مصطفى الفردان: عالم اللؤلؤ يجسد مثلث الحياة السعيدة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يقودنا هذا الحوار إلى سفر شيق مع اللآلئ المصاحبة للرزق والجمال، ونفتح الأسرار الجديدة من خلال كتاب قَيّمٍ بعنوان «اللؤلؤ المكنون» الصادر حديثاً عن معهد الشارقة للتراث، للمؤلف مصطفى الفردان. وهو سليل أسرة تعلقت باللؤلؤ تجارياً وحِرَفيّاً ومعرفياً، حتى أصبح الفردان اسماً وعلامة لذاكرة اللؤلؤ العصية على النسيان، منتصرة باسم الدرر وتأبى محو ذاكرتها، ليأتي الجيل الآتي من الأسرة ليوثق بلغة الذاكرة الاسترجاعية وبيقين الثراء التاريخي، ومن خلال الصور النادرة حول مواطن الخير والجمال في أعماق الخليج العربي، وخريطة أصدافه في تاريخ بحر عميق، فكان لـ«البيان» هذا الحوار: 

 

متى وكيف أتتك فكرة وضع هذا الكتاب القيّم؟ وكم استغرقك ذلك؟ حدثنا عن هذه الرحلة البحثية؟

 

وعيت على نفسي في سنٍ مبكرة وأنا أنظر إلى جدي إبراهيم بن فردان يصرف جهده ووقته مع اللآلئ، ولاحظت اهتمامه الكبير بها، فنشأ لدي فضول لمعرفة هذا العالم. ومع مرور الزمن، وإنهائي لتعليمي الجامعي قررت العمل مع خالي حسن بن إبراهيم الفردان، في مجال المجوهرات واللؤلؤ، فعلمني الكثير من أسرار هذه المهنة، وعرفني على مجتمع وأهل هذا الفن في جميع أنحاء العالم، وبعد ثلاثين سنة من العمل معه، كانت حصيلتي من خبرة ومعلومات وتراكمات عن عالم اللؤلؤ وما يحيط به كبيرة. ومن جهة أخرى، كان هناك حض وإلحاح كبيران من الأهل والأصدقاء على كتابة محتوى عن تاريخ الغوص على اللؤلؤ. كل هذا جعلني لا أتردد في تبويب فصول هذا الكتاب وخوض تجربة الكتابة. 

 

 بوصفك سليل عائلة اشتهرت بتجارة اللؤلؤ قديماً وحديثاً، كيف يُعلّم اليوم آل فردان أبناءهم حب اللآلئ، بوصفها جزءاً من ثقافة وتاريخ العائلة؟

 

هناك تحدٍ كبيرٍ وصعوبة في تعليم الأبناء هذه الثقافة، لا سيما بعد انفلات الثورة المعلوماتية ووصولها إلى جميع فئات المجتمع، ومن بينها معظم الشرائح من أصحاب المهن القديمة. ومن جهة أخرى، أسهمت مصادر الدخل السهلة في ابتعاد أصحاب هذه المهن عن مهنهم، وعدم ممارستها والاستغناء عنها. كل هذا، يعتبر من العوامل التي أثرت سلباً جهود غرس هذه العلوم صدور الأبناء وصعبت المهمة. ولكن، برغم ذلك، هناك عدد قليل من العوائل في الخليج العربي، مثل عائلة الفردان التي تربطها علاقة بهذا الموروث، ترى العكس من ذلك، وتقوم بتطويع التقنيات الحديثة والثورة المعلوماتية في خلق بيئة مبتكرة لزج هذا الموروث في الأعمال التجارية ما أسهم في خلق رغبة عند شريحة كبيرة من المهتمين بهذا التراث في العمل على إيجاد طرق بديلة لاستثمار هذا الموروث في أعمال فنية وثقافية، وأنشطة رياضية تحقق الاستدامة لهذه الأمور. 

