«سي إن إن»: دبي في طليعة الفن «المادي- الرقمي»

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تتبنى دبي التكنولوجيا الحديثة كوسيلة لمواصلة تطورها وتنميتها الاقتصادية، لكن قطاعاً آخر كانت التكنولوجيا تؤثر في مخرجاته على نطاق واسع في الآونة الأخيرة، وتبدو دبي عازمة على المضي به قدماً، هو قطاع الفن «المادي-الرقمي»، الذي كان يثير ضجة في بعض الدوائر، أخيراً، بمزجه أفضل ما في هذين العالمين لإنشاء شيء جديد تماماً. 

يشير مقال منشور في شبكة «سي إن إن» الأمريكية، إلى موجة مثيرة من المبادرات اتخذتها دبي، التي تبدو مصممة، وفقاً للشبكة، على وضع هذا الشكل الفني الجديد على الخريطة، بالتوازي مع بروز متزايد له في صالات العرض الطليعية في أنحاء العالم.

تعدد الحواس

وبحسب الشبكة، معرض «آرت دبي»، احتوى على عنصر رقمي يستكشف اتجاهات وسائل الإعلام الجديدة، واتجاهات التكنولوجيا، بما في ذلك الأعمال الفنية المادية-الرقمية. وقد أقام غاليري فيريتي للفن المعاصر عام 2021، معرضاً بعنوان «الرموز غير القابلة للاستبدال/الحياة الواقعية»، لعرض الأعمال الفنية المادية، بجانب نظيرتها الرقمية، وتم افتتاح معرض «مونودوار» مؤخراً، المتخصص في الرموز غير القابلة للاستبدال، وسط مدينة دبي، محتضناً «الفن المادي- الرقمي»، بينما يعرض مسرح الفن الرقمي مثل تلك الأعمال الفنية في معارضه متعددة الحواس عالية التقنية. 

 سد فجوة

وفي الصدد، أجرت «سي إن إن» لقاءات مع تلك المؤسسات الفنية في دبي، لتبيان سبب تصدر مدينة دبي طليعة هذا الشكل المبتكر، وأهمية هذه الحركة الجديدة في الفن. 

وفي تعريفها للفن «المادي الرقمي»، قالت مارا فيريتي، المؤسس والشريك الإداري لغاليري فيريتي للفن المعاصر، لـ «سي إن إن» «إن الفن «المادي-الرقمي»، يهدف إلى سد الفجوة بين العالم الرقمي والعالم المادي، بحيث يتم طمس الحدود بينهما في الغالب»، لافتة إلى اتخاذ هذا الفن أشكالاً مختلفة، بما في ذلك منحوتات تفاعلية، وتركيبات وسائط مختلطة، ولوحات رقمية وعروض تجمع بين العناصر الحية مع الإسقاطات أو التأثيرات الرقمية. 

فيما أشار بابلو ديل فال، المدير الفني لمعرض «آرت دبي»، إلى أن لهذا الفن عناصر قد نعتبرها تقليدية، مثل مساحة معمارية أو هيكل ثلاثي الأبعاد (مثل منحوتة)، أو هيكل مادي يمكن لمسه، جنباً إلى جنب مع عناصر رقمية، كتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتقنية بلوك تشين، والواقع المعزز والواقع الافتراضي، وعناصر الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى منحوتة «هيومن ون» للفنان بيبل، كمثال، وهو عبارة عن فيديو متغير ديناميكياً، يتألف من أربع شاشات فيديو، ومعدن ألمنيوم مصقول، وإطار من خشب الموهاغني، وخوادم وسائط مزدوجة، وفيديو مستمر إلى ما لا نهاية، مع رموز غير قابلة للاستبدال ديناميكية، حيث يظهر رائد فضاء يسير في عالم من الفضلات وبقايا الطعام، كما لفت بابلو أيضاً إلى إنتاج فنانين مشهورين، مثل جيف كونز وفرانك تسيلا، لأعمال «مادية – رقمية»، حيث بإمكان هواة جمع أعمالهم طباعة منحوتاتهم بطابعة ثلاثية الأبعاد. 

وعن الاختلاف بين هذا الفن والرموز غير قابلة للاستبدال، أو إمكانية التداخل بينهما، قال بابلو إنه من الممكن أن تكون الأعمال الفنية «المادية-الرقمية»، رموزاً غير قابلة للاستبدال، لكن العمل الفني «المادي- الرقمي»، ليس بالضرورة أن يكون رمزاً غير قابل للاستبدال.

تجربة رقمية

وأوضح أمير سليماني، الملقب بموندوار، مؤسس صالة «موندوار» الفنية، أنه «من الناحية الفنية، تعد جميع الأصول الموجودة على «بلوك تشين» رموزاً غير قابلة للاستبدال، هذا، ويمكن تجربة الفن الرقمي المخزن على تقنية «بلوك تشين» كرمز غير قابل للاستبدال بشكل مادي، من خلال شاشات العروض الرقمية، التي تتيح للمشاهدين التفاعل مع الإبداعات الرقمية في التركيبات»، مضيفاً أن الفن المادي الرقمي، هو طريقة لربط الأبعاد الرقمية والمادية، ويمكن استخدامه مع الأصول أو الرموز غير قابلة للاستبدال خارج «بلوك تشين». 

