دبي .. صديقة وملهمة أصحاب الهمم

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

اتخذوا من الأمل سلاحاً، ولم يركنوا إلى العجز، فأطلقوا إبداعاتهم، وسعوا إلى تنمية مواهبهم، إنهم أصحاب الهمم، الذين وجدوا في دبي حضناً دافئاً، المدينة التي منحتهم صداقتها، فنالت عن ذلك لقب «مدينة صديقة لأصحاب الهمم».

إنها مدينتهم التي يتجولون فيها بكل أريحية، ويتنقلون بين مراكزها المتخصصة، التي احتضنتهم، وعملت على توفير كافة احتياجاتهم.

أخذت دبي بأيدي أصحاب الهمم، وساعدتهم كثيراً في إطلاق مواهبهم وإبداعاتهم، بعضهم تعلم بين جنبات هذه المراكز، أصول رقصة اليولة، ليعكس ذلك تمسكهم بالأصالة، وآخرون توسدوا الألوان، وعشقوا تفردها، فأنتجوا لوحات غاية في الجمال، جلها مستلهمة من معالم دبي، وهناك من عشق الموسيقى، وتعلم طرق الصعود على سلمها، ليتخذ من الآلات الموسيقية وأوتارها، وسيلة لإسعاد الناس.

ما إن تلج بوابة مركز راشد لأصحاب الهمم، حتى يقابلك علي أركان العامري، بابتسامة واسعة، ليعرض عليك التقاط صورة بكاميرته، التي لا تفارق كتفه، حيث أصبح هو والكاميرا صديقان لا يفترقان، وتمكّن من خلالها أن يلفت أنظار الجميع.

علي العامري استطاع عبر عدسة الكاميرا، أن يتجاوز تحديات متلازمة داون، وما تفرضه من عقبات في طريقه، ليتخذ منها طريقة «تعكس نظرته المتفائلة للحياة»، بحسب تعبيره لـ «البيان»، ويقول: «منذ سنوات، وقعت في عشق الكاميرا، ومن خلالها بدأت ألتقط الأشياء والمناظر الطبيعية المحيطة بي».

عين علي العامري بدت واسعة المدى، ولم تقتصر على التقاط المناظر الطبيعية فقط، وإنما وسّع من دائرة صوره، وبات أرشيفه يضم العديد من معالم دبي، التي عبّر مرات عديدة عن «عشقه لها»، كما اجتهد أيضاً في تدريب نفسه على التقاط صور نجوم الفن، تاركاً بذلك الخجل وراء ظهره، حيث يتولى علي تصوير العديد من الفعاليات التي تقام داخل المركز، وهو ما يبعث في نفسه السعادة، كون الكاميرا تمكّنه من التفاعل مع الناس من حوله، وتزيد من ثقته بنفسه.

في إحدى زوايا غرفة الفنون، تعوّد إلياس سواتي الجلوس، فارداً أمامه ألواناً عديدة، جلها يبعث على الهدوء والفرح.

يضع إلياس أمامه صورة لبرج خليفة، بينما تتوزع عينيه بين الصورة ولوحة الكانفس، وقد سكب عليها بعض ألوانه، في محاولة منه لتجسيد البرج الأطول في العالم، من خلال نظرته الخاصة، ووفق تعبيره، فهو يعشق زيارة المنطقة التي يقع فيها البرج، حيث يمتد فيها الأفق ويتسع، ويقول: «هناك الكثير من المعالم في دبي، أحبها كثيراً، وأطمح لرسمها على الورق»، ويضيف: «من خلال الألوان، وجدت ذاتي، واستطعت عبرها أن أتخطى العقبات التي تضعها متلازمة داون أمامي، حيث أشعر أن الرسم والألوان تفتح عيني على الحياة، وما تتضمنه من جماليات».

إلياس لا يدخل غرفة الفنون وحيداً، وإنما ترافقه مجموعة من رفاقه، الذين وقعوا هم أيضاً في «هوى الألوان»، كما كوكب محسن، التي تجيد الكلام باستخدام الريشة، حيث تمكنت هي الأخرى من تطوير مهاراتها، لتنجز العديد من البورتريهات الخاصة بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي تزين ردهات المركز.

على الطرف الآخر، وجد جاجوا سوسا، عشقه في الموسيقى، وهو الذي تعلم فنون الطرق على الطبول الضخمة، التي يجد فيها متنفساً لطاقاته الإبداعية، لتبدو هذه الطبول بمثابة «كلمة السر» التي منحته حق الدخول إلى غرفة الموسيقى، وشد انتباه الجميع له، ليتخذ جوجوا، الذي يعاني من متلازمة برادر – فيلي، منها طريقاً لزيادة تفاعله مع محيطه، ورفع ثقته بنفسه.

الفنون والموسيقى، بدت خطة جيدة لعلاج أصحاب الهمم، وبحسب مريم عثمان، المدير العام لمركز راشد لأصحاب الهمم، فهي تعد ركناً أساسياً في قائمة العلاجات والتأهيل، التي يعتمدها المركز. وتقول: «أعتقد أن وجودنا في دبي، قد ساهم كثيراً في توسيع وتطوير منظومة العلاج لدينا، فالمدينة متطورة للغاية، وبنيتها التحتية مؤهلة لتسهيل حركة أصحاب الهمم، فضلاً عن نوعية المبادرات التي نشهدها في دبي بين الحين والآخر، والتي تناصر أصحاب الهمم، وتأخذ بيدهم نحو آفاق جديدة، تمكنهم من التعبير عن إبداعاتهم وتثري من مواهبهم»، مشيرة في الوقت ذاته، إلى أن «دبي تستحق بالفعل لقب مدينة صديقة لأصحاب الهمم».

وتضيف: «إمكانات كثيرة توفرها دبي لأبناء هذه الشريحة، الذين يستلهمون عزمهم وإصرارهم من قوتها ومعالمها البارزة، وكذلك من قيادتها التي لم تغض الطرف أبداً عنهم، وعملت على تشجيعهم وتقويتهم، لتجاوز التحديات وتحويلها إلى فرص».

Email