حالة من التساؤلات باتت تكثر خلال الفترة الأخيرة، حول سبب اختفاء مسرح القطاع الخاص في مصر في ظروف غامضة، فبعد أن كانت مصر رائدة من رواد المسرح، وكان القطاع الخاص يقدم سنوياً أكثر من 40 مسرحية، أصبح لا وجود له حالياً، فما السر وراء ذلك؟
تساءل عدد كبير من عشاق المسرح، أين نجومه الكبار بفرقهم؟ أين أحمد آدم ومحمد هنيدي ومحمد سعد وغيرهم؟، ولماذا لم يظهر جيل جديد من المسرحيين ليستعيدوا بريق مسرح القطاع الخاص من جديد؟.
«البيان» استطلعت آراء بعض النقاد، حول هذا الأمر، حيث أكدوا أنّ المسرح الخاص في مصر بات غير موجود؛ لأنه يحتاج ميزانيات ضخمة، كما أنّ الإقبال الجماهيري أصبح متجهاً ناحية السينما والدراما أكثر.
الناقد الفني طارق الشناوي أكّد في تصريح خاص لـ «البيان»، أنّه علينا الاعتراف بأن المسرح الخاص في مصر شبه متوقف، لا سيّما بعد ابتعاد الفنان عادل إمام عن تقديم الأعمال المسرحية والذي دام نحو 10 سنوات وأكثر، ورحيل العمالقة الآخرين ومنهم سمير غانم وسهير البابلي وسمير خفاجة ومحمد نجم وغيرهم من رواد المسرح.
وأضاف الشناوي: «هناك محاولات ينفذها الفنان أشرف عبدالباقي، من خلال مسرح مصر بين الحين والآخر، لكن بالفعل قوة القطاع الخاص جعلت المسرح الخاص، في وقت سابق، محطة مهمة لمجيء الجمهور العربي، والخليجي تحديداً، ممن كانوا يتوجهون لحضور مسرحيات الفنان عادل إمام منذ سنوات، ولكن الآن هذه القوة اختفت، ونحن في انتظار عدد من النجوم ممن يمتلكون قاعدة جماهيرية مثل أحمد حلمي وأحمد مكي، في جذب الجمهور مرة ثانية للمسرح.
فيما قال الناقد الفني «محمد عبدالخالق»، إن مصر شهدت خلال العشر سنوات السابقة تراجعاً كبيراً للمسرح الخاص، وكان أبرز مظاهر الجذب للسياحة العربية في هذه الفترة، مشيراً إلى أنّ نموذج المسرح القائم على النجم الكوميدي الكبير غاب في مصر، خاصة بعد جيل عادل إمام وسمير غانم ومحمد نجم. وأوضح أن المسرح بدأ أخيراً محاولات استعادة بريقه مرة أخرى لكن بشكل وروح جديدين، عبر عدة عروض كان أهمها: «أنستونا»، و«كازينو بديعة»، و«ياما في الجراب يا حاوي»، لكنها كانت عروضاً سريعة لفترات غير طويلة، تقوم على البطولة الجماعية لا تعتمد على نجم كبير، ناهيك عن ظهور مواهب شابة في مسرح الدولة، استطاعت أن تعيد المشاهدين مرة أخرى لكراسي المسرح، وقد شهد العام 2023 مسرحيات عدّة حققت نجاحات كبيرة فنياً وجماهيرياً، منها: «طيب وأمير»، و«سيدتي أنا»، و«خطة كيوبيد»، و«باب عشق» وغيرها.
ويرى الناقد الفني أحمد سعد الدين، أن الفنان محمد صبحي هو الوحيد الذي يقدم مسرحاً خاصاً حالياً وخارج القاهرة على الطريق الصحراوي؛ ولذا فالمسرح الخاص أصبح مندثراً لأنه يتطلب ميزانيات ضخمة وتجديدات مختلفة. وبيّن أن الجمهور الحالي تغيّر عن الزمن الماضي، فالجيل الذي كان يعشق ارتياد المسارح ويؤمن بتقديم المسرح رسائل مهمة، قد اختفى.