 

 

 من خلال البحث في فصول الكتاب، أرى أنك لم تدع في اللؤلؤ شيئاً إلا وذكرته، اللؤلؤ في الأدب والعقائد واللغة والأساطير والقصص والكتب السماوية والأحاديث النبوية والشعر القديم... وكأنك أردت لهذا الكتاب أن يكون نافذة تطل على الثقافة والجمال قبل الاقتصاد؟

 

الثقافة والجمال والاقتصاد، مثلث الحياة السعيدة، هذا ما وجدته في عالم اللؤلؤ، وبالطبع عالم الثقافة والجمال وجهان لعملة واحدة، بدونهما لا تستقم الحياة الفاضلة، وما أردته في هذا الكتاب هو الربط بين الثقافة والاقتصاد، فمن خلال الثقافة والانفتاح على الشعوب الأخرى، والاستفادة من تجاربهم، باستطاعتك أن تبني اقتصادك وتطور أعمالك وأبياتك ومعرفتك. وهذا من وجهة نظري ما يحتاجه القارئ فعلاً. 

 

من الجميل أن تبحر في الأرقام وتذكر أعداد سفن الغوص في الإمارات قديماً، مجدولاً في جداول، كل مدينة على حدة مع ذكر عدد السفن... فأي جهة رسمية في الدولة أفادتك من حيث المصادر البحثية؟ 

 

نعم، من أجل جدية البحث، ولكي أكون محايداً وموضوعياً، اعتمدت على مصادر متنوعة، سواء في الدولة أو خارجها. 

 

# مهم جداً ذكرك أسماء عائلات امتهنت الغواصة، وأسماء عائلات امتهنت صناعة السفن، وأسماء عائلات امتلكت السفن والتجارة، جميعهم أباً عن جد، ويحسب لك هذا الجهد في الجمع، وحفظ هذه المعلومات من الضياع، فهل العلاقات اليوم بين هؤلاء ما زالت قائمة اجتماعياً؟

 

نعم العلاقات الاجتماعية ما زالت قائمة، ففي الأسبوع الماضي مثلاً حضرنا أفراح عائلتي الحاي والشامسي، وهم من أحفاد أحفاد تجار اللؤلؤ، مثل مطر الحاي، ورحمة الشامسي، وعبدالله الشعفار، رحمهم الله جميعاً. ومن جهة أخرى ما زالت تربطنا علاقة مع عائلات من جنسيات أجنبية مثل الهنود والإنجليز والفرنسيين، إذ ما زلنا نحضر مناسباتهم وندعوهم إلى مناسباتنا، وهناك قصص وحكايات ذكرتها في الفصل الرابع من هذا الكتاب.

 

 من ضمن الوثائق المصورة، وضعت رسالة الشيخة حصة بنت المر، وما لفت نظري هي الصياغة المختلفة في التحية، التي تعتمد على الفطرة والوضوح والدقة، من حيث المعنى وحيث الدلالة، بالإضافة إلى دور المرأة والعائلات الإماراتية في ذاكرة تجارة اللؤلؤ؟

 

نعم، عثرت على هذه الوثيقة التي تجاوز عمرها المئة عام، في كتاب «الغوص على اللؤلؤ في قطر تأصيل وتوثيق - صفحة 677» ومن خلالها أردت أن أوثق دور المرة الإماراتية في المشاركة والارتقاء بالاقتصاد الوطني منذ زمن بعيد، لأقول إن دورها ليس حدثاً طارئاً فرضته العولمة والمتغيرات الحديثة. 

 

بماذا تعلق حول ما كتبه روبرت كارتر في كتابه «بحر اللآلئ» حول أنه منذ 300 سنة ق.م. توجد أدلة على وجود شبكة تجارية بين الدور ودبا ومليحة في تجارة اللؤلؤ، وأن المركزين الرئيسيين هما: البحرين والدور في أم القيوين؟

 

في كل فترة زمنية هناك متغيرات سياسية واقتصادية مما ترمي بظلالها على الحركة التجارية، وما يراه روبرت كارتر في كتابه، هو صحيح من هذا المنطلق، فالموقع الجغرافي لهذه القرى الثلاث مليحة، وعلى جانبيها موانئ الدور ودبا القريبان من مضيق هرمز، والأهالي، ساعدت على أن تكون ملتقى القوافل التجارية الآتية من الشرق إلى الغرب والعكس صحيح. أما أن الدور في إمارة أم القيوين والبحرين كانتا مركزا تصدير اللؤلؤ إلى العالم، فهذا صحيح.

