عبقري التصوير الياباني – الجزء الثالث

ت + ت - الحجم الطبيعي

المرحلة التالية لـ«دومون» كانت تضج بحاجته لإيجاد منهجه الخاص للواقعية والتعبير عنها في ممارسته كمصور. في عام 1955، قرَّر توجيه كاميرته للأطفال في شوارع مناطق «شيتاماتشي» التي تقطنها الطبقة العاملة التقليدية في طوكيو حيث كان يعيش، ونشر هذه الصور تحت اسم Koto no kodomo (أطفال Koto)، لكنه لم يكن راضياً عن النتائج، فسافر إلى هيروشيما في يوليو 1957، فيما مجموعه 6 زيارات استغرقت 36 يوماً في المدينة، حيث أجرى مقابلات وجلسات تصوير في عدد من المؤسسات، بما في ذلك مستشفى الناجين من القنبلة الذرية ومدارس لأيتام الحرب والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والمكفوفين.

وبعد وضع اللمسات الأخيرة على خطط كتابه «هيروشيما» (نُشر عام 1958)، استمر «دومون» في زيارة هيروشيما ما يقرب من 10 مرات أخرى، حيث حصل على إجمالي 5800 نيجاتيف. ومن بين هذه الصور، قام بطباعة 800 صورة، وأخيراً قام بتصفية هذه الصور إلى 171 صورة اختارها ليُدرجها في الكتاب.

ورغم أن الصور كانت في معظمها مروّعة إلا أنها في نفس الوقت كانت عملاً مُفعماً بالحب، حيث وضع فيها «دومون» كل طاقاته وموهبته. لاقى الكتاب استحساناً كبيراً في اليابان وخارجها. وقد استخدمت الصور التأثير الكامل لعين «دومون» الثابتة التي تنظر مباشرةً إلى مواضيعه، ومن بين الصور كانت هناك واحدة لعملية زرع جلد في فروة رأس مريض، وتوأم في مدرسة «ميسيان» للمكفوفين.

مقالة الكاتب والناقد «إيزاوارو كوتارو» المنشورة في «اليابان بالعربي»، التي تناولت سيرة شيطان التصوير الياباني، لم تبح بكل أسرارها بعد، ففي حياة هذا المصور مراحل تصاعدية لا تنتهي من العطاء والإبداع.

فلاش

إيمان «ديمون» بضرورة واقعية العدسة لترجمة قضايا الشارع، كان وقوده الأثمن.

 

Email