القصة القصيرة والمبدعون.. شغف يتجدد

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

توصف القصة القصيرة بأنها سرد حكائي نثري، تهدف إلى تقديم حدث وحيد غالباً في فترة زمنية قصيرة لتعبر عن موقف أو جانب من جوانب الحياة، وقد ازدهر هذا اللون من الأدب في أنحاء العالم مع موباسان وزولا وتشيخوف وغيرهم. وفي العالم العربي نضجت القصة القصيرة على أيدي يوسف إدريس في مصر، وزكريا تامر في سوريا. وفي الإمارات ازدهرت كتابة القصة القصيرة في سبعينيات القرن الماضي على أيدي مبدعين متميزين أمثال عبدالله صقر وشيخة الناخي وغيرهما، لكن مع مرور السنوات بدأ انتشار الرواية بشكل أكبر لدرجة أن بعض كتاب القصة هجروها إلى عالم وفضاءات روائية أوسع، عن هذا قال عدد من النقاد والكتاب في حديثهم لـ«البيان» إن كتابة القصة القصيرة شغف متجدد يحتاج لمهارة، وهي حاضرة بقوة، لكن الشهرة في وقتنا الراهن تبقى للرواية.

مهارة خاصة

وفي هذا السياق، أوضح القاص والروائي علي الحميري أن «القصة القصيرة فن جميل، وقليل جداً من استطاع أن يفهمه ويتعامل معه، وربما وصلنا في الإمارات إلى كتابة القصة متأخرين، ولكن استطعنا أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون». وأكد الحميري أنه متفائل بجيل الشباب بكتابة هذا الفن، وقال: «هناك عدد من المبتدئين بدأوا بكتابة القصة القصيرة، ومثل هذه الكتابة تدل على قدراتهم، فهذا الفن ليس بالسهل، ولكن مع الأيام تزداد الخبرة».

بدورها قالت القاصة عائشة عبدالله: «كان كتاب القصة القصيرة من قبل أكثر من الآن، حيث كثر كتاب الروايات، وذلك لاستسهال السرد الذي لا يتميز بالحبكة القوية في بعض الأحيان، والذي يحتاج إلى تكثيف في القصة، وهو صعب على البعض». ورأت أنه يجب أن يكون هناك ورش كثيرة ومسابقات تدعم كتاب القصة القصيرة التي تحتاج إلى مهارة خاصة.

وذكرت الروائية والقاصة فتحية النمر: «إن طرائق دعم القصة القصيرة كثيرة، أولاها أن يحترم كاتبها نفسه، ويحترمها، ويقتنع أنها فن قائم بذاته، ولا يتوجب عليه أن يحمل هم كتابة الرواية، ما دام قاصاً، وأن يتم التواصل مع كتّاب القصة القصيرة من كل الأجيال، وأن يعطوا حقهم في التقدير والتكريم».

تحديات

من جهتها، قالت الروائية نورة النومان: «لم أكتب القصص قبل الرواية، فالقصص القصيرة بمفهومها المثالي تعتمد على مهارة الإيجاز، والأهم أن تضع العالم في عدد قليل من الصفحات، وأن تنتهي بمفاجأة، إن لم تكن هذه المهارة موجودة فلا نقدر أن نكتب».

وأضافت: «لم تكن تجارب القصص القصيرة بجديدة على الإمارات، والرواية جاءت بعد القصة القصيرة، وعلى الرغم من أنه لدينا في الإمارات الكثير من المبادرات في الثقافة والأدب ولكن لا يوجد في الجامعات العربية مساق واحد للكتابة الإبداعية، لذلك يبدو التحدي كبيراً، وهذه المهارات والمساقات ممكن أن تظهر في شهر القراءة لإظهار المهارات والمواهب».

تجربة مستمرة

ذكر الكاتب والناقد عبدالفتاح صبري: «ارتبطت نشأة بعض أجناس الأدب في الإمارات بتأسيس الدولة، خاصة القصة القصيرة والرواية، وكانت القصة القصيرة مؤسسة على وعي بالمستجدات، فاستشرفت المستقبل وحرضت على التمسك بالقيم، وكان صعودها الغني والكمي باهراً».

وبيّن صبري: «القصة الإماراتية موجودة، لكن بهت الحديث عنها وتوقفت النشاطات التي كانت تبرزها وتقدم نتاجها للجمهور العريض سواءً الإعلام أو مناشط المؤسسات الثقافية، فالقصة متوارية في الظل، نظراً لاتساع الاهتمام بالرواية من قبل حركة النشر بحثاً عن الربح». وتابع: «هناك جيل يتشكل باستكمال مسيرة القصة والحفاظ على اندفاعها وتطورها من خلال ورش وفعاليات متعددة، أهمها الآن الورش المستدامة وساحة الإبداع التي تجريها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، تحت عنوان «برنامج دبي الدولي للكتابة»، التي أسهمت في الكشف والمساندة لمواهب إماراتية عدة تبشر بمستقبل زاهر ومستدام للإبداع القصصي الإماراتي، ورغم الاهتمام الفائق بالرواية فساحة الإبداع تقدم نماذج منها ومن كتابتها على مدار الوقت، ولكن الاهتمام بها هو الذي خفت».

قيمة

أكدت الروائية والقاصة فتحية النمر أن القصة القصيرة ليست مظلومة أبداً، بل هي موجودة جنباً إلى جنب مع أخواتها من الأجناس الأدبية الأخرى كالرواية، ولا يوجد شيء ينتقص من قيمتها وأهميتها مهما طال الزمن. وأوضحت: «القصة فن رائع قائم بذاته، ولا يعني أبداً أن انتقالي لكتابة الرواية يجب أن يكون مفروغاً منه، فقد أكون من محبي القصة القصيرة، وأكتبها، وأظل مخلصة لها».

Email