سلطان بن غافان.. علاقة مع البحر حية بالنهمة والشلة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الراوي زاوية تبرز الرواة ممن توارثوا مهارة السرد ونقل المضامين من الذاكرة إلى الواقع، وذلك عبر المجالس والاجتماعات والفعاليات، متناولين التراث المحلي الإنساني عبر السنوات أباً عن جد، ومعالجين عدداً من القضايا الاجتماعية، ليسلطوا الضوء على التراث والشخصيات والقبائل، خاصة أن لكل منهم أسلوبه المميز للحديث عن الأماكن والقبائل. وفي الشعر والقصص والمواقف البطولية يعتبر الراوي الذاكرة الحية التي تضيء لمن أُشكل عليه أمر أو معلومة ما، وهو المعلم في مجال سرد المعلومات التي تناقلتها الأجيال، ليكون الراوي بذلك الوجهة التي يقصدها الباحث للحصول على أصل المعلومة، فضلاً عن الجهات الرسمية التي تقصده في مناسبات كثيرة للهدف ذاته، ولكن اليوم، ومن هنا، نتوجه للرواة لنقدم نبذة عن حياتهم، توثيقاً لسيرة مختصرة عن كل منهم، تكريماً لهم ولدورهم الإنساني.

الراوي سلطان بن غافان سعيد آل علي من مواليد أم القيوين عام 1953، وكانت طفولته مباشرة على البحر الذي ارتبطت وتوثقت تفاصيل حياته به، وتحديداً في أرجاء أم القيوين القديمة، حيث عاش في كنف والده حتى عام 1963 حين توفاه الله، وكان سلطان حينها صغيراً في الصف الثالث.

عام 1964، وجد بن غافان نفسه ملزماً بالتفكير والتصرف لأجل أسرته الصغيرة، وكان أحد الجيران بمنزلة الوالد بالنسبة له، حيث كان يخرج معه إلى مجالس الرجال وتجمعاتهم، وهم مجموعة من الرجال المعروفين بخبرتهم بكل ما يتعلق بالبحر، لتشكّل تلك اللقاءات بالنسبة لذلك الطفل الصغير مفاتيح عالم لا متناهٍ غني بالمخزون التراثي. وقد أصبح أولئك الرجال محط بحث وتوثيق؛ لأنه يحرص على التدوين عنهم في قصاصات صغيرة، حيث كتب أشعاراً كانوا يرددونها بما يسمى بـ«النهمات» و«الشلات»، وهي القصيد أو الشعر الخاص بالبحر، والتي كانت بمنزلة تسلية لكل من يدخل للبحر للصيد أو الغوص.

تعليم وعمل

علاقة سلطان بن غافان سعيد آل علي مع البحر لم تكن سعيدة تماماً، فهو ذلك الطفل اليتيم الذي كان عليه العمل والتعلم معاً، وكان التعليم حينذاك من مكتب المعارف الكويتية في مدرسة الأمير، وأيضاً ركز في الوقت ذاته على البحث في حسابات الدرور المتعلقة بالطقس، وتعرف على القيعان «أنواع قاع البحار» والمصائد وأسماء وأنواع حالات المد والجزر، ولذلك هو المميز في هذا المجال، وأيضاً واصل التعلم في المدرسة، والتحق بوظيفة في الديوان الأميري بأم القيوين في الستينيات، وأكمل تعليمه في المعهد الديني، حتى قرب نهاية السبعينيات حين حصل على منحة دراسية في جامعة الإمارات، ليترك العمل في الديوان ويعمل في وزارة الصحة في إمارة دبي منذ 1972، ويتفرغ بعد ذلك للتعليم الجامعي ليحصل على بكالوريوس في علم الاجتماع. وقد أصبح فيما بعد رجل تعليم من الطراز الأول، وأخذت تنمو لديه مع الوقت مواهب السرد، إلى جانب حفظ ما يسمع من شعر.

تراث وذكريات

عام 1985 جاء له عبيد راشد بن صندل (راوٍ ورجل مخضرم في التراث وبرامجه) حين كان سلطان بن غافان يعمل في المنطقة التعليمية، واقترح عليه أن تتم استضافته ضمن برامج تلفزيون أبوظبي. وقد تجاوب مع ذلك الرأي، وأصبح محط أنظار لمن يرغب في الحصول على ذكريات البحر وأهله، والعادات والتقاليد والمناسبات. وقام بتطوير الشيلات البحرية، خاصة بعد أن حضر مجلس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وكان ذلك في قصر المقام. وقد طلب منه أن يسمع بعض ما يحفظ، فقال له باللهجة المحلية: «جالسن واقزر الدوبي.. في جزيرة ومحد احذاية»، وتعني أنه كان يجلس في جزيرة، ليس معه أحد، ولكن الوقت يمضي. وما زال يعمل حتى الآن بشكل تطوعي في معهد الشارقة للتراث، بقيادة الدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس المعهد، وهو كثير التشجيع للأصالة وأهلها، وكل من يهتم بجعل روافد التراث تجري بقوة، وهو حالياً يجهز لإصدار كتاب قام بجمع كنوزه من عام، وفي الوقت ذاته لا يزال يقدم من ذلك المخزون التراثي البحري حتى اليوم.

Email