تصنع الفنانة هنادي بدو، الدمى الإماراتية التقليدية، بشغف وإبداع، يوشيهما التراث وروح الهوية، وهي ممارسة قديمة تعلمتها من جدتها بالمواظبة والتجريب فعمدت إلى تطوير هويتها الثقافية والشعبية، في إطار حفظ الهوية المحلية للفنون الحرفية والمصنعة من خامات محلية مستدامة تزينها الملابس التقليدية المتعددة المسميات والأشكال وفي مقدمتها الشيلة، والعباية، والبرقع. واشتهرت كثيراً من ابتكاراتها بقوالبها وملامحها التي تبرز فيها الدمى بعيونها الواسعة وشعرها الطويل وسيماتها العربية.
وفي السياق، تؤكد الفنانة ومصممة الدمى الإماراتية هنادي بدو، لـ«البيان»، أن مشغولات الدمى في الإمارات هي جزء من الفنون الشعبية التقليدية التي مارستها الأمهات والجدات وكان لها حضور استثنائي في كل بيت إماراتي في الماضي، وكانت تحمل الفتيات الصغيرات الدمى بكل فخر واعتزاز كصديقات صغيرات لهن نفس الملامح والزي، فيتبادلن القصص وينادينها بأسماء وصفات محببة.
زي شعبي
وتضيف هنادي: كنت أجالس جدتي وهي تصنع الدمي المتعددة الأشكال والأزياء التقليدية مثل «المخور والثوب والشيلة والبرقع»، والمصنوعة من أقمشة كانت سائدة آنذاك مثل «بو تيله، وبوطيرة، وبوقليم». وقد عشقت تقنياتها وأفكارها الإبداعية، ومنذ أكثر من 4 سنوات بدأت في احتراف تصميم الدمى الشعبية والتي يتم تصنيعها من خامات محلية للأقمشة وحشوات القط، وكرست تصاميمها للحفاظ على هذا العنصر من التراث الثقافي المرتبط بشكل خاص بالمرأة، بقوالبها وملامحها بعيونها الواسعة وشعرها الطويل وملامحها العربية بمقاس 42 سنتمتراً.
وتتابع هنادي: عبر شغفي بتصنيع الدمى اليدوية بدأت بعمل فنون التطريز وتقنيات الخياطة الدقيقة لربط الخامات والقطع مع بعضها مع الاهتمام بالتفاصيل وتكوين حس معرفي لطبيعة الدمى وتصوّر شكلها وزينتها، وأركز معها على إبراز تسريحة الشعر المعتق بعطر شعبي وهو الخمرية، مع محاولة الرسم الدقيق على القماش بهدف إثراء ملامح الدمية والتي تمتاز بالعيون المكحلة الواسعة والرموش الطويلة والأنف العربي، كما أضفت لمظهرها الخارجي مع الأزياء أشكالاً من تصاميم الذهب الإماراتي والذي تحمل مسميات محلية كـ«المرتعشة والطاسة والشغاب».
500 دمية
وتؤكد هنادي أن صناعة دمية واحدة في بدايتها كان يستغرق ما يقارب شهراً كاملاً وبالممارسة باتت الدمية الواحدة لا تستغرق أكثر من 4 أيام. وتتابع: صنعت حتى الآن ما يقارب 500 دمية تحمل أسماء محلية كـــ: حمدة أو سلامة. وللذكور: راشد وحمد.. وغيرها من الأسماء الإماراتية المشهورة. ويعتمد نجاح الشكل النهائي للدمية على العديد من العوامل أهمها اختيار الأقمشة المناسبة للدمية، وحجم الدمية، وذلك بتحديد الأجزاء المختلفة من الجسم.
شخصيات
وتضيف هنادي: وتعد مرحلة قص الأقمشة من أهم مراحل التنفيذ، حيث يتم قصها على الشكل المحدد، مع ترك مساحة إضافية للخياطة، ومن ثم تتبعها مرحلة التعبئة وهي ملء الجسم بالحشوات، باستخدام القطن، وأخيراً تأتي مرحلة تشكيل الدمية وإضافة التفاصيل الصغيرة، إلى جانب خياطة قطع الأقمشة معاً باتباع النمط المحدد، ويستخدم الخيط المناسب للون الأقمشة، وضبط مرحلة تجميع أجزاء الجسم، بحيث تتناسب مع الشكل المحدد، ويتم ربط الأجزاء ببعضها باستخدام الخيط والإبر، مثل العيون والأنف والفم والأذرع والقدمين، ومن ثم أختار الزي المناسب للشخصيات الإماراتية النسائية والرجالية.
حضور تاريخي
وتعتقد هنادي أن حرفة صناعة الدمى في الثقافة الشعبية العربية مرتبطة كل الارتباط بحياة الجماعة والشعوب وكذلك التاريخ والأسطورة، ومليئة بالرموز والتعبير الغني بالأصالة والتنوع في الأساليب والخامات والتوظيف الذي أسهم في إكسابها صفات وسمات فنية وحضوراً استثنائياً في تكوين الموروث والسرد القصصي، والتي انتقلت عبر العصور إلى مسارح العالم وساحاتها الشعبية كفن شامل غني بالتفاصيل.


