دبي تحتضن أول معرض لدانيال كانوجار في المنطقة

«الخيوط السائبة» نسيج ضوئي للأسئلة الفلسفية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعود الفنان الإسباني دانيال كانوجار إلى دبي بعد النجاح الذي حققه مشروعه «الدينامو» ضمن فعاليات الجناح الإسباني في «إكسبو 2020 دبي» تحت عنوان «الخيوط السائبة»، عبر معرضه الفردي الأول في منطقة الشرق الأوسط، الذي تحتضنه صالة عرض استديو «جالوار» في جادة سيتي ووك دبي، الذي يجمع كل الأعمال الفنية التي تشير إلى فلسفة النسيج، وربطها بالواقع الإنساني والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية عبر استكشاف بصمته في الواقع التكنولوجي المعاصر.

واقع مضطرب

ويطرح المعرض جملة من التساؤلات الفلسفية والوجودية عن جوانب واسعة النطاق تخص العالم الحديث، مثل: الهشاشة المالية والحياة والموت في مواجهة جائحة عالمية ومحاولة النظر إليها من خلال مسارات مغايرة، جمالية وتأملية، إذ نجد نوعية هذه الأعمال تتجسد في إبداعات ومشروعات دانيال كانوجار الفنية ضمن العرض، وذلك في إطارها الفكري العميق، موفرة تجربة إبداعية وسط الواقع المضطرب الذي نعيش فيه، ما يسمح لنا بمعالجة بعض القضايا الأساسية في عصرنا بشكل أفضل.وحول اختياره مدينة دبي لإقامة معرضه الفردي الأول في الشرق الأوسط، يقول كانوجار، الذي تولى تأسيس منشآت فنية عامة دائمة، وعززها بشاشات من نوع «ليد»: يمتلك العالم العربي تاريخاً رائعاً وتقاليد عميقة في الأقمشة والمنسوجات، وقد قاد العالم في الفن والجودة لفترة من الوقت. وشملت الأقمشة جملة قصص ثقافية وحكايات مجتمعية متنوعة. والواقع أن لدور وجماليات النسيج وفنونه في الخصوص كبير القيمة والأهمية في دبي، التي ترسم ملامح الإبداع في العالم بشتى المجالات، وتقود الطريق في العديد من جوانب العصر الرقمي، وهو ما جعلها المكان المثالي لمعرضي «الخيوط السائبة».

مشروع إبداعي

ويشير كانوجار المولد في 1964م بالعاصمة مدريد في حوار خاص مع الـ«البيان»، إلى أن بدايته الفنية كانت مختلفة تماماً، فقد اختار التصوير الفوتوغرافي كأول عمل، وحصل على درجة الماجستير من جامعة نيويورك في المركز الدولي للتصوير الفوتوغرافي في العام 1990، لكن اهتمامه سرعان ما تحول إلى الإمكانات الهائلة الكامنة في الصورة المعروضة وفن التركيب، وتعرف جمهور الشرق الأوسط على طبيعة أعماله الإبداعية عبر مشروعة السمعي والبصري، الذي تم تركيبه في الجناح الإسباني في إكسبو 2020 دبي.

وحول المسار الفني والفلسفي المصاحب لفكرة المعرض «الخيوط السائبة»، يقول كانوجار، الذي توزعت حياته ومسيرته المهنية بين إسبانيا والولايات المتحدة: يعتمد مشروعي الفني «الخيوط السائبة» على مفهوم الربط بين تطور الأشياء من حولنا، ومنها فكرة النسيج، حيث يعتبر العديد من المؤرخين أن نول «الجاكار» هو أول كمبيوتر في التاريخ. ويضيف: «تم إنشاء الأنماط في المنسوجات ميكانيكياً عبر الكود الثنائي للبطاقات المثقوبة، واليوم قد حلت شاشاتنا محل الأقمشة، حيث قمت بربط الكابلات واللوحات الأساسية ومنافذ الإدخال وتدفقات البيانات والآحاد والأصفار معاً، وتستكشف القطع في هذا المعرض بُعد النسيج في تجسيد أهمية التكنولوجيا وقيمتها».

تدفق المعلومات

ويوضح كانوجار، الذي عرضت أعماله الفنية الضخمة على واجهات رمزية، مثل «أملغاما إل بيدرو» في مدريد (2019)، و«ستورمينغ تايمز سكوير»: في السنوات الأخيرة، غيرت الأجهزة المحمولة حياتنا، وشجعت على المبالغة في التحفيز والحاجة إلى مواصلة التحديثات المستمرة. في هذه البيئة الإعلامية، تجذرت الرؤى المغايرة للواقع، الأخبار الكاذبة، ونظريات المؤامرة والخطر المروع، الذي نتج عنه تشتت ذهني للمعلومات والعجز عن إدراك معطياتها، وهنا تلتقط «أعمال البيانات» هذه الكمية الهائلة من المعلومات وتحولها إلى رسوم متحركة شبه مجردة في حالة تدفق مستمر، وهي إيماءة تساعد في معالجة المعلومات المفككة التي نتلقاها.

نسج الأخبار

ويشير كانوجار إلى أنه، على سبيل المثال، تعمد تشكيل صور في العمل التركيبي «ريبل»، قائلاً: «ريبل» في المعرض تمثل في النتيجة تركيبة مجردة وديناميكية تردد صدى طيات لا نهاية لها من القماش، بينما يتم تمثيل مادية المنسوجات من خلال شاشات «ليد» منحنية منحوتة تتحدى الشكل المسطح المستطيل التقليدي في العمل التركيبي «بيلو»، وتوفر «بيلو» جسدية جديدة للجهاز التكنولوجي. وحول أهم الأعمال التي يجب على الزائر التوقف عندها ملياً في المعرض، يقول كانوجار: تستجيب الأعمال والتراكيب الرقمية المعروضة طوال الوقت للبيانات الفيروسية التي يتم جمعها عبر منصات «غوغل»، كما الحال مع سلسلة «بيكسليافر»، التي تم ابتكارها باستخدام أداة خوارزمية تحاكي طريقة عمل النول، وتعزز إنشاء مجموعات لا حصر لها من الالتواء واللحمة والمعلومات، وتعرض «تشيرون»، وهي الأخبار المحدثة كنسيج فضفاض ومضطرب، في حين جاء العمل التركيبي «تونيكا»، تكريماً لضحايا «كوفيد19» من خلال شاشة تعرض أسماء أولئك الذين تُوفوا في مجتمع مدريد، وأيضاً الذين ولدوا بين عامي 2020 و2021.

Email