شيّد وفق الطراز المعماري الفاطمي

جميرا الكبير.. منارة لافتة في مشهد دبي العمراني

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لبيوت الله مكانة عالية في دبي، حيث تهوى لها القلوب وبها تعلقت، وهي عامرة بأصوات المؤمنين الذين يأتون إليها خفافاً من كل حدب وصوب، ابتغاءً لمرضاة الله تبارك اسمه وتجلى.

من بين جنبات مساجد دبي يشع نور الإيمان والتسامح، فتحت سقفها تنبض حياة أخرى، مليئة بالجمال والإيمان.

وكذلك هو مسجد جميرا الكبير، الذي يعانق بمنارتيه عنان السماء، منيراً بها دروب الناس، ممن تعودوا أن يقصدوه للذكر والعبادة وإقامة الصلاة، أو حتى لأولئك الذين يقصدونه للتعرف على تعاليم ديننا الحنيف، حيث يتخذ منه مركز محمد بن راشد آل مكتوم للتواصل الحضاري نموذجاً لتعريف زوار دبي بما يحمله ديننا من تعاليم إيمانية.

عمر مسجد جميرا الكبير مديد، وهو الذي شيّد على قواعد الإيمان، ليكون أحد البيوت التي أذن الله تعالى أن يرفع فيها اسمه، حيث يتمدد المسجد على مساحة 3000 متر مربع، وقد بدأت عملية الإنشاءات فيه عام 1975، بأمر من المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، حيث تم افتتاح المسجد رسمياً في 1978، ليكون منارة لافتة في مشهد دبي العمراني، وهو ما يمكن ملاحظته بمجرد أن تطأ أقدامك طريق شاطئ جميرا، فالمسجد يقع بالقرب من دار الاتحاد، التي شهدت الإعلان التاريخي لقيام الدولة في 1971.

تصميم لافت

لمسجد جميرا الذي يتسع لنحو 1500 مصل، تصميم معماري لافت، مستلهم من الطراز المعماري الفاطمي الذي سكن ولا يزال في الذاكرة الإسلامية، ليمنح المسجد المنطقة التي يقف فيها طابعاً إيمانياً ومعمارياً خاصاً، بفضل كتلته النحتية البهية التي تمتاز برصانتها ومستوى جودتها العالية، فيما منارتيه تزيدانه ألقاً ورشاقة، وتتكاملان مع قباب المسجد التي زينت بزخارف نافرة قادرة على إغراء العين بمجرد النظر إليها.

هذا التكامل كان كفيلاً بأن يمنح المسجد مكانة خاصة ولقباً خاصاً به أيضاً، حيث عرفه الناس أجمعين باسم «أبو منارتين»، قبل أن يستقر في ذاكرة الناس باسمه الحالي.

ما أن تقف قبالة المسجد وتدقق في تصميمه، حتى تشعر بروعته التي تتجلى بمجرد أن تغمض الشمس عينها، وتشعل الأضواء المحيطة به، ليشكل «جميرا الكبير» مثالاً رائعاً على ما تمتلكه العمارة الإسلامية من جماليات خاصة، فالمسجد شيّد على الخطوط ذاتها التي شيّد عليها مسجد الأزهر في القاهرة، معيداً بذلك إلى الذاكرة روائع المعماري الإيطالي ماريو روسي، الذي ترك بصمة لافتة على مجموعة من مساجد القاهرة والإسكندرية والمركز الإسلامي في واشنطن، حيث تمتاز المئذنتان باستقلاليتهما تماماً، فكل واحدة منهما تنهض على مربع متين، لتتخذ في الأعلى شكلاً مثمناً، وتحيطها شرفة بهية، لتنتهي بالشكل الدائري الذي يكتسي بزخارف صيغت بطريقة تشبه تلك التي تزين القباب، فيما تتزين المنارتان بهلال برونزي تقليدي.

 سحر المشهد

روعة العمارة الإسلامية في «جميرا الكبير» ليست قاصرة فقط على شكله الخارجي، وإنما تتجلى جمالياتها أيضاً في داخله، حيث يكمن سحر المشهد الذي يشع إيماناً، بفضل الزخرفة البديعة والألوان البهية التي أكسبت المسجد خصوصية كاملة، ومنحته شكلاً فريداً، تميز بالخطوط العربية الأصيلة التي خطت بها آيات الذكر الحكيم التي تكاد تلف مركز المسجد وجوانبه كلها، وهو ما ستلحظه بمجرد أن تلج من بوابات المسجد، لتبهرك غابة الأعمدة النحيلة التي ترفع سقف المسجد، وقد وزعت بطريقة لافتة، بينما تبدو الأقواس الداخلية أشبه بحلل بديعة، وقد كسيت جميعها بزخرفة جصية نادرة، صبغت بألوان بهية قادرة على خطف العيون، لتبرز بذلك الجهد المعماري المبذول، والذي يتجلى تماماً على الجدران والسقف، وكذلك المحراب الذي يتميز بتقشفه من الزخرفة المبهرة، ليحافظ في ذلك على ما يمتلكه المسجد من بهاء خاص.

«جميرا الكبير» ليس مسجداً عادياً وحسب، وإنما بات يمثل وجهة لكل أولئك الذين يتطلعون إلى اكتشاف تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، فهو يعتبر من المساجد القليلة في دبي التي توفر جولات استكشافية لغير المسلمين، حيث يتولى تنظيمها مركز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتواصل الحضاري، والذي يرفع شعار «أبواب مفتوحة.. عقول مفتوحة»، فمن خلال هذه الجولات يتيح المركز لغير المسلمين فرصة التعرف على التاريخ والحضارة الإسلامية وتعاليم الدين الإسلامي، وطريقة الصلاة، بالإضافة إلى تعريفهم بمفهوم كرم الضيافة الذي تمتاز به دبي والإمارات.

Email