خور دبي .. شريان حضاري ينبض بالتراث
يعتبر خور دبي واحداً من أهم المعالم الطبيعية في دبي، ممتداً على طول 14 كيلومتراً في قلب المدينة، يعود تاريخه إلى العصر البرونزي، كان يستخدم حينها كمرفأ للصيد والتجارة، وفي القرن العشرين بدأت دبي بتوسعة خورها وتجهيزه، ليصبح ميناءً حيوياً للشحن والتجارة، ومنذ ذلك الحين، أصبح مركزاً للنشاط الاقتصادي والسياحي في المدينة.
وفي 2013، تم افتتاح مشروع تطوير الخور الذي شمل توسعة المنطقة المحيطة به، وإنشاء مجموعة من المشاريع الرائعة والمتنوعة، والطرق ومواقف السيارات الإضافية والمناطق التجارية.
مرافق حيوية
وتأتي أهمية الخور من دوره الحيوي في حياة المدينة بشكل عام، فهو يتميز بوجود العديد من المرافق الحيوية المحيطة به، وله أهمية كبرى تجارياً وثقافياً واقتصادياً على المنطقة بشكل عام، إذ يوفر موقعاً استراتيجياً للشحن والتجارة بين دول الخليج والمنطقة الآسيوية، ويعد ميناء حيوياً وهاماً لنقل البضائع والمنتجات إلى أنحاء العالم.
ومن الناحية الثقافية، يعد خور دبي مركزاً هاماً للحرف اليدوية والتراث الثقافي للدولة، ففي المنطقة المحيطة به، يمكن للزوار الاستمتاع بزيارة متاحف وصالات عرض تعرض الحياة القديمة في دبي وتاريخها وتراثها، وتتوفر أيضاً فرصة الاستمتاع بالفنون والثقافة المحلية، من خلال العديد من الفعاليات والمهرجانات التي تقام في المنطقة خلال العام.
ويعد هذا الشريان الحضاري، مكاناً شهيراً للسياحة والترفيه، حيث يمكن للزوار الاستمتاع برحلات القوارب «العبرة» في مياه الخور الزرقاء الرائعة، والتمتع بالإطلالات الخلابة لمدينة دبي من البحر، كما تضم المنطقة العديد من المطاعم والمقاهي والمحال التجارية والفنادق، ما يجعلها وجهة مثالية للزوار الذين يبحثون عن تجربة سياحية شاملة في دبي.
«البيان» زارت خور دبي، واستقلت العبرة التي تتجول بالركاب والزوار في رحلة بين ضفتيه، للتعرف عن كثب إلى الحضارات والشعوب التي تتقارب لبعضها البعض في هذه الرحلة القصيرة، وكيف يمكن لهذا المكان أن يكون لقاء بين مختلف الجنسيات التي تتآلف بشكل جميل وبسيط، في رحلة قصيرة عبر هذا الشريان الحيوي، الذي لطالما جمع الشعوب والثقافات على اختلافها.
كيسينيا تروتيفتا من روسيا، تزور دبي للمرة الأولى، وتستقل العبرة لاستكشاف المدينة من البحر، تجلس مع عائلتها بجوار أشخاص آخرين لا تعرفهم، إلا أنها تشير إلى أنها تشعر بالأمان والاستمتاع بهذه الرحلة الفريدة، معبّرة عن جمال المكان الذي أسرها بطابعه التراثي والتقليدي وأبنيته المختلفة.
وأوضحت أنها لا تجد أية صعوبة في التواصل مع الآخرين، فالجميع يتحدث الإنجليزية، على الرغم من وجود العديد من اللغات واللهجات، إلا أن إمكانية التواصل سهلة، ولا تشكل عبئاً على أي زائر، معربة عن شعورها وأهلها وكأنهم ينتمون إلى المكان.
سلافوميل ستازلين من بولندا، يزور دبي أيضاً للمرة الأولى، قال: «على الرغم من السرعة الهائلة في هذه المدينة التي نشاهد الوثائقيات عن تطورها المذهل في كافة المجالات، إلا أن هذا المكان له ميزاته الفريدة، والتي تعبر عن أصالة المكان، وفي هذا القارب الصغير، يتقارب العالم كله في مكان واحد، ويتوحدون في الرغبة وحب الاستكشاف والاستمتاع، وقد تحدثت إلى شخص بجانبي من الجنسية الباكستانية، يعيش في الإمارة منذ أكثر من 7 سنوات، لم يتوانَ عن تقديم شرح لي حول المباني والأماكن التي مرت عليها العبرة، حيث أخبرني أنه يركبها يومياً لإنهاء أعماله بين ضفتي الخور، كانت تجربة ممتعة، سأكررها بالتأكيد».
متعة
لومين جو من الصين في زيارتها الثانية لدبي، تؤكد أنها استقلت العبرة أكثر من مرة، وفي كل مرة تشعر بالمتعة والانسجام مع من حولها، مشيرة إلى أنها في كل رحلة تتعرف إلى أصدقاء جدد من جنسيات مختلفة، وهذا ما يجعل دبي مميزة بنظرها، حيث لا يمكنها الاختلاط بهذا الكم من الجنسيات في أي مكان آخر في العالم، معربة عن اندهاشها من هذا التناغم والتسامح الذي يعيش فيه الجميع، ويشعرون بالانتماء إلى المكان، وكأنهم جميعاً من بلد واحد، لا من عدة بلدان.
محمد سالم من الهند هو كابتن العبرة، يعمل عليها منذ 16 سنة، يتحدث الإنجليزية بطلاقة، ويفهم العربية أيضاً، ويجيب عن كافة التساؤلات التي تصله من السياح، أياً كانت جنسياتهم، وأشار إلى أن خبرته في التعامل مع مختلف الجنسيات خلال كل تلك السنوات، مكنته من معرفة طرق التواصل معهم وإجابتهم عن استفساراتهم، وإخبارهم عن الأماكن التي يمرون عليها خلال الرحلة عندما يسألونه.
وأكد أنه يحب عمله جداً، حيث يتمكن من خلاله من التعرف إلى أشخاص جدد كل يوم، لافتاً إلى أنه يتذكر الوجوه غالباً التي تتكرر على المكان، وأصبحوا بمثابة أصدقاء له، يحب وجودهم ويسعد بلقائهم.
ولفت إلى أن المكان تغير كثيراً على مدى 16 عاماً، وزاد عدد الجنسيات التي تستقل العبرة منذ ذلك الوقت، إلا أن هذا الأمر بات يزيد المتعة لديه في التعرف إلى جنسيات جديدة، وأشخاص جدد.