مسجد محمد قرقاش.. تصاميم تردد أصداء الأجواء الإيمانية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في حضرة الأجواء الروحانية تتجلى روعة السكينة والتأمل، حيث العيون تتعلق بالسماء، حينها يصبح للدهشة إيقاع لافت، ويغدو التعلق بالخير شأننا وديدننا، بينما يلهج اللسان بذكر الله، عز وجل، فندعوه بأن يرزقنا أياماً جميلات غير متشابهات، محملة بالرزق والرحمة، وأن تكون ساعاتها مليئة بطاعات الرحمن، الذي رفع السماوات من غير عمد، وهو ما يتجلى بقيمة فريدة مؤثرة، ضمن مساحة خاصة، يتمدد عليها مسجد المرحوم محمد عبدالخالق قرقاش، حيث تشع أنوار الصلاة لرب أذن للعباد أن يذكروا اسمه في بيته، بينما يقفون صفوفاً متراصة بكل خشوع، ويتلون ما قدر لهم من آيات الذكر الحكيم، ويهللون لرب كريم، ففي ذاك الصرح المعماري، الذي استقر في منطقة القوز بدبي، مرتدياً حلته البيضاء الناصعة، يعيش المصلون الذين يدلفون إلى المكان أجواء روحانيه مسكونة بالسلام والراحة الداخلية. 

بين جنبات المسجد الذي أبدعته المصممة المعمارية سيمة الدباغ على مساحة 3731.27 متراً مربعاً، يتجلى صدى صوت النداء الذي ما إن يعلو حتى يأتيه الناس خفافاً من كل حدب وصوب، يدخلونه وهم يرددن خلف المؤذن بنفس ما يقول، لتبدو هذه العملية انتقالاً من عالم مادي إلى آخر يفيض بالروحانية، وقد «ذروا البيع» وشدوا رحالهم إلى المسجد، الذي تميز بتصاميمه المعاصرة والبسيطة، وتم فيه الاستناد إلى أصالة الهندسة الإسلامية التقليدية، التي يتجلى حسنها في الأنماط المثلثية لتشكل في مجموعها نمطاً هندسياً متكرراً يكاد أن يكسو البناء الخارجي للمسجد، وهو ما يزيد من قدرتها على إغراء العين. 

 

رؤية بصرية

سحر خاص يكتنف بناء المسجد، الذي يعد أحدث إضافة إلى المشهد الإيماني في دبي، فكل ما فيه يبوح بالرؤية البصرية المبهرة، التي تقوم أساساً على النمط المثلث، والتي تم توزيعها في كامل الهيكل الخارجي والداخلي لبيت الله، ما جعلها أمكنة تتسلل منها أشعة الشمس نحو الداخل، لتنيره بضوء طبيعي خالص، وهو ما يوفر أجواء هدوء طبيعي قادر على بث الإيمان في الأرواح، التي تقف مع كل صلاة في صفوف، تتحاذى فيها الأكتاف والأقدام معاً، في مشهد روحاني ساحر. 

ما إن تقف تحت قبته المزدوجة، حتى تنساب أشعة الشمس بكل هدوء لتعانق الروح داخل المسجد، ليبدو ذلك بمثابة استثمار للضوء الطبيعي، ما يجعل المسجد متوائماً مع البيئة، فيما تظهر في تصميمه اللمسة المحلية التقليدية، سواء في طريقة البناء أو المواد المستخدمة، وهو ما يمنحه بعداً جمالياً آخر، جعل منه صرحاً معمارياً ذا نكهة خاصة ومتفردة. 

نحو عام مر على افتتاح المسجد، ورغم فخامة تصميمه المعماري، إلا أنه بدا غير متكلف في زخرفته الداخلية، التي خلت منها جدرانه، وقد اقتصرت زخرفتها على النمط المثلث، وهو ما منح المسجد مشهداً بصرياً مريحاً، كما أنه قادر على توفير المساحة التي يحتاج إليها كل من يلج إليه لأجل الصلاة، فيما يلمع المحراب بقول رب العزة في محكم التنزيل: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) وقد خطت الآية الكريمة بالثلث، وصبغت بلون ذهبي لامع، يتواءم تماماً مع طبيعة تصميم المحراب، الذي لم يفلت من التصميم العام للمسجد، الذي لعب اختيار الخط دوراً هاماً في تصميمه العام، وهو ما يتجلى في التفاف آيات «سورة الرحمن» حول قاعة الصلاة من الخارج، ليبدو ذلك بمثابة إشارة خاصة إلى الطبيعة الروحانية للمساحة المخصصة للصلاة. 

 

كتل منفصلة

ما إن تقف قبالة المسجد، حتى تدرك تماماً ما الذي فعلته أنامل سيمة الدباغ، من تبسيط للعمارة الإسلامية التقليدية، وهي التي قسمت المسجد إلى كتل منفصلة، إحداها خصصت للصلاة، والأخرى كتلة الخدمة، التي تضم مرافق الوضوء، ومكان إقامة الإمام والمؤذن، ولعل ذلك قد ساعدها على ابتكار فناء خاص، غطي بمظلة ممتدة تعمل على وصل الكتل المبنية مع بعضها البعض، مع مراعاة خصوصية كل كتلة والغرض منها.

Email