 

 امتاز كتابك «اللؤلؤ المكنون» بتوثيقك قوانين الغوص على اللؤلؤ، من قانون العقوبات ومن الأنظمة والتشريعات التي كان معمولاً بها آنذاك وطريقة العمل في البحر خلال يوم كامل... فهل من نبذة حول هذا؟

 

مهنة الغوص على اللؤلؤ ليست مهنة فردية، هي مهنة مجتمع لاقتصاد متكامل، لها قوانينها وتشريعاتها من قِبَل الحاكم، وهناك أجهزة تحاسب الخارجين عن هذه القوانين. ومن ناحية أخرى، توفر الحكومة بيئة حاضنة لهدة المهنة مثل حماية المحامل والبحارة، وتسهيل عملية التبادل التجاري في مناطق الغوص، وتقديم الخدمات اللوجستية لضمان استمرار عملية الغوص لأربعة أشهر، أما في اليوم الواحد لعملية الغوص فتبدأ من بعد صلاة الفجر، حيث يتناول طاقم المَحْمَل حبات قليلة من التمر وفنجان من القهوة، ويبدأ العمل في فلق المحار الذي جمع في اليوم السابق حتى تتسلل أشعة الشمس وتضيء ما حولهم، وبعد ذلك تبدأ عملية الغطس وجمع المحار. ومما هو معمول به، أن الغواص يرتاح حوالي عشر دقائق بعد كل عشر غطسات، يتناول خلالها حبات من التمر وفنجان من القهوة، وبالإجمال كان على الغواص أن يقوم بخمسين غطسة في اليوم الواحد. وبالعادة يتوقف العمل قبل غروب الشمس، حيث يتم الاستعداد لصلاة المغرب، وبعدها تقدم وجبة العشاء، وهي عبارة عن رز وسمك. وقبل النوم يقوم كل بحار بعمل ما يحتاجه من تحضيرات لليوم التالي، وهكذا تستمر الرحلة إلى أربعة أشهر.

 

 هناك بحث مهم في كتابك حول مغاصات اللؤلؤ، من رأس الخيمة إلى أبوظبي، لكن تبقى جزيرة دلما بمغاصاتها من بين أفضل مغاصات اللؤلؤ في العالم، ولآلئها الأكثر جودة عالمياً حين كانت في أوج ازدهارها؟... حدثنا عن هيرات دلما؟ 

 

تقع جزيرة دلما في أرخبيل دافئ وتيارات مائية غنية بالعوالق التي تكمل السلسلة الغذائية للكائنات البحرية في هذا الجزء من العالم. ومن الطبيعي أن ذلك انعكس على إنتاج أصداف هذه المنطقة لأفضل أنواع اللآلئ في العالم. ومن جهة أخرى كانت الجزر المحيطة بجزيرة دلما تمدها بجميع ما يحتاجه (السنيار) من مواد غذائية وتوفير الخدمات اللوجستية لجميع السفن الموجودة في هذه المنطقة.

 

 ربما لا يعلم اليوم الكثير بأن «أبو البخوش» كان موقعاً مهماً فيما سبق، وهير «بولبخوش» العميق جداً كان من أهم المغاصات في الخليج، حيث التبراة والدانات والحصابي الغالية الثمن.. هل لعائلتكم ذاكرة هناك؟ وما اللآلئ المميزة التي تقتنيها العائلة؟

 

يعتبر مغاص أبولبخوش من المغاصات العميقة، حيث كلما زاد العمق وُجِدَت اللآلئ من النوع الممتاز «الدانات». وهناك قصة لأخي الأكبر سعيد بن فردان عندما التحق بالعمل في شركة أدنوك، وهي أول وظيفة له، قال: سألني عمي مهدي بن أحمد: كيف العمل؟ وأين تعمل؟

فأجبته: إني أعمل في شركة النفط أدنوك وفي حقل يسمى بولبخوش، يقول سعيد: لما سمع عمي هذا الاسم اعتدل في جلسته، والتفت إليّ، فرأيت في عينيه اللتين أطفأتهما ملوحة الماء علامات التعجب والاستفهام، وقال لي بصوت مترفع ونبرة فيها تساؤل واستنكار: لِم بولبخوش؟! 