واقعية 

وعن موقع الذكاء الاصطناعي من كل ذلك، قال بابلو لـ «سي إن إن»، إن الذكاء الاصطناعي هو أحد العناصر التي تسمح بوصف عمل فني بأنه عمل «مادي-رقمي». وفي ذلك، يقوم فنانون يعملون مع برامج الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية والكود والخوارزميات، بإنشاء أعمال تنقل المشاهد إلى مستوى من الواقعية، بمزج ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي. ويمكن التلاعب بالصور والمواقف والأفعال والشخصيات، وإنشاء مواقف وأفعال لم تكن موجودة من قبل. ومن بين الفنانين الذين ابتكروا الريادة في هذا النهج، رفيق أناضول، الذي أطلق مشروعاً جديداً في معرض «آرت دبي» في مارس. 

أهمية وعوالم

وعن أهمية الفن «المادي-الرقمي» للفنان أمير سليماني، يقول إنه مع انتقالنا إلى أعمال فنية تم إنشاؤها وتخزينها رقمياً، يجب الربط بين العالمين، من أجل إيجاد تجربة للمشاهدين في العالم الحقيقي، حيث يرفع الفن المادي-الرقمي عبء الفهم عن عاتق من لم ينغمس بعد في العالم الرقمي، من خلال تزويده بجسم ملموس، يتوافق مع أصول رقمية، مشيراً إلى أن هذا الفن سيكون هاماً في الترويج لاعتماد الفن الرقمي. 

وعن العوائق التي تحول دون أن يصبح الفن «المادي-الرقمي» أكثر انتشاراً، يرى بابلو أن السرعة التي تتقدم بها التكنولوجيا، تعني أن الأجهزة التي تحتاج إلى تصورها أصبحت قديمة جداً بسرعة، فيما تحديث الجهاز وتكاليف القيام بذلك، يشكل أحد العوائق الرئيسة التي تحول دون اعتمادها بشكل أكبر. 

مكانة فريدة

بالنسبة إلى مارا فيريتي، يحتل الفن المادي مكانة فريدة ودائمة في الثقافة الإنسانية، وسيظل محبوباً، بسبب صفاته الملموسة، والارتباط العاطفي الذي يمكن أن يثيره، في حين أن الفن المادي- الرقمي، قد يتطلب مستوى من الإلمام بالتكنولوجيا والراحة معها. وقد لا يكون جميع المشاهدين معتادين على التفاعل مع العناصر الرقمية أو المفاهيم الأساسية، والتي يمكن أن تؤثر في مشاركتهم وتقديرهم للفن المادي الرقمي. 

وعما إذا كان الفن «المادي-الرقمي» يشكل مستقبل الفن، يفضي أمير سليماني، الملقب بموندوار، لعدم اعتقاده بذلك، ويقول إن الفن المادي-الرقمي موجود بهدف خلق التجربة، وهو يسهل إمكانية الفهم والتفاعل، ويرى المستقبل في الفن الرقمي. 

آفاق وتآلف

أما مارا فيريتي، فتقول إن صعود التكنولوجيا وتقدم الأساليب المتطورة في الفن المادي الرقمي، سيؤدي بلا شك إلى توسيع آفاق التعبير الفني، وإيجاد إمكانات جديدة للفنانين والجمهور، على حد سواء، لكنه لن يحل محل الفن المادي بالكامل. 

وعن ذلك، يصف بابلو نفسه بأنه من المدرسة القديمة، إذ يرى أن لا شيء سيحل محل ما يصنعه البشر بأيديهم، لكن يؤكد أن لا مجال لإنكار تقدم التكنولوجيا بسرعة كبيرة، بحيث ستصبح عاجلاً أم آجلاً الأداة الرئيسة بالنسبة للفنانين، ولكن طالما أنها تأتي من عقل وروح الإنسانية، فإن أي شيء ممكن، وينبغي ألا نكون منغلقين تجاهه. 

وأخيراً، يلفت التقرير إلى أن الاهتمام بالفن الرقمي، بدأ مع تكاثر الرموز غير القابلة للاستبدال، كاتجاه سائد عام 2021، وتحديداً، عندما تصدر عناوين الصحف خبر بيع الفنان «بيبل» عملاً رقمياً مقابل 69 مليون دولار في مزاد، إلا أنه تضاءل منذ ذلك الحين. وفيما يرى البعض هذا الفن «المادي- الرقمي»، وسيلة لتأسيس الأعمال الرقمية بأشكال تقليدية أكثر موثوقية، يراه آخرون طريقة لجعل الجمهور أكثر تآلفاً مع فكرة الفن الرقمي.

 

Email