تطوير الذكاء الإبداعي والفني لدى الأطفال بات من أهم مسارات التكوين المعرفي المرتبط بمفاهيم الاستدامة كونها أساساً للمنظومة الثقافية المعاصرة، والتي تسعى الفعاليات والورش وكذلك المبادرات في إمارة دبي إلى تعزيز حضورها، من خلال منهجية فنية وتقنية محفزة لدى فئات عمرية متعددة، كحاضنة متجددة للمواهب الفنية من الصغار والناشئة وتنمية قدراتها الخاصة نحو اكتشاف مواطن الجمال والفنون لخامات يتم إعادة تدوير في سلة المهملات، وفي تسلسل جذاب لمسارات الفن البيئي المعاصر.

وحول أهمية برنامج الأطفال والمجموعة الفنية بمعرض «آرت دبي 2022»، في تطوير مهارات الأطفال الفنية يقول محمد سعيد الشحي، الرئيس التنفيذي في مجموعة أ.ر.م. القابضة: «لطالما سعى البرنامج لرعاية مواهب الجيل القادم من الأطفال في دولة الإمارات، وتوسيع آفاق إبداعهم. وفي نسخته الثانية، يدعو البرنامج الأطفال إلى إلقاء نظرة مرتين على سلة المهملات خاصتهم. وتتمثل الفكرة هنا بإمكانية إعادة تصميم المواد المهملة ومنحها فرصة جديدة للحياة عبر تحويلها إلى أشكال فنية مميزة. وقد استلهمنا هذه الفكرة من الفنان سايروس كابيرو، حيث شكّلت إعادة تصميم وتشكيل المواد المهملة وتحويلها إلى أعمال فنية ركناً رئيساً في ممارسته الفنية. كما يلاقي هذا الموضوع ترحيباً كبيراً من قبلنا في «أ.ر.م. القابضة» انطلاقاً من شغفنا الكبير بالاستدامة».

وفي ما يتعلق بقدرة البرنامج على اكتشاف المواهب الكامنة في الأجيال المقبلة من الفنانين يقول الشحي: «بالتأكيد نحن نتطلع لتحقيق ذلك. كما أننا ملتزمون بتمكين المواهب وتعزيز القدرات الفنية والإبداعية عبر كافة مبادراتنا، لذلك، فإننا نأمل أن يفكر الأطفال المشاركون في ورش العمل اليوم باختيار مسار مهني فني أو ثقافي على نطاق أوسع كنتيجة للانخراط في هذا البرنامج الملهم».

ميول فطرية

بدوره، قال الفنان والنحات سايروس كابيرو: «سواء كنت أعد عملاً فنياً أو أحضر لورشة عمل، أتأكد أولاً من أنني سعيد بعملي. فإذا كنت سعيداً بما أقوم به وأفعله، فأنا أعلم أن جميع المعنيين من حولي سيكونون سعداء أيضاً. وعند التعامل مع الأطفال، أولويتي الأولى هي التأكد من سلامة الجميع، وذلك نظراً لتمتع الأطفال بالفضول والإبداع بطبيعتهم، لذا لا أقلق بشأن اختراعاتهم، ولكني فقط أتأكد من أنهم آمنون أثناء إنشائها». وأضاف: «الاعتراف بقدرات الطفل في التعبير الفني اعتراف بشخصيته وما لديه من ميول واستعدادات فطرية، وذلك يحتم علينا إدراك الخصائص أو الاتجاهات التي تتميز بها تعبيراته الفنية في سياق العمل المتواصل معه على تنفيذ فكرة الورشة. مما ينعكس إيجابياً على سلوكه فيصبح أكثر نشاطاً ويقظة وطموحاً ومغامرة».

مشروع جميل

وحول نتائج الورش وفعاليتها المطروحة لطلبة المدارس قال أغنيس شيخ مدرس فنون، ورئيس قسم الفنون بمدرسة ليسيه فرانسيه جان مرموز: «سارت الجلستان المخصصتان لهذا المشروع بشكل جيد للغاية. فقد أحب طلابي حقاً عمل الفنان سايروس كابيرو، وكما كان من المفيد للغاية أن يكون لدينا الكثير من مواد إعادة التدوير التي قدمها فريق «آرت دبي». بشكل عام هو مشروع جميل وناجح استطاع أن يشد طلابي نظراً لأنه سُمح لهم باستخدام كل شيء».

ومن جانب آخر، تؤكد جودي ويلمان مديرة استديو «بيتفن»، أنّ نادي الفنون باستديو «بيتفن» بمدينة دبي المستدامة يبتكر العديد من البرامج الفنية الثقافية الملهمة للأطفال لتنمية قدراتهم على التعبير والحوار باستخدامات الألوان، إلى جانب الخامات والأشكال الفنية المعاد تدويرها واستثمار مهاراتهم في التواصل لربطها بالعديد من الأنماط الثقافية وأهمها القراءة والبحث ضمن أجواء تفاعلية ترتقي بنشاطه الإنساني والعاطفي من قبل معلمين مختصين وفنانين حرفيين.

أداة تواصل

وتضيف ويلمان: «التعلم عبر الفنون يصنع الفرق، فالتربية الفنية تلعب دوراً كبيراً في حياة الطفل، وذلك من خلال إتاحتها الفرصة له لممارسة التعبير الفني بالرسم الذي يعد أداةً مناسبةً للحوار وتحقيق التواصل مع الآخرين، وكذلك تجسيد مشكلاته وأفكاره بشأن المحيط الذي فيه، فحبهم للألوان يدفعهم بطبيعة الحال إلى التعبير عن شخصيتهم وحاجاتهم النفسية، وإثبات قدراتهم الإبداعية والفكرية ضمن مجموعة الورش الفنية المصممة بعناية».