بلغ حجم سوقها خليجياً نحو 3 مليارات درهم

الألعاب الإلكترونية استثمار ذهبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

معروفة دبي بكفاءة أعمالها، وقوة بنيتها التحتية، وموقعها الجغرافي الذي جعل منها «البوابة الأوسع» إلى منطقة الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ أيضاً، والتي توصف بـ «موطن أكبر أسواق الألعاب في العالم». دبي التي تقف على عتبات الحقبة الرقمية لم تكن بمنأى عن صناعة الألعاب الإلكترونية، التي يتوقع أن تكون «واحدة من أهم الاستثمارات الاقتصادية العالمية»، حيث بات الجميع يتطلعون إلى مستقبلها، في وقت تشير فيه التوقعات إلى أنه سيكون لهذه الصناعة تأثير كبير في حجم الناتج الإجمالي للأسواق المتطورة تكنولوجياً، ومن بينها دبي.

«14 ساعة، هو متوسط عدد الساعات التي يمضيها اللاعبون في الإمارات في ممارسة ألعابهم الإلكترونية أسبوعياً»، إشارة تبدو لافتة للعيان، أطلت بها دراسة أجرتها أخيراً شركة «استراتيجي ميدل إيست»، لتكشف من خلالها عن حجم الإقبال على الألعاب الإلكترونية. الدراسة حملت بين ثناياها أرقاماً أخرى، كشفت فيها عن أن «قيمة سوق الألعاب الإلكترونية في منطقة الخليج بلغت في 2021 نحو 3.013 مليارات درهم (821 مليون دولار)»، وقد ارتفعت هذه القيمة بنحو 369 مليار درهم (128 مليون دولار) مقارنة مع عام 2017.

ما تحمله الدراسات والأبحاث المختلفة التي تلقي الضوء على صناعة الألعاب الإلكترونية، تفتح العيون على حجم مساهمات هذه الصناعة في الاقتصاد الإبداعي المحلي والعالمي أيضاً، خاصة في ظل توجّه العديد من الشركات نحو «الميتافيرس» سعياً منها لإنشاء مقرات لها في العالم الافتراضي، الذي تشكل الألعاب جزءاً أساسياً منه، وبلا شك أن ما تمتلكه دبي والإمارات من بنية تقنية عالية الجودة، أتاحت الفرصة لتطوير هذه الصناعة التي «تحولت بالنسبة لبعض المواطنين والمقيمين على أرض الدولة إلى مهنة»، وهو ما تؤكده مؤسسة دبي المستقبل، في إحدى دراساتها الصادرة قبل نحو عامين، حيث تشير فيها إلى أن «البعض اتجه لتدريس طرق اللعب، كوسيلة لكسب الرزق».

تقرير مؤسسة دبي المستقبل، أفاد بأن حجم «الأموال التي التي أنفقها اللاعبون على الألعاب خلال 2018، بلغ 138 مليار دولار»، وتوقعت المؤسسة بأن «يصل حجم سوق صناعة الألعاب الإلكترونية 300 مليار دولار عام 2025»، مستندة في ذلك إلى ما حققه سوق الألعاب الإلكترونية في 2018 من نمو بلغت نسبته 13.3% عن العام 2017. الأرقام التي أطلت بها دراسة مؤسسة دبي المستقبل، تؤكد أن «الاستثمار في الألعاب الإلكترونية يعتبر من أبرز الاقتصادات النامية على مستوى العالم، لما فيه من تحفيز للمتلقي على الاستمرار في اللعب، الأمر الذي ينتج عنه إنفاق مالي عالٍ جداً على المستوى الفردي»، ولفتت المؤسسة في دراستها إلى أن «نمو الأرباح نتج جزئياً عن خيارات الدفع الإضافية في الألعاب، فبعد أن كان اللاعبون يدفعون سابقاً ثمن اللعبة الجديدة فحسب، بدأ العديد من المطورين بتوفير ترقيات داخل الألعاب وتحسينات تطلب من اللاعبين دفع مزيدٍ من الأموال».

