أدب السيرة.. مشروع مؤسساتي لا فردي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تضيء السير الذاتية على عوالم وتفاصيل خفية، وتظهر للقارئ أحياناً أموراً كانت سرية لحين قرر كاتبها الإفصاح عنها.

وتنبع أهمية السير الذاتية من قيمة كاتبها سواءً أكان أديباً أم سياسياً أم غير ذلك، وتساعد السير النقاد في تصنيف دوافع الاتجاهات الإبداعية للكاتب وكيف أثرت حياته على كتاباته، وهو ما نجده في مذكرات الشاعر بابلو نيرودا، وفي مذكرات نيكوس كازنتزاكيس التي جاءت بعنوان «تقرير إلى غريغو» وغير ذلك الكثير.

وبالنظر للساحة الأدبية الإماراتية، نرى أن هذه السير قليلة سواءً أكانت عن مبدع رحل ولم يتم كتابة تجربته، أم عن مبدع يضيء على تجربته الذاتية، وهو ما دفع عدداً من الأدباء للتأكيد في حديثهم لـ «البيان» على أن الكتابة عن سير الرواد الراحلين يحتاج إلى دعم المؤسسات خصوصاً.

وعن سير المبدعين الراحلين قال الأديب علي أبوالريش: «لا شك بأنها تعود لمشكلة الوقت ذاتها فالكل منشغل، فمن يكتب الآن عن ابن ماجد وغيره، أضف إلى أن مثل هذه السير تحتاج لمؤسسات ثقافية تدعم الأفراد، فهناك من السير المهمة جداً والتي لا تقل أهمية عن سير أخرى في العالم العربي، ولكن توثيقها يحتاج لإرادة وقرار ثقافي حقيقي»

سيرة الناخي

ذكرت الأديبة أسماء الزرعوني: صحيح، هناك قلة، لكن كروائية وجدت أن أغلب الروايات التي قرأتها لمن أعرفهم بشكل شخصي أن الروائي يتكلم عن نفسه بطريقة غير واضحة، فهذه الشخصية موجودة في روايته وأحياناً يوزعها على الأبطال، وحتى أنا لا أقول أني كتبت بطريقة واضحة سيرتي، ولكنها متوزعة ما بين أبطال رواياتي، مثلاً «شارع المحاكم» الأغلبية سألوني من أنت من هذه الشخصيات، فقلت لهم أنا لست شخصية واحدة، إنما وزعت نفسي على 4 فتيات.

وتابعت: كتبت أخيراً شيخة الناخي روايتها «وتلك الأيام» وأنا اعتبرتها سيرة ذاتية تتكلم عن والدها وكيف نشأت وعن تأسيس الرابطة وعن علاقتها، وثقت كل شيء حتى أنها ذكرتنا بالأسماء في روايتها، ويمكن أن تكون الفريدة من نوعها التي كتبت بهذه الرواية سيرتها الذاتية.

الأدب الزئبقي

من جهتها، قالت الناقدة الدكتورة مريم الهاشمي: «لم يزل تحديد أدب السيرة زئبقياً ويحتمل التأويل، وذلك أنه يمكن أن يتقارب مع فنون كتابية أخرى كالمذكرات ورواية السيرة والرسائل واليوميات وغيرها، وفي الوقت ذاته نجد التداخل بين الذاتية والغيرية، وهناك كذلك من ذهب للسيرة الذاتية هي أن يكتب المرء بنفسه عن تاريخ نفسه، فيسجل حوادثه ويسرد أعماله وآثاره».

وأوضحت: «تتفاوت الأسباب حول خجل حضورها في الساحة الثقافية - بنوعيها - ومنها عدم تملك البعض لناصية اللغة التي تؤهله لكتابة سيرته، ويعزف آخرون عنها من منطلق أنها كتابة خلاصة تجارب ومحطات الحياة، والمجتمع العربي لم يزل مجتمعاً متحفظاً بعض الشيء، وأي كاتب هو في النهاية إنسان مرت عليه ظروف ومواقف وأشخاص، فيتحرج أحياناً لا لنفسه وإنما لغيره من أن يذكرهم في سيرته احتراماً لخصوصيتهم».

قيمة

أكد الأديب علي أبوالريش أن كتابة السير الذاتية تحتاج لزمن خارج نطاق الاستهلاك العادي، والآن لا وقت للأديب لكتابة السيرة الذاتية، فهي تختلف عن الرواية كونها استدعاء للذاكرة وتحتاج للوقت والاسترخاء.

ربما بعد عقدين من الزمن يخف هيجان هذه الحركة ويكون لدى المبدع المتسع من الوقت لكتابة سيرته الذاتية التي تعد من أهم الصنوف الأدبية، وتحتاج إلى أن يكون الكاتب صادقاً مع نفسه ويعود إلى لاشعوره الفردي والجماعي، ويرى صوراً وأحداثاً من المفروض أن يتناساها وهنا تكمن الصعوبة.

Email