الراوي

فهد حسن عبدالله الحمادي.. قلب ربطته الحكايات بالبحر

ت + ت - الحجم الطبيعي

الراوي، زاوية تبرز الرواة ممن توارثوا مهارة السرد ونقل المضامين من الذاكرة إلى الواقع، وذلك عبر المجالس والاجتماعات والفعاليات، متناولين التراث المحلي الإنساني عبر السنوات أباً عن جد، ومعالجين عدداً من القضايا الاجتماعية، ليسلطوا الضوء على التراث والشخصيات والقبائل، خاصة أن لكل منهم أسلوبه المميز للحديث عن الأماكن والقبائل. وفي الشعر والقصص والمواقف البطولية، يعتبر الراوي الذاكرة الحية التي تضيء لمن أُشكل عليه أمر أو معلومة ما، وهو المعلم في مجال سرد المعلومات التي تناقلتها الأجيال. ليكون الراوي بذلك الوجهة التي يقصدها الباحث للحصول على أصل المعلومة، فضلاً عن الجهات الرسمية التي تقصده في مناسبات كثيرة لذات الهدف، ولكن اليوم ومن هنا نتوجه للرواة لنقدم نبذة عن حياتهم؛ توثيقاً لسيرة مختصرة عن كلٍ منهم، تكريماً لهم ولدورهم الإنساني.

فهد حسن عبدالله الحمادي سليل أسرة عرفت بأن أجدادها قادة في البحر، وقد ولد في مدينة خورفكان في بيئة أغلب رجالها بحارة وقادة سفن للصيد والتجارة؛ ولذلك وجد نفسه يستعيد يومياً حكايات الرجال التي ربطت قلبه بالبحر.

وفي منزل الأسرة مرت الشهور والسنون وهو يستمتع بالقصص والذكريات التي تروى يومياً عن المواقف التي تحدث، ويستمع للأسرار التي تروى حول ما يتحمله الرجل لأجل أن يعيش شجاعاً وغنياً عن الحاجة.

يعيش فهد كل ذلك مع نفسه، ويفخر بوالده وما تعرض له من أهوال، لكنه أصبح خبيراً في السفر، ولكن بداية فهد كانت في دولة الكويت، حين ولد في النصف الأول من الستينيات، وهناك كانت بداية قصة عشقه للبحر، لأنه عاش مع الصيادين والبحارة، وتعرف على السفن وأنواعها والمسميات التي تطلق عليها، ولم يكن يمل من قضاء الساعات مع والده ورجال البحر على الشواطئ أو في البحر.

بعد أن عاش الجزء الأول من طفولته في الكويت، عاد مع أسرته إلى خورفكان الرائعة ببحرها والقصص البطولية، وبدأ مرحلة جديدة من علاقته بالبحر، وواجه ربما صعوبة في الصيد فيه لوجود التيارات والعمق الشديد، وتعرف على القصص البطولية لرجال خورفكان وأهل المناطق، وذلك شجعه على المضي قدماً في حرفة الصيد، التي لم تكن سهلة، وأحب التجارة والأسفار، وهو يرى أن مكونات البيئة المحيطة به مميزة، خاصة وأن أهالي المدينة لهم عادات وتقاليد خاصة ومميزة، حتى في الأمثال والقصص التي في الغالب حقيقية، تأتي من عمق الأحداث.

شعر الراوي فهد بأنه يملك مجموعة من المهارات، ومثلما كان يستمع للروايات، أصبح من المتمرسين في نقلها، وأيضاً في ممارسة بعض الحرف المهمة، ومن أحب ما يمنحه للسامع تلك الروايات في السفر لأجل جلب مواد تصنيع السفن من ما يعرف بسواحل أفريقيا وزنجبار، خاصة أن شرق أفريقيا كان معروفاً بوجود غابات يصنع منها (الجندل)، وهو خشب خاص لأجل السفن، وأيضاً لأجل البناء، حيث كانت البيوت وأسقفها تبنى من تلك الأنواع القوية، كما عرف رجال أسرته رحلات السفر إلى وجهات أخرى في الخليج للبيع والشراء، خاصة جلب التمور من العراق والأقمشة والتوابل والعطور من الهند، وأيضاً كانت هناك رحلات لجلب المشغولات من الخناجر والبنادق والحلي.

ولم يقل عشق فهد بن حسن الحمادي للبحر لأنه دائم الحديث عنه؛ ولذلك اشتهر بأنه يحمل كنوزاً من الموروث الذي يطيب سرده، وفي الوقت ذاته بقي فهد محافظاً على مهنة الصيد وبيع الأسماك، وأصبح مشهوراً في مناطق الدولة بأنه يجيد البيع بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي.

 

طباعة Email