استغربت من هذا السؤال، وسألته: كيف عرف عمي هذا الاسم؟: فأجاب عمي بهذه الكلمات: «شو مودنك هناك». أي: ما الذي بعثك إلى هناك؟! ألا تعلم أنه مكان للغوص وكنا نذهب في موسم الغوص إلى ذلك المغاص للبحث عن أجود أنواع اللؤلؤ؟ 

 

ذكرت أسماء كل الطواويش وتجار اللؤلؤ، وفي كل إمارة على حدة، لعائلات كانت تعد العمود الفقري لاقتصاد الساحل الإماراتي وأرزاقهم، ولهم مجالس في بيوتهم، التي تتم فيها الصفقات الكبيرة، كيف تفسر اليوم تلك الحياة؟

 

عادات وتقاليد تلك الأيام ما زالت في مجالس أغلب أصحاب هذه المهن إلى يومنا هذا، وتتم فيها الصفقات التجارية، ولكن بطريقة مختلفة وأسلوب يتماشى مع المتغيرات العالمية الحديثة والأعراف المتبعة في التجارة الدولية. باختصار كان تبادل التجار في السابق يتم بكلمة واحدة فقط بين البائع والمشتري و«تحل البركة»، أما اليوم تتم الاتفاقيات عن طريق العقود واستشارات المحامين والضمانات المصرفية وإجراءات فرضتها المنظمات الدولية على التجارة العالمية.

 

 يقول جون لوريمر في كتابه دليل الخليج عن أهل جزيرة الحمرا (الزعاب) برأس الخيمة عام 1885م، بأنهم يعيشون على صيد اللؤلؤ بشكل رئيسي.. برأيك ماذا عن الأعمال الأخرى في تلك الفترة؟

 

الموقع الجغرافي لجزيرة الحمرا، القريب من مضيق هرمز، ساعد أهلها ليلعبوا دوراً كبيراً في الملاحة الإقليمية، حيث إن سكان وأهل الجزيرة استطاعوا بسفنهم الكبيرة الوصول إلى الهند وشرق أفريقيا.

 

 المرحوم السيد حسن بن إبراهيم الفردان، بوصفه خالك ووالد زوجتك، وبوصفه خبيراً في اللؤلؤ على مستوى الشرق الأوسط، ومطوراً ومعالجاً لهذا العالم اللؤلؤي، كيف هي علاقتكما العملية من حيث تعاقب الأجيال في العائلة الواحدة والمهنة المتوارثة؟

 

له الفضل الكبير أطال الله في عمره، هو معلمي وأستاذي، وهو من شجعني في خوض هذه التجربة التي حققت رغبتي وأشبعت فضولي، خاصة بعد التخرج من الجامعة، حيث شاءت الظروف أن أعمل معه في مصنع المجوهرات، وهكذا تعرفت على هذه الشخصية من خلال العمل اليومي في مكتبه. كان يعشق العمل بلا تعب ولا كلل، وله شخصية متواضعة في التعامل مع جميع أفراد المصنع، ما حفزني على الاقتراب منه أكثر. أدخلني السنة الأولى في عدة مواقف وتجارب قاسية ومن خلالها قام بإسناد بعض المهام البسيطة في المصنع إليّ، ومع مرور الزمن فتح لي أبواب أسرار هذه المهنة التي ورثها هو عن أبيه، وبقيت معه في العمل ثلاثين سنة تعلمت فيها الكثير الكثير. 

 

 النظريات العلمية الحديثة عن تكوين اللؤلؤ في كتابك، هل كان يعرفها آباؤك وأجدادك بينما كانوا يمارسون استخراجها؟ 

 

نعم يعرفونها وهي نظريات متداولة بين تجار اللؤلؤ على مستوى العالم ومن أزمنه بعيدة جداً. جاءت هذه النظريات من ثقافات مختلفة وفي أزمنة متعددة وبقيت راسخة إلى يومنا هذا.

 

 ما علاقة تاجر اللؤلؤ الفرنسي (روزنتال) ومصمم المجوهرات (بيير كارتييه) مع تجار اللؤلؤ في الإمارات؟

 

