«وتلك الأيام» يوثق مسيرة شيخة الناخي

330 صفحة مشحونة بالعواطف تجاه الأجيال والوطن

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حظي كتاب الأديبة الإماراتية شيخة مبارك سيف الناخي المعنون بـ«وتلك الأيام» بجائزة أفضل كتاب إماراتي في مجال الإبداع الأدبي من قبل هيئة الشارقة للكتاب.

ولعلَّ العنوان الجميل وكذلك سمعة الجائزة سلط الضوء على هذه الأديبة البارعة في سرد ذكرياتها على مدى 330 صفحة، بسلاسة وعذوبة ودقة في الوصف كما لو أنها تحكي سيرة امرأة تعد نموذجاً للمرأة الإماراتية الأديبة والمربية المشحونة بعواطف الأمومة تجاه الأجيال وتجاه الوطن.

امرأة لم تألُ جهداً في بناء تجربتها الذاتية كأديبة، فكتبت القصة وكتبت في الصحافة وطوّعت جهدها الأكبر للمجال التربوي الذي كانت البلاد في أمس الحاجة له.

تبدأ سيرتها من طفولتها المبكرة وتأثير الأسرة والوالد بشكل خاص على سقي ورعاية موهبتها الغضة، ففي الغبش المعرفي الأول في حيرة الشارقة كان رهطٌ من المتعلمين الأوائل يحملون بين جوانحهم خيوط شمسٍ..

أخرى غير الشمس التي تشرق على رملها ونخيلها وبحرها، تلك هي شمس الثقافة والمعرفة. ومن هؤلاء الرجال الأماجد كان مبارك بن سيف الناخي التميمي (ولادة 1900م) والدها الذي ما فتئت تذكر مناقبه، فهو من مثقفي الحيرة ومن شعرائها الأوائل.

مرابع طفولتها وصباها كانت بين تعلم القرآن الكريم مع بنات الحي، وبين والد يسمعها أعذب القصائد ويجمع في مكتبته كل جديد من الدواوين والقصص والروايات ثم دخلت المدرسة وتدرجت بمراحل التعليم.

تقول شيخة عن هذه النشأة: «علامة فارقة في مسيرة حياتي الأدبية وجوانبها المضيئة».

رحلة

استمرت شيخة في دراستها تتفوق عاماً بعد عام، وكانت في كل المراحل الدراسية كتلة من الحماس والنشاط، تقول إنها حين كانت في المرحلة الثانوية شاركت في مسرحية (امرأة من القرآن ) ومسرحية (عبد الله بن الزبير) وكتبت مسرحية عن فلسطين ومثلتها مع الطالبات في ساحة المدرسة فأبكت المعلمات والموجهات، كما كانت تشارك في المباريات الرياضية.

واصلت شيخة تعليمها الجامعي حتى حصلت عام 1988م على البكالوريوس في علوم التربية بامتياز ومرتبة الشرف الأولى من جامعة الإمارات، ودبلوم عام في التربية عام 1987م بامتياز ومرتبة الشرف الأولى من جامعة الإمارات أيضاً. ودخلت ميدان التعليم من معلمة عام 1970، إلى وكيلة، فمديرة مدرسة حتى عام 2003.

وبذلك تكون قد قضت أكثر من ثلاثة عقود في ميدان التعليم، وكانت تلك الجهود التربوية الفائقة العطاء والثرية بالتجارب والخبرات محل تقدير وتكريم، وكسبت محبة الكوادر التعليمية التي عملت بها ومحبة طالباتها اللواتي وجدن فيها الرمز والنموذج الذي يقتدى به.

ذكرت الأديبة والمربية شيخة الناخي أن محبة من عملت معهن من معلمات كانت تسعدها، فهذه المعلمة عائشة الزعابي تهدي مديرتها شيخة الناخي قصيدة رائعة أذكر منها:

أيا أختاهُ أهديك التحية

مبجلةً معطرةً نقية

يفوح شذاها في أرجاء قلبي

أيا أستاذتي منّي التحية

فطير الشوق يحملها إليكِ

ويعزفها بألحانٍ شجية

فأنتِ من هدى للجيلِ رمزاً

بأن يحيا ومعتز الهوية

مسيرة

كانت مسيرة شيخة التربوية كما تذكر في كتاب «وتلك الأيام» حافلة بالنشاطات والفعاليات التي تجدد في طالباتها الهمم وتخلق حوافز للتعلم والوصول لأسمى الغايات، وتكرس القيم المثلى ومعاني الخلق النبيل ومشاعر الحب للوطن الجميل الناهض باقتدار وعزيمة. ورغم انشغالات المربية شيخة بالعملية التربوية، لم تنسَ كأديبة وكاتبة دورها في العطاء الثقافي ضمن المؤسسات الثقافية والإعلامية، فهي:

عضو مؤسس للجمعية النسائية في الشارقة عام 1972م، وعضو مؤسس لاتحاد أدباء وكتاب الإمارات عام 1984م، وعضو مؤسس لرابطة أديبات الإمارات، وترأست الرابطة للفترة من عام 1989م حتى عام 2005 م.

وقد حصلت خلال هذه المسيرة الحافلة بالعطاء على خمس جوائز مهمة منها: جائزة الشيخ خليفة بن زايد للمعلم 1997، وجائزة الشارقة للتميّز التربوي.

بالإضافة إلى تكريمات أخرى من اتحاد كتاب الإمارات، لتأتي أخيراً وليس آخراً مكرمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لجهود شيخة مبارك سيف الناخي كأول كاتبة قصة ضمن الـ 44 شخصية المكرمة من أوائل الإمارات لعام 2015، وعدد آخر من الجوائز والتكريمات المهمة.

لقد جاء كتاب «وتلك الأيام» مرآةً ساطعة لهذه الأديبة والمربية القديرة، سردت خلاله حياتها الجميلة من الأسرة إلى قصة الزوج المتفهم لعملها والمشجع لها، وذكرت رحلاتها مع الأسرة إلى البلدان العربية والأجنبية، حياة هانئة مليئة بالفرح والعطاء، لكن بين تلك الإشراقات ثمة غيوم وحزن عميق كان ذلك بفقدها الوالد والوالدة والخالة وبعض الأقرباء.

وهذه سنة الحياة وهي تدرك ذلك وسرعان ما تمسح دموعها وتواصل عطاءها الجميل. تشير الأديبة والمربية شيخة الناخي من خلال الكتاب وعبر مسيرتها التربوية الطويلة والأدبية إلى أسماء من عملوا معها، لتعبر بذلك عن امتنانها وتقديرها لها.

Email