التقرير الثالث ضمن سلسلة مكتبة محمد بن راشد

«ذخائر المكتبة».. هيبة التاريخ وسحر الماضي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

للتاريخ هيبته، بين صفحاته تقرأ سيرة الأولين، أولئك الذين تركوا بصماتهم بين ثنايا السطور، لتكون «منارة معرفية» تضيء أمامنا ظلمات الطريق، ها هم تركوا لنا خبرتهم ومعرفتهم وعلومهم، وخطواتهم أيضاً لنسير عليها، وندرك عبرها إنجازاتهم وحضاراتهم وما تميزوا به، تلك التي نتلسمها بمجرد أن نقطع عتبات معرض «ذخائر المكتبة» الذي يحتضن في قلبه، مجموعة قيمة من المخطوطات والمقتنيات النادرة، التي تفتح عيوننا على جماليات الحضارة الإنسانية، وتمنحها بعضاً من تفاصيلها الثرية.

مقتنيات نادرة
ما أن تلج بوابة المعرض الدائم في مكتبة محمد بن راشد، سيخطفك الصمت، وأنت تتأمل مجموعة المقتنيات النادرة بكل جمالياتها وتفاصيلها، حينها ستدرك ما قاله الراحل نزار قباني يوماً ما، بأن «الصمت في حرم الجمال جمال»، وستواصل رحلتك بين جنبات المعرض الذي يعد «متحفاً ثقافياً حضارياً وإنسانياً»، كما وصفه جمال الشحي، عضو مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، ستتنقل بين الصناديق الزجاجية، لتتلمس آثار العرب في الحضارة الإنسانية، وتطالع إنتاجات الغرب الأدبية وتعاين أقلاماً ومقتنيات لا تقدر بثمن، ستقف مشدوداً أمام أول طبعة للقرآن الكريم باللغة العربية صدرت في هامبورغ عام 1694، وكذلك الطبعة الأولى من كتاب «وصف مصر»، وهو سجل موسوعي للآثار المصرية والتاريخ المصري في القرن الثامن عشر، طُبع في الأعوام 1809 – 1828، وتمت كتابته وتجميعه إبان الحملة الفرنسية على مصر للقائد العسكري الفرنسي نابليون بونابرت، كما ستعاين مجموعة من الكنوز المتمثلة في إصدارات مبكرة من الكلاسيكيات الأدبية، وترجمات لاتينية لأعمال علمية من العصر الذهبي الإسلامي، بالإضافة إلى مجلات ودوريات عربية نادرة من العالم العربي وخارجه وغيرها الكثير.

كتب وأطالس
وصف المعرض بـ «المتحف الثقافي» لا يعد تعبيراً مثقلاً بالمبالغة، وإنما هي حقيقة واقعة على الأرض، حيث يقول جمال الشحي إن المعرض «يجمع عديد المقتنيات النادرة من عصور عدة، وبعضها يعكس مسيرة حضارتنا العربية». وأنت تجول بين جنبات المعرض، الذي توقع الشحي أن يكون خلال السنوات المقبلة واحداً من «أبرز المعارض الجاذبة للسياحة الثقافية»، مبرراً ذلك بـ «حجز أكثر 3 آلاف تذكرة لزيارة المعرض خلال شهر واحد فقط»، ستدرك حجم «ذخائره»، التي تتمثل في مجموعة فريدة من الكتب والأطالس والمخطوطات النادرة والقديمة، التي يعود بعضها إلى القرن الثالث عشر الميلادي، كما يضم الطبعات الأولى من كثير من كتب الرحلات إلى الجزيرة العربية، وكتب وصف منطقة الشرق الأوسط، ومجموعة ثمينة من الخرائط الأوروبية والعثمانية للجزيرة العربية من القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر، من بينها خريطة بطلمية مذهبة وملونة للجزيرة العربية مطبوعة في عام 1482، إضافة إلى مجموعة متنوعة من الأطالس التي تم انتقاؤها بعناية، من بينها أطلس نادر عن النجوم وأطلس بحري وأطلس عن الخيول والصقور.

مهد الحضارات
وأنت تجول في أروقة المعرض، ستشعر لوهلة بأنك تسير على خطى الحضارة العربية، التي طالما دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى استئناف مسيرتها، ومجموعة المقتنيات التي يضمها المعرض تبرز هذا الجانب، وبحسب الشحي، فإن المعرض يعرض للجمهور «كيف كانت المنطقة العربية مهداً للحضارات البشرية، وكيف ساهمت في النهوض بمكوناتها عبر تشجيع العلم والمعرفة»، ويرى أن ذلك سيسهم في «تشجيع الأجيال المقبلة على الاطلاع والمعرفة التي تقودهم لاستئناف الحضارة العربية والإسلامية». ويقول: «العرب قديماً برعوا في العديد من العلوم المعرفية والإنسانية ومن بينها علم الفلك، وبتقديري يتوجب على الأجيال القادمة أن تكون على دراية ووعي واطلاع بما تركه الأجداد من إرث علمي ومعرفي وثقافي في كل المجالات والتخصصات»، معتبراً أن المعرض «يساهم في بناء روح البحث العلمي لدي هذه الأجيال، ليقودوا الطريق نحو المساهمة في النهضة الحضارية والإنسانية وتصدر أمتنا كل المؤشرات العالمية بما يدعم رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في استئناف مسيرة الحضارة العربية».

ثروة معرفية
ترجمات ومخطوطات ومقتنيات تاريخية وأطالس وكتب «ثمينة» ونادرة الوجود، تكاد أن تشكل «ثروة معرفية لا تقدر بثمن»، وفي هذا السياق، يؤكد الشحي، أن المعرض «سيسهم بشكل كبير في دعم وتحفيز استراتيجية الدولة الشاملة في القطاع الثقافي والمعرفي». ويقول: ««ذخائر المكتبة» بلا شك سيعمل على تعزيز وإثراء المشهد والحراك الفكري والثقافي محلياً وإقليمياً وعالمياً بفضل ما يحتويه من كنوز معرفية متعددة، وهو ما يتماشى مع رؤية إدارة المكتبة في تصميم وتأسيس المعرض لينمي روح البحث والمعرفة لدى الأجيال القادمة تمهيداً لتمكينهم من قيادة المشهد الثقافي على مدار الخمسين عاماً المقبلة».

 

Email