93 مليار دولار

الاهتمام بصناعة الألعاب الإلكترونية، لم يكن قاصراً على دبي فقط، وإنما انسحب ذلك على مناطق مختلفة من العالم، وهو ما تؤكده دراسة لمؤسسة «نيو زوو» العالمية المتخصصة في دراسات الألعاب الإلكترونية، والتي أشارت إلى أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ تصدرت الهرم، حيث بلغت حصتها من الإنفاق الاستهلاكي العالمي 64%، وأرجعت الدراسة سبب ذلك إلى «حجم الإنفاق الهائل في الصين والولايات المتحدة الأمريكية واليابان، ونوهت المؤسسة في دراستها بأن «الإنفاق على ألعاب الهاتف المحمول ارتفع بنسبة 7.3% ليتجاوز 93 مليار دولار في عام 2021، حيث شكلت الألعاب المحمولة 52% من إنفاق اللاعبين في جميع أنحاء العالم العام الماضي». في حين بين تقرير شركة أكسينشر الأمريكية والصادر في أبريل 2021 بأن «صناعة الألعاب الإلكترونية (سواء ألعاب الفيديو أو الهاتف)، تزيد قيمتها على 300 مليار دولار على مستوى العالم، بينما قدرت شركة نيلسن لأبحاث السوق نصيب ألعاب الفيديو من هذه الصناعة بحوالي 140 مليار دولار في عام 2020، محققة بذلك نمواً سنوياً قدره 12%».

مجتمعات إبداعية

ومع دخول دبي حقبة التحول الرقمي، فإن نصيبها من «كعكة الصناعة» بدت كبيرة، معززة ذلك بما تمتلكه من مجتمعات إبداعية هدفها الرئيسي، تعزيز الصناعات الإبداعية في دبي، وفي هذا السياق، يقول ماجد السويدي، مدير عام مدينة دبي للإعلام ومدينة دبي للاستديوهات، ومدينة دبي للإنتاج: «تحتضن مجمعاتنا الإبداعية كوكبة من صناع المحتوى والمواهب والمبتكرين من كافة أنحاء العالم، وتتداخل أدوارهم جميعاً بشكل متناغم في إخراج المحتوى»، ويرى السويدي بأن هذه المجمعات وبغض النظر عن ماهية المنتج، قادرة على رفد الأسواق بمنتجات ذات جودة وكفاءة عاليتين، نظراً لما تمتلكه من تنوع في المهارات والكفاءات العاملة فيها، بفضل توفر فرص التعاون بين أصحاب الطلب وطيف متنوع من مزودي الخدمات، بدءاً من أصحاب العمل الفردي والمواهب المستقلة، وصولاً إلى كبرى الشركات العالمية لتلبية مختلف أنواع الطلب وتوجهاته.

السويدي يرى أن «ألعاب الفيديو تعد مظلة جامعة لمجالات صناعة المحتوى المختلفة». وقال: «يمكن القول بأن هذه الصناعة هي نموذج مثالي يعكس أهمية وجود مجمعاتنا الإبداعية التي تجمع بين صناع المحتوى المرئي والمسموع والمكتوب وخبراء التكنولوجيا والفنيين، وهم جميعاً معنيون بصناعة لعبة فيديو واحدة على سبيل المثال لا الحصر، ناهيك عن جهود فرق التسويق والترويج، والتي بحد ذاتها تشكل سلسلة منفصلة، تعمل على التعريف «باللعبة»، وتحقيق انتشارها عبر قنوات الإعلام التقليدي والرقمي على المستويات المحلية والإقليمية، وربما العالمية، حيث تتخذ هذه المؤسسات الإعلامية من مجمعاتنا مقراً لها»، مؤكداً أنّ كل ذلك «يحدث بانسيابية تامة في مجمعات دبي الإبداعية».