أول زيارة لتاجر اللؤلؤ الفرنسي (فيكتور روزنتال) إلى دبي كانت سرية في سنة 1906 وسكن في مبنى عبيد بن ثاني الواقع على ضفاف خور دبي، والتقى بعدد كبير من تجار اللؤلؤ الذين تربطهم به علاقة قديمة في (بومبي)، على سبيل المثال لا الحصر محمد بن دلموك، وإبراهيم بن فردان، وعبد القادر عباس وغيرهم، وقد أطلق الصحافي الفرنسي (موريس دي ويلف) من صحيفة باريس المساء على روزنتال لقب (نابليون اللؤلؤ)، وهو صاحب المحل المعروف آنذاك في شارع أفينيو دي لا أوبرا والذي بدأت شهرته عام 1871م، وأما في مذكرات بيير كارتييه التي جاءت بعنوان: «تجّار اللؤلؤ.. قصة أعيد اكتشافها بين الخليج وفرنسا في مطلع القرن العشرين» يروي فيها أنه عندما افتتح فرعاً له في نيويورك، كان يزور أسواق اللؤلؤ في الخليج بنفسه ويعقد الصفقات التجارية. ويذكر أنه في سنة 1927 زار دبي لتعزيز تجارته وفتح طرق استثمارية جديدة مع تجار اللؤلؤ في الإمارات، كما التقى المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم، حاكم دبي، آنذاك، الذي بدوره رحب به وتمنى له التوفيق في مهمته.

 

 برأيك ما الأسباب الحقيقية لانحسار اللؤلؤ؟

 

هناك أربعة أسباب رئيسة أدت إلى انحسار تجارة اللؤلؤ الطبيعي في العالم ولو لفترة مؤقتة، أولاً: الكساد العظيم أو الانهيار الكبير، وهي أزمة اقتصادية عالمية حدثت في نيويورك عام 1929 م ومروراً بعقد الثلاثينيات، وبداية عقد الأربعينيات، وتعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين. وثانياً: الأحداث التي أتت بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وتدفق الأموال للمجهود الحربي، وظهور تكتلات اقتصادية أخرى بديلة. ثالثاً: ظهور النفط في دول الخليج العربي. ورابعاً: تطور صناعة اللؤلؤ الزراعي في اليابان، ولم يكن انهيار اقتصاد اللؤلؤ حدثاً طارئاً كما يعتقد الكثيرون، بل كان تدريجياً.

 

 من الموروث الشفهي، طحن اللؤلؤ ووضعه في كأس من حليب أو ماء، وشربه كل صباح، هي من عادات تجار اللؤلؤ سابقاً، حدثنا عن هذه العادات التليدة هل كانت موجود في ذاكرة عائلتك؟

نعم موجودة هذه الميثولوجيا عند معظم الشعوب، هناك نوعيات من حبات اللؤلؤ الصغيرة جداً مثل (الرييتي) الناعمة ومثيلاتها تلك التي يصعب ثقبها وتصنيعها في عقود، لذلك فإن كثيراً من الأباطرة في الصين والهند وباكستان كانوا يقبلون على شرائها، ثم يقومون بطحنها بواسطة هاون أو المنحاس الخاص، وخلطها مع العنبر الأزرق والزعفران والمسك الأسود ويتناولونه مخلوطاً مع نصف كوب من الحليب كمقوي ومنشط للصحة. وشخصياً رأيت المرحوم إبراهيم بن فردان يخلط برادة اللؤلؤ مع العنبر الأزرق والزعفران والمسك الأسود ويتناوله مخلوطاً مع نصف كوب من الحليب الطازج كل صباح، وكان في أوج نشاطه اليومي في العمل، حيث كان يتقن عمله ويتفنن في التعامل مع حبات اللؤلؤ التي يحولها إلى عقود جميلة، وفي 15 رمضان سنة 1981 تعرض إلى حادث، وبعد 5 أيام وافاه الأجل عن عمر تجاوز 115 سنة، رحمه الله تعالى وأجزل مثوبته. 

 

 من الجميل أن نرى في الكتاب صوراً مدهشة للآلئ، فهل هي من مكتبة العائلة أو متحف خاص في المنزل؟

 

هوايتي جمع اللؤلؤ الطبيعي الخليجي، ومن كل دولة أزورها، حيث أبحث في الأسواق القديمة عن كل عتيق «أنتيك ماركت» من اللآلئ وما يتعلق بها، فأصبح عندي مجموعة كبيرة من هذه المقتنيات النفيسة التي من خلالها أقمت متحفاً في البيت ونظمت عدداً كبيراً من المعارض في الدولة وخارجها، وشاركت في الكثير من الندوات الثقافية والمهرجانات التراثية، ثم توجت هذه الأعمال بهذا الكتاب، وأهدي لصحيفة «البيان» بعض الصور.

 

 

Email