المدرسة النورية .. روح المعرفة في دمشق القديمة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

المدرسة النورية الكبرى، إحدى أهم المدارس في دمشق القديمة، بنيت في القرن الثاني عشر الميلادي في عهد نور الدين زنكي الملقب بالشهيد.

والذي كان له الفضل في بناء المدارس في الشام ومصر، ويعدها مؤرخون أول مدرسة رسمية بنيت في دمشق.

ويقول أحمد عبدالرحمن الخجا، إمام جامع المدرسة النورية الكبرى لـ«البيان»، إن «المدرسة تقع في سوق الخياطين وهو سوق يصل بين سوقي الحميدية ومدحت باشا الشهيرين، أسسها الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي الملقب بالشهيد في سنة 563 هـ/‏‏ 1167 م،.

وكانت بالأصل داراً للخليفة الأموي هشام بن عبدالملك وقبله للخليفة معاوية بن أبي سفيان»، لافتاً إلى أن «الرحالة والمؤرخين وصفوا هذه المدرسة بأنها من أحسن مدارس الدنيا وهي من القصور الأنيقة».

ويرى إمام الجامع أن «إنشاء هذه المدرسة ارتبط بنور الدين زنكي الذي كان ذا اهتمام كبير بالعلم إذ بنى وأسس الكثير من المدارس في دمشق وحلب». ومن المدارس التي شيدها زنكي: النورية الصغرى، والصلاحية، والكلاسية بدمشق، والحلوية والعصرونية، والنورية، والشبيبية بحلب، وأنشأ مدرستين في كل من حماة وحمص.

1350

تمتاز المدرسة النورية الكبرى بتصميم معماري فريد وفق النمط السلجوقي في العمارة الإسلامية، وتتوضع على مساحة 1350 متراً مربعاً، ورغم التعديات والتجديد الذي تعرضت له المدرسة إلا أنها بقيت محافظة إلى حد كبير على تصميمها العمراني القديم.

وللمدرسة بوابة خشبية ضخمة ذات مصراعين، تعلوها عتبة كبيرة مكتوب عليها الوقف المحدد لها، يلي الباب ممر مستطيل يصل إلى صحن المدرسة، وعلى يمينه غرفة كبيرة وهي ضريح نور الدين زنكي تعلوه قبة فريدة من نوعها تحتوي على مقرنصات رائعة.

وتبلغ مساحة الصحن 340 متراً مربعاً وأرضيته مرصوفة بالحجر البازلتي والمزي، وتتوسطه بحرة طولها 7.8 أمتار وعرضها 6.8 أمتار.

كما تشتمل المدرسة على إيوان يقع على الجهة الشمالية من الصحن، وهو بمقام قاعة محاضرات يسع حلقة كبيرة من المتعلمين، فيما يتوضع المصلى على الجهة الجنوبية الصحن ولم يكن مخصصاً فقط للطلاب وإنما كان مفتوحاً لكل الناس، ويحتوي على محراب قديم ويتصل بالصحن بوساطة فتحات ثلاث ذات عقود ولا أبواب لها والفتحة الوسطى كبرى هذه الفتحات.

ويتصل المصلى من جهته الشرقية بحجرتين صغيرتين لكل منهما باب وهما معدتان لاستراحة المعلمين، وتحتوي المدرسة على مئذنة متواضعة من ناحية التصميم وقصيرة الطول.

أوقاف

يعد وقف العلم من أحد الأمور التي أسهمت في انتشار التعليم المجاني في دمشق، إذ كان أولو الأمر يوقفون عقارات وأراضي زراعية وحوانيت للمدارس والجوامع والزوايا يصرف ريعها لمن يجلس بها للتدريس والتعليم.

وفي ما يخص أوقاف المدرسة النورية الكبرى، قال إمام الجامع إن «هناك حجراً فوق البوابة الرئيسة للجامع تتكون من ستة أسطر حددت أوقاف المدرسة وهي جميع الحمام المستجد بسوق القمح والحمامين المستجدين بالوراقة خارج باب السلام والدار المجاورة لهما، والوراقة بعونية الحمى وجنينة الوزير والنصف والربع من بستان الجوزة بالأرزة و11 حانوتاً خارج باب الجابية و9 حقول بداريا».

أعلام

يشار إلى أن المدرسة النورية الكبرى في دمشق كانت مخصصة لدراسة العلوم الشرعية على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان.

ومن العلماء الذي درّسوا في النورية: بهاء الدين بن العقدة وبرهان الدين مسعود والشرف داوود، وجمال الدين محمود بن محمد الحضيري، وصدر الدين البصراوي وعماد الدين بن الطرسوسي.

ولا تزال المدرسة النورية الكبرى تقوم بدورها في التعليم الشرعي في دمشق.

Email