مركز الصناعات

ويضيف: «قبل نحو 22 عاماً شهدت دبي إطلاق سلطة المنطقة الحرة للتكنولوجيا والإعلام، والتي تحولت لاحقاً إلى سلطة دبي للمجمعات الإبداعية، وجاء إطلاق هذه المجتمعات بهدف جعل دبي مركزاً للصناعات القائمة على المعرفة»، وبحسب السويدي «تتمتع مجمعاتنا بشبكة من الشركات المعروفة في مجال صناعة ألعاب الفيديو والألعاب الرقمية مثل ريوت جيمز، نزارا، بوس باني، جالاكسي ريسر المتخصصة بالرياضات الإلكترونية، «فولك كرييتف» و«بيكسيل هانترز» المتخصصة بصناعة الرسوم المتحركة للألعاب، وجيم باور7 الشركة التي تعمل على تطوير الألعاب». وقال: «هذه الشبكة واسعة العلاقات وهي تتعاون مع مؤسسات أخرى موجودة ضمن دول المنطقة، وهو ما يوضح أهمية الاستثمار في هذه الصناعة وحجم الفرص الواعدة التي تجلبها على الصعيد الاقتصادي».

ويؤكد السويدي في حديثه أهمية مواصلة العمل على «تعزيز الأعمال وفرص الاستفادة من البنية التحتية المتقدمة، لتشكل مجتمعاً محفزاً وملهماً ومجهزاً بأحدث التقنيات الداعمة لدفع عجلة صناعة المحتوى بمختلف أشكاله ومنها الألعاب الإلكترونية». ويقول: «نحن نتابع عن كثب واقع هذه الصناعة، كما توضحها التقارير العالمية، ونسعى للاستفادة من الفرص التي توفرها هذه الصناعة التي تحولت من مجرد الترفيه إلى حاجة مؤسسية، حيث باتت العديد من المؤسسات تلجأ إلى اعتماد أنماط من التدريب المهني الافتراضي باستخدام ألعاب تحاكي الواقع.

مستقبل مؤثر

رأي المنتج غسان الأسعد، الرئيس التنفيذي لشركة CMS المتخصصة في صناعة المحتوى وتصميم الألعاب والإنتاج السينمائي، لم يكن مغايراً لما أفاض به السويدي، ولكنه آثر في حديثه الذهاب إلى عوالم «الميتافيرس»، حيث قال: «تمتلك دبي بيئة جيدة ساعدت وتساعد على نمو قطاع الألعاب، والذي نتوقع في السنوات القليلة المقبلة أن يتحول إلى مساهم رئيسي في الناتج الإجمالي المحلي، وذلك بفضل قوة البنية التحتية التكنولوجية التي تمتلكها دبي، وهو ما جعلها رائدة في صناعة الألعاب الإلكترونية على مستوى المنطقة»، مشيراً إلى أن صناعة الألعاب باتت من «أهم الاستثمارات الاقتصادية العالمية، وأنّ لها مستقبلاً مؤثراً بشكل كبير».

وقال: «اجتهاد دبي خلال الفترة الماضية في جذب شركات الإنتاج وتلك المعنية بالتكنولوجيا، وإنشاء المجمعات الإبداعية، أسهم في تعزيز مكانتها في هذه الصناعة التي تزيد قيمتها عالمياً على 300 مليار دولار، ولكن بتقديري أن الأهم يكمن في أن الكثير من المواطنين والمقيمين على أرض الإمارات، قد بدأوا بالتوجه نحو اتخاذ الألعاب الإلكترونية كمهنة لهم، سواء من حيث التعليم أو التسويق أو غير ذلك، وهذا يكشف عن مدى حجم الاهتمام بهذه الصناعة في ظل ارتفاع معدل الإنفاق عليها في المنطقة. وبيّن الأسعد بأن تحوّل دبي نحو الرقمنة، وتوسع نطاق عوالم الميتافيرس من شأنه أن يعزز من مكانة دبي في هذه الصناعة. وقال:التوقعات تشير إلى أن حجم سوق الميتافيرس سيصل إلى 800 مليار دولار في 2024.

Email