نوعية الحكاية الفارق بين دراما الكبار والصغار

ت + ت - الحجم الطبيعي

«محاكاة لفعل الإنسان»، هكذا يعرّف الفيلسوف اليوناني أرسطو الدراما، التي تتعدد أشكالها، وتتلون وفقاً لطبيعة الحكاية التي تسردها على الشاشة الكبيرة، بعض هذه الحكايات مرعبة، وأخرى تأتينا مرتدية ثوب الكوميديا، وثالثة تظهر فيها الميلودراما بشكل لافت، ولا تختلف دراما المراهقين والصغار كثيراً عن تلك الموجهة للكبار، من حيث التكنك والرؤية الإخراجية، لتظل حبكة الحكاية هي الفارق بينهما.

عالمياً تمكنت هوليوود وما تضمه تحت سقفها من استوديوهات ضخمة من تقديم إنتاجات درامية وسينمائية، تتناسب مع مرحلة المراهقة وما قبلها، والمتابع سيدرك كيف رافقت هذه الاستوديوهات خطوات الشباب الصغار، وتجولت معهم داخل حدود مدارسهم وبيوتهم، وحتى الأماكن التي يرتادونها، لتقدم لهم صوراً مختلفة عن نوعية الحياة، التي يبحثون عنها والقضايا التي يفكرون فيها، ويطرحونها في ما بينهم.

عربياً، لم يكن الحال كذلك، فقد جاءت معظم الإنتاجات مخصصة للكبار، وأخرجت «الشباب الصغار» من دائرة اهتمامها، لتطل علينا مجموعة أعمال تدور في فلكهم كما الفيلم الاماراتي «ساير الجنة» للمخرج سعيد سالمين المري، ومن قبله فيلم الانيمشن «بلال»، وأيضاً مسلسل «يوميات ونيس» التي لعب بطولتها الفنان محمد صبحي وسعاد نصر.

حيث كان المراهق جزءاً منها، وهناك مسلسل «خلي بالك من زيزي» من بطولة أمينة خليل، ومحمد ممدوح، والطفلة ريم عبد القادر، والذي سلط الضوء على إشكالية اضطراب فرط الحركة، وتشتت الانتباه عند الأطفال وتأثيراتها، من تنمر وