صالح حنبلوه الشحي.. عاشق حكايات البحر وأسراره

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الراوي زاوية تبرز الرواة الذين توارثوا مهارة السرد ونقل المضامين من الذاكرة إلى الواقع، وذلك عبر المجالس والاجتماعات والفعاليات، وتناولوا التراث المحلي الإنساني للإنسان عبر السنوات أباً عن جد، وربما عالجوا عبر القضايا الاجتماعية وأبرزوا التراث والشخصيات والقبائل، وخاصة أن لكل منهم أسلوبه المتميز للحديث عن الأماكن والقبائل وفي الشعر والقصص والمواقف البطولية، ويعد الراوي الذاكرة الحية التي تضيء لمن أشكل عليه أمر أو معلومة، وهو المعلم في مجال سرد المعلومات التي تم تناقلها جيلاً بعد جيل، وقد كان الراوي الوجهة التي يقصدها الباحث للحصول على المعلومات، كما تقصدها الجهات الرسمية في مناسبات كثيرة للهدف ذاته، ولكن اليوم ومن هنا نتوجه للرواة لنتعرف إلى نبذة من حياتهم؛ لنوثق سيرة مختصرة عن كل واحد منهم تكريماً لهم ولدورهم الإنساني.

تعد دولة الإمارات دولة تراث ممتد بسبب حرص أبنائها على عدم التخلي عنه، وذلك ما يؤمن به الراوي النوخذة صالح أحمد حنبلوه الشحي، مؤسس المتحف البحري في مدينة الرمس بإمارة رأس الخيمة، وهو أحد الرجال الذين كبروا في البحر وعاشوا في عوالمه ولا يزال حتى اليوم يقوم بدعوة الأحفاد والجيران لجلسات لتبادل الأحاديث عن العادات والتقاليد والمعلومات البحرية وهو من مواليد سنة 1954م وعاش في الرمس القديمة التي بنيت من حصى ومدر والغالب من أهل البحر حينذاك ومن يعمل في الزراعة عاشوا في تلك المنطقة حتى سبعينيات القرن الماضي.

عرف النوخذة صالح أحمد حنبلوه الشحي البحر في عمر سبع سنوات إذ كان والده يعمد إلى اصطحابه معه وهو في سن صغيرة لأن الوالد كان أيضاً نوخذة ويملك (خشب) السفن وهي (الشواحيف) المخصصة للصيد في السواحل، وكل من حول والده إخوته وبنو العم والمعارف الذين يتكاتفون لأجل الرزق، يعملون في المجال نفسه.

عشق صالح الشحي البحر لأن كل ما حوله يدفعه لذلك حتى والدته وجدته كانتا تعملان في المنزل بأدوات الصيد كحياكة شبكة الصيد (الليخ) وكان يلتقط في ذاكرته ما يدور حوله في المنزل القديم وفي سنة 1962 تم تسجيله في التعليم النظامي حتى سنة 1968 فترك الدراسة وكان لا يعرف أي مكان آخر إلا البحر والمدرسة إذ لم تدخل بعد أجهزة التلفاز والتطورات العصرية حينها.

وتعلم صالح الشحي أن من تعلم أمراً من أمور البحر فإن عليه أن يتمسك به لأجل أن يحترفه ويعلمه أيضاً للآخرين وسبب تركه الدراسة أن والده حثه على تسلم القيادة نيابة عنه وكان عمر صالح 14 عاماً وقتها، إذ قام بتسليمه الإشراف على مجموعة من السفن الخاصة بالصيد والتي تعمل بالمجاديف وقال له: (اليوم أنت رجل فكن رجلاً مع من هم أكبر منك) وتعلم أن أي عمل لن ينجح فيه المرء إن لم يمارسه. وكان كلما صعب عليه أمر لجأ لعمه أو أخيه الأكبر منه.

وفي سنة 1968 وصل لعمله محركات تسهل عليهم الصيد فطلب من والده أن يسمح له بشرائها لأنه يرغب في الدخول لأماكن أبعد لأجل الصيد وهو يفخر بأنه قام بتربية أجيال على حياة البحر والصيد وطرائق المحافظة على البحر وأدواته وقد وصل الكثير منهم إلى رتب عسكرية ولا يزالون من عشاق البحر. 

 أسس صالح الشحي المتحف البحري ولا يزال يذهب إلى البحر وينقل للناس الحكايات الحقيقية عن البحر وأسرار النجاح التي تقود إلى الرزق والعطاء ومحبة الناس.

طباعة Email