يقع في سوق المرفأ بدبي

«متحف أجهزة الاتصالات».. من السنترال إلى الحقبة الرقمية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بين جنبات دبي تستقر العديد من المتاحف، حيث تسكن حروف التاريخ في أروقتها، التي نزورها بين الفينة والأخرى لنعاين تفاصيلها لندرك ما صنعه الأولون، وهم الذين تركوا بصمتهم لامعة على أشياء عديدة، بعضها اتخذ من رفوف المتاحف مقراً له، وأخرى لا تزال تحتضنها أيادينا وتقلبها، بوصفها نتاج جهد الأولين الذي يتجلى حضوره في أروقة وغرف «ميوزيم هاب» (مجمع المتاحف) في سوق المرفأ بدبي، والذي يفتح عيوننا على بعض من تفاصيل الماضي، الذي «نحن إليه» كلما قطعنا عتبات المتاحف. 

المشهد في «ميوزيم هاب» يبدو مغرياً، فهو يرفل بقطع نادرة، ولا سيما تلك التي اجتمعت تحت ظلال «متحف أجهزة الاتصالات»، الذي يبدو شاهداً على القفزات النوعية التي شهدتها البشرية منذ اللحظة الأولى لابتكارها الهواتف وحتى يومنا الحاضر، الذي تجاوزت فيه هواتفنا مرحلة الاتصال لتصبح وسيلة لاستكشاف العالم أجمع، الذي يفصلنا عنه فقط «كبسة زر» واحدة، قادرة على فتح الآفاق أمامنا، والتقاط أي معلومة نبحث عنها، حتى وإن كانت في أقاصي الأرض، ونحن الذين نقف حالياً مع دبي على عتبات الحقبة الرقمية. 

قطع نادرة

بمواجهة باب الغرفة يقف ناصر سليمان، مؤسس «ميوزيم هاب»، مقلباً أجهزة الاتصالات القديمة، يعاينها بعين خبيرة، وهو الذي احترف جمع القطع النادرة منذ ما يتجاوز العقدين ونصف العقد، يشير بيده إلى صندوق بني اللون صنع من الخشب وقد خرجت منه مفاتيح سوداء عديدة، ويقول: «هذا الجهاز هو أقدم سنترال، وهو من الأجهزة الأولى التي استخدمت في منطقتنا والعالم قديماً»، لكن ناصر لا يتوقف عند حدود ذلك الصندوق، الذي قال إنه كان «قديماً يستخدم في القاهرة والمدن الكبيرة التي شهدت ثورة الاتصالات». ويقول: «في هذه الغرفة سعيت إلى جمع أكبر قدر ممكن من أجهزة الاتصالات المختلفة بدءاً من السنترال القديم ومروراً بالهواتف الثابتة على اختلاف أنواعها وتصاميمها، وليس انتهاءً بالهواتف النقالة بأنواعها المختلفة»، ويضيف: «من خلال هذه الغرفة يمكن أن نقرأ تاريخ ثورة الاتصالات التي شهدها العالم عبر الزمن، وكيف تطور هذا القطاع وتبدلت أحواله مع مرور الوقت، حتى وصلنا اليوم إلى الهواتف الذكية التي تفتح أمامنا أبواباً متعددة في تواصلنا مع أقراننا حول العالم»، ويشير إلى أنه استغرق سنوات عديدة في جمع هذه القطع التي اختلفت في ألوانها وتصاميمها واستخداماتها أيضاً. 

في الغرفة المخصصة لأجهزة الاتصالات، تزاحمت القطع التي توزعت على الأرض، بعد أن ثقلت «الرفوف» بعشرات القطع التي يعود بعضها إلى سنوات الخمسينيات وما بعدها، بحسب ناصر سليمان، الذي ترجم من خلال «ميوزيم هاب» شغفه في جمع المقتنيات الثمينة والنادرة. ويبين بأن بعض الأجهزة التي يمتلكها كانت مستخدمة في السفن وأخرى في الطائرات وثالثة في الشوارع، إلى جانب أخرى كانت تسكن بيوت الناس على اختلاف لغاتهم وألسنتهم. بين القطع المتناثرة في أرجاء الغرفة، سكنت الهواتف الخلوية التي ظهرت على مدار سنوات، بدءاً من هواتف «نوكيا» وليس انتهاءً بالأجيال الأولى من هواتف «آبل» و«سامسونغ»، حيث اختلفت هذه الهواتف في أحجامها واستخداماتها، وهي التي صارعت الزمن طويلاً قبل أن يكتب اسمها في صفحات النسيان. 

ثروة معرفية 

شغف ناصر سليمان باقتناء أجهزة الاتصالات المختلفة، فتح عينيه على «بطاقات الاتصالات» التي اجتهد في جمع أكبر عدد منها، ويقول: «في ظلال هذه الغرفة سعيت إلى جمع كل ما يتعلق بالاتصالات من أجهزة وإكسسوارات مختلفة، بما في ذلك البطاقات التي تعودنا قديماً على استخدامها سواء في هواتف الشوارع أو لاحقاً في تعبئة رصيد هواتفنا الخلوية». ويضيف: «بالنسبة لي أجد في هذه البطاقات ثروة معرفية واسعة، فعند معاينتها يمكن لنا اكتشاف العديد من الأحداث والأماكن التي نمتلكها في الدولة، ولذلك أرى فيها وثيقة تاريخية جديرة بالاهتمام». ما تضمنته تلك الغرفة من أجهزة لم تكن قاصرة على الهواتف وحسب، وإنما اتسع نطاقها ليشمل أيضاً مجموعة كبيرة من أجهزة الفيديو والتلفاز القديمة والتي اختلفت هي الأخرى في أحجامها كما أشكالها، كما ضمت أيضاً عدداً من الآلات الكاتبة القديمة التي سبقت ظهور الكمبيوتر، ليكشف لنا ذلك عن حجم التطور الذي شهدته البشرية خلال العقود الأخيرة.

Email