إبداعات جريمانيسا أموروس تضيء علاقة الإنسان بمحيطه الاجتماعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تطرح الفنانة الأمريكية جريمانيسا أموروس في عملها الفني الأخير «سينتيا» أسئلة جوهرية عن تأثير تحولات العصر الراهن في الصحة الذهنية والنفسية للأفراد في المجتمعات الحديثة، إذ تجسد في عمل فني تركيبي ضخم صورة استجابة خلايا الدماغ البشري للمؤثرات البصرية والصوتية والحركيّة التي يتعرض لها يومياً.

وتحاول أموروس في عملها الذي يعرض في مركز أزكونا زينتروا للمجتمع والثقافة المعاصرة، في بلباو بإسبانيا، الإجابة عن الأسئلة الأولى لعلاقة الإنسان بعناصر الطبيعة الأساسية، من النار، والماء، والتراب، وتبحث عميقاً في المشاعر المتجذرة في النفس البشرية التي توضح آليات تفاعله مع محيطه الاجتماعي.

فن

وتقدم أموروس بعد استكشاف هذه الموضوعات الجمالية عملاً فنياً ضخماً معلقاً في الهواء بين مجموعة من الأعمدة، يظهر مركزه كأنه خلية عصبية تتشعب منها الأسلاك التفاعلية المضيئة، إذ يظهر التكامل بين عناصر الطبيعة الأساسية في تواصل مباشر بين الضوء والحركة والثبات، لتعبر بذلك رمزياً عن الإنسان وحجم علاقته بمحيطه الاجتماعي والبيئة التي يتفاعل فيها والمتغيرات التي يواجهها يوماً.

واختارت أموروس أن يكون عرض عملها الفني في فضاء مكاني مرتفع ليحقق المتعة البصرية للمشاهدين، إذ تدعو الجمهور لفتح حوار ثلاثي الأركان بين العمل، ومكان عرضه، وأنفسهم، في تجربة حيّة تستند في جوهرها إلى قوة التواصل في تحقيق الفهم، والاستيعاب، والشعور الخالص بالذات والعالم.

لغة بصرية

وتستند الفنانة في عملها إلى الضوء، بوصفه لغة بصرية حية، إذ توظف تأثير حركة الضوء وتغير مستوياته وألوانه وشدته في مزاج وشعور الإنسان، لتصل بذلك إلى حوار كامل بين العمل الفني والمشاهدين، يتنامى ويحقق أثره بحركة الضوء واستجابة الجمهور العاطفية.

ويتجسد المعنى الجوهري لما أرادت الفنانة الوصول إليه في عملها، بالوقوف ملياً عند عنوان العمل «سينتيا»، إذ يعد اسم العمل كلمة لاتينية تعني المعرفة والخبرة والتجربة، كما تشير في دلالتها إلى النشاط التفاعلي الاجتماعي، والبحث عن الحكمة، وهو ما يحقق غاية الفنانة في فتح أفق المجال أمام المشاهدين والجمهور للوصول إلى ذواتهم العاطفية، وتعزيز وعيهم بأثر مشاركتهم وحضورهم في محيطهم الاجتماعي.

وتستكشف الفنانة الأمريكية من أصول بيروية، جريمانيسا أموروس في أعمالها الفنية عموماً التواصل المجتمعي ضمن منظومات التاريخ والتكنولوجيا وهندسة العمارة، وتتضمن أعمالها الضوئية الضخمة مقاطع فيديو واستخدام الضوء والعناصر الإلكترونية لتوفير بيئات تفاعلية، وتستخدم التكنولوجيا الحديثة لتحقيق التكامل في مفاهيم أعمالها من دون تحديدها، وتستقي الإرث الثقافي مصدراً للإلهام، ولكنها لا تنظر إلى موضوعاتها نظرة الحنين، إذ يلتقي الماضي والمستقبل في أعمالها.

محاضرات

وتشارك الفنانة متحدثة رئيسة في المتاحف والمؤسسات والجامعات، إذ تسعى محاضراتها لتمكين الشابات، وتشجيع الفنانين، وجذب طلاب وأعضاء الهيئات التعليمية في مجالات الهندسة المعمارية والعلوم والتكنولوجيا، وعرضت الفنانة أعمالها في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، وشاركت ضيفة متحدثة في «تيد غلوبال»، وهي حاصلة على «زمالة منحة نيا للفنون البصرية»، كما شاركت في برنامج «الفن في السفارات» في الولايات المتحدة، وعُرضت أعمالها في عدد من المتاحف، منها متحف «لودفيج»، و«كافا»، و«كاتونا»، و«متحف جامعة سيول الوطنية للفنون».

Email