هل ينفع الرقص لفك الحصار عن الإنسان؟

"أيام قرطاج الكوريغرافية" تنطلق في تونس بمشاركات "تشتاق إلى الفضاء الأرحب"

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن التنقل يوما تحديا يواجهه الإنسان كما هو اليوم. الصورة العامة تعكس تطورا كبيرا في البنى التحتية وشبكات المرور بين بلاد العالم، لكن التفاصيل تسرد أمورا معيقة: أوبئة، أزمات سياسية وأمنية، تضخم في اقتصادات كبرى الدول، تراجع في معدلات التسامح وتوتر في قبول الآخر زائرا أو مقيما.. كل ذلك يؤدي إلى شلّ حركة الإنسان وانعزاله وتشتيت طاقته الحيوية. وفي طليعة فئات الناس الذين يذوون تماما مع حصار تلك الطاقة هم بطبيعة الحال.. الفنانون.

شكّل هذا المأزق منبعا رئيسيا للعناوين التي رفعتها تظاهرة ثقافية في عالم الفنون الأدائية في تونس تنطلق اليوم باسم "أيام قرطاج الكوريغرافية" لثمانية أيام وبحضور 22 فنانا من تونس والعالم.

ويركز الكوريغرافيون، الذين يستخدمون غالبا لغة الجسد ضمن حركات تكون مدونة سابقا مع هوامش بسيطة من الارتجال، من أجل التعبير عن الأفكار التي تشغلهم، في قوالب فنية مسرحية لا تخلو من الموسيقى والوسائط الرقمية، على انتماء هذه الدورة إلى وثيقة انتجت في فبراير الماضي في "منتدى عوالم البحر المتوسط" تذكّر حق الإنسان والفنان في التنقل بحرية ومن دون حدود في الحياة الثقافية وعبر جغرافيا الدول كونه جزءا من واقع "تبادل السلع غير المادية".

مفاهيم معاصرة

وتحاول الدورة الحالية من "أيام قرطاج الكوريغرافية"، الذي يعتبر أول حدث بإشراف حكومي يختص بفن الرقص، أن تعزز النقاش حول مفاهيم الاقتصاد الإبداعي والاستدامة الثقافية والعلاقة بين الفن وحماية البيئة، جنبا إلى جنب مع حق الوصول إلى المعلومات وحاجة الفنان إلى تجاوز الحدود والسفر.

يقول يوسف الأشخم، مدير عام المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية، "إن فن الرقص حين يكون "بعيدا عن الكليشيهات" بوسعه أن يفتح نوافذ "نرى بها العالم بزوايا نظر أرحب"، ويضيف:" كلما نطق شخص جديد، وعبّر عن أغوار وجدانه بطريقة فنية، اتسع المشترك بيننا وتجلى القرب الإنساني".

هذا القرب، بإمكانية الوصول إليه متى رغب الشخص، وبأيسر الطرق، هو مما يشغل بال سليم بن صفية، المدير الفني. يقول:"عانى الفنانون خلال سنتين وأكثر من تأثيرات كورونا التي أغلقت فضاءات العروض الفنية وجعلتنا نكتفي بالنسخ الرقمية.. لقد افتقدنا الرقص كثيرا الذي لطالما يجتاز بنا الحدود، واليوم نعود لنحتفي في القاعات والفضاءات العامة، مع وفود من مصر وفلسطين وفرنسا وكندا وبروكينا فاسو، وبالطبع تونس".

قضايا لافتة

وتكرّم دورة هذا العام التونسي عماد جمعة الذي يعتبر "أحد أبرز رواد الكوريغرافيا والرقص المعاصر في تونس"، وهو صاحب لائحة غزيرة من الأعمال من بينها:" ليلة بيضاء" و"أولاد البطحة" و"صولو".

وغالبا ما تسعى هذه التظاهرة التي تندرج تحت نشاط "وزارة الشؤون التونسية الثقافية"، مع شركاء تونسيين وعالميين، إلى لفت الأنظار لقضايا إنسانية شاملة، من خلال ربطها بالفن وتحديدا فن الرقص. وفي العام الماضي، ناقشت الدورة التي بثت رقميا إشكالية كرامة الإنسان من خلال حقه بالاحتفاظ بكرامة جسده، كما سلطت الضوء على التحديات التي يعانيها الراقصون والراقصات في مجتمعاتنا العربية.

Email