناول هجرة الكتّاب العرب في مطلع القرن العشرين إلى الأمريكتين، وتشكل عنها أدب له سماته وخصائصه، لكن المؤرخين للأدب قالوا إنها ظاهرة تاريخية توقفت.
وأضاف: «لهذا السبب تقول دراسة الشتات في الجامعات الأجنبية، إن هذا الأدب مستمر طالما هناك منافي وكتّاب تركوا أوطانهم أو اضطرتهم الظروف إلى الخروج منها»، مشيراً إلى أن مصطلح الشتات هو الأكثر شمولاً والأكثر دراسة، بل أن هناك دراسات ثابتة في العلوم الأجنبية تسمى دراسات الشتات، وهناك معهد متخصص باسم معهد الدراسات الدولية للشتات والعبور الثقافي تديره 4 جامعات دولية من جنسيات مختلفة، بهدف دراسة التمثيل الثقافي والتمثيل الذاتي لشعوب من شتاتات مختلفة.
وذكر الحجري، أن ويليام سافرون أستاذ العلوم السياسية في جامعة كلورادو رسم مجموعة من الملامح المميزة لأدب الشتات، منها أنها تتسم بتشتت شعب أو أسلافه عن مركزهم الأصلي إلى وطنين هامشيين أو أكثر، وهناك ما يتسم بذاكرة ترتبط بأسطورة عن هذا الوطن، وكذلك الإحساس بعدم القبول أو الاغتراب في المجتمع المضيف.
وأشار إلى أن من بين الملامح، الاحتفاظ بذاكرة جامعية بأن الوطن الحقيقي هو وطن الأجداد، وأن العودة له حتمية في أي وقت، فضلاً عن سمة أخرى تتعلق بتعريف واعٍ للعرق، ناتج عن الإحساس بهذا الوطن.
تغيير كبير
بدورها، أكدت الكاتبة والروائية سمر يزبك، أن كل المفاهيم التي كنا نتحدث عنها مسبقاً حول الهجرة أو الشتات أو أدب المنفى تمر بمرحلة تغيير كبير؛ وقالت: «لم نعد نتحدث عن المنفى كما في السابق بعد الثورة الرقمية، وبالنسبة لي كعربية سورية الحديث عن الأوطان لكتّاب مثلنا لا يحتم أي مقاربة من أي نوع للشعرية والغنائية والحنين كما الغالب لشعراء المهجر في الماضي».
وأضافت: «حتى المفهوم الجغرافي في فلسفة المكان تغير، فلم تخرج نصوص في السنوات العشر الأخيرة ذات شعرية غنائية تتحدث عن المنفى كما في السابق، ومن ثم نحن الآن في انتظار ولادة إنسانية جديدة بما فيها علاقتنا بالأدب والأوطان وتعريف مفاهيم أخلاقية وكذلك علاقتنا النفسية بمفهوم الكلمة وتأثيرها».
مفاهيم الغربة
من جانبه، أكد الأديب والكاتب همدان دماج، «أننا بحاجة اليوم إلى إعادة شرح مفاهيم الغربة والبعد عن الوطن»، قائلاً: «إن الجيل الحالي من الكتّاب الذين يعيشون خارج أوطانهم الأصلية في الوطن المضيف، لا يستطيعون أن يقارنوا بالأجيال السابقة من الكتّاب أو المبدعين الذين هاجروا في فترات سابقة».
وأوضح أنه هناك عاملين يعكسان هذه المقارنة، أولهما أن الذين غادروا سابقاً كانوا قلة يشعرون بالعزلة، لكن اليوم نعلم وجود جاليات عربية في أوروبا، ومن ثم فإن الشعور بالحنين للوطن يخف لأن هناك مجتمعات محلية تتكون. أما العامل الثاني فهو ثورة الاتصالات والتواصل الاجتماعي التي نعيشها، والتي جعلت البعيد قريباً والقريب بعيداً.
وأشار همدان دماج إلى أن التعاريف الكلاسيكية لمفهوم البعد والحنين والاغتراب بحاجة إلى إعادة تقييم لأن الظرف الذي نعيشه مختلف، فالاغتراب لم يعد هو الاغتراب بالمعنى الكلاسيكي.
ضعف اللغة
بدورها، أوضحت الكاتبة العراقية بتول الخضيري، أن علاقتها باللغة العربية استغرقت وقتاً طويلاً لحين الوصول إلى الكتابة، بسبب ضعف اللغة لديها في طفولتها، لأنها لعائلة من رجل أعمال وأم اسكتلندية، تتحدث الإنجليزية فقط، لافتة إلى أن والدها كان له دور مؤثر في تعلمها العربية عبر «الشعر العربي».
وقالت: «كان لديّ الحنين للوطن وأنا موجودة به، وبقيت 6 سنوات لم أستطع رفع العلم العراقي في المدرسة أثناء طفولتي، وكان البعض يعتبرني مغتربة نظراً لكون والدتي اسكتلندية، لكن حينما تركت العراق كان هدفي رفع العلم العراقي بكتاباتي».