«أوراق من تاريخ البحرين».. قيم وقصص وإضاءات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يغلب على التاريخ الإنساني، أن البشر عاشوا في مجتمعات صغيرة، بِنَمَطِ كَفَاف قاسٍ، وتحديداً في الجزر. وعلى الرغم من هذه المجتمعات في التاريخ البعيد كانت تفتقر إلى المؤسسات المركزية الصلبة، إلاَّ أنها استطاعت أن تقيم فيما بينها شبكة تعاون أفقية ممتدة، وذلك من خلال تطوير الأعراف وتشجيع السلوك الاجتماعي، وتُكرِّس علاقات التبادل.

وصدر أخيراً عن دار الساقي في بيروت للكاتب والباحث البحريني محمد عبدالله العلي كتاب «أوراق من تاريخ البحرين» يتناول العديد من العناوين الاجتماعية التاريخية خلال القرن الماضي.

ومما يناقشه الكتاب ما يُمكن أن يُسمَّى اليوم بـ«ديناميكيات القرابة»، ويرى بأن المجتمع البحريني قبل قرن من الآن اعتمد بشكل كبير على محيط جغرافي معلوم الحدود كانت الأسرَة، والصداقات، وظروف «الحَيْ والأزِقَّة» تلعب دوراً بارزاً في تشكيله. لذلك كان ارتباط الفرد البحريني ببيئته الاجتماعية له تأثيرات قوية على التطور الاجتماعي. وربما كان لوجود سيطرة من الفرد على الأرض والفضاء في منطقة جُزُريَّة دور في خلق كتلة بشرية متوافقة اجتماعية.

هنا، يُعيد المؤلف التأكيد على أن المجتمع البحريني قد أنشأ تعاوناً -كما يفعل مجتمع صيَّادو البحر عادة- يقوم على تحالفات دائمة، وشبكات تجارية أنتَجَت سلعاً جماعية، وبالتالي مرافق منفعة مشتركة، حافظت على تحسين أوضاعهم المعيشية في تلك الظروف الصعبة. وهي بالمناسبة عناوين باتت اليوم محل بحث العديد من الدراسات التي تناقش ذلك باعتباره «تَكيُّفاً» من المحتمل أن يكون قد تجذَّر في السمات البيولوجية للإنسان.

يناقش الكتاب، عملياً، خطاب العائلة والمجتمع وحركتهما في تلك الفترة يعكس القيم الجماعية للبحرينيين، وأحوالهم الثقافية، وتراثهم الديني، وتنظيمهم المجتمعي، وبالتالي السلطة الاجتماعية التي نشأت تاريخيّاً من خلال عوامل عديدة تتناسب وظروف البحرين.

إن البحث الاجتماعي لظروف تاريخية مُحدَّدة يمكن أن يفتح الباب أمام صناعة وعي حقيقي بحاضر مجتمعات اليوم.

Email