الفنان الإماراتي محمد الاستاد عاشق البحر الشغوف بالشيء ونقيضه

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

محمد الاستاد فنان إماراتي متعدد الاهتمامات، وهو بشكل عام، منحاز في فنه للاتجاهات الواقعية، المشوبة بالخيال، والمحقونة بنوع من السوريالية تارة.

والتعبيرية الحروفية تارة أخرى، بعدها أدخل لوحته في حقل تقاني وصياغي، معلناً بداية مرحلة جديدة في تجربته الفنية التي أسسها على واقعية حرفية، عجنها لاحقاً بالخيال، ثم أخضعها لنوع من التدوير والبحث التقاني الجديد والجريء.

بين فنين

تتوزع تجربة الاستاد في جنسين فنيين رئيسين هما: اللوحة المتعددة التقانات اللونية، المختلفة المعالجات والأساليب الفنية، والصورة الضوئية التي يتقن التعامل مع أدواتها، وإنجاز المتميز والمتقن والمعبر منها، والتي يرصد فيها حالات الطبيعة والإنسان في لحظات تجلي نادرة، دخل عليها في الوقت المناسب، مجمداً إياها في صورة تحاكي اللوحة المرسومة في جمالياتها البصرية، ودلالاتها التعبيرية.

الصياغات والأساليب والقطوعات نفسها (وأحياناً المواضيع) اعتمدها في معالجة لوحاته المنفذة في غالبيتها بألوان الزيت والأكليريك، والتي بدأها بنوع من الواقعية الحرفية، ثم الواقعية المشوبة بروح الانطباعية تارة، والسوريالية تارة أخرى، وصولاً إلى اتجاهات يصعب مدرستها.

واقعية وتدوير

التزم الفنان الاستاد الاتجاهات الواقعية، ودافع عنها عبر العديد من المنابر الإعلامية، وتبنى الفنانين الشباب المشتغلين في حقولها، وظل ينأى بتجربته الفنية عن الاتجاهات التجريدية والمفاهيمية (رغم أنه عاش في الولايات المتحدة الأمريكية /‏‏البلاد التي أوجدتها وصدرتها للأمم الأخرى/‏‏ ردحاً من الزمن) غير أن الفضول قاده أخيراً لارتياد آفاق التجريب التقاني .

فكان مشروعه (من قبور الشواطئ) بداية أبحاثه الفنية الجديدة التي مزج فيها بين أساليب تجريدية وحروفية وتشخيصية عدة، وهو يتشارك في إنجازها مع الطبيعة. وكغالبية أعماله الفنية، يحضر البحر فيها بقوة.

شكل البحر الموضوع الرئيس في أعمال الفنان محمد الاستاد. تارة يرصد فيها أمواجه بشكل (بانورامي)، وتارة أخرى من خلال مقاطع منفذة بطريقة (الزووم) بأسلوب واقعي متلون، فيه الكثير من البراعة الفنية التي تعكس شاعرية ورقة وشفافية البحر، وجهامته وقسوته وغموضه في آنٍ معاً.

ولشدة عشقه للبحر، اتخذه خلفية للعديد من الموضوعات التي عالج فيها الإنسان، كربطه بالمرأة الباكية المتوسدة أمواجه، أو بالطفولة المتأملة المدهوشة بمده وجذره، كما رصد شواطئه وخلجانه التي تستريح فيها المراكب الخشبية الهرمة، وناسه الذين لوحتهم الشمس الحارقة، وهم يعدون شباك الصيد، عبر قطوعات مدروسة، يدخل من خلالها على تجمعاتهم فوق المراكب. .

الأب الروحي

يرصد الفنان الاستاد هذه الحالات المتباينة، وفقاً للحالة الشعورية التي تتملكه أثناء مواجهته لها. والبحر (كما يقول) علمه الهدوء بصمته الرهيب، وعلمه الثورة بهيجانه. أما أمواجه الهادئة التي تتنفس على الشاطئ، فقد علمته الابتسامة الصادقة، وأعماقه علمته الصبر والكتمان.

فهو بذلك الأب الروحي له، أخذ منه الكثير، وتعلم منه الكثير. أما اللوحة لديه فهي نافذة خاصة يطرح من خلالها وعبرها، وجهات نظره الشخصية حول ما يجري حوله.

التعبير بالشيء ونقيضه

جوانب عدة من هذه النظرة، يجسدها الفنان الاستاد في لوحاته التي يزاوج فيها بين مفردات الواقع والرمز، مؤسساً من نتاج هذا التزاوج، الحوامل التشكيلية لهواجسه وإرهاصاته المتمحورة حول قضايا الإنسان المعاصر (الإماراتي بشكل خاص) متخذاً من الشيء ونقيضه وسيلته الرئيسة للتعبير عن هذه الهواجس.

ويرمي الفنان الاستاد فوق سطح لوحته، تأملاته ورؤاه وأفكاره وفيض روحه، عبر توليفة متقنـة من الأشكال الواقعية المشخصـــة والرمــــوز.

والفنـــان الاستاد حريص على اعتماد لغة بصرية واضحة ومقروءة في معظم أعماله الفنية، دون أن يقع في مطب التسجيلية الباردة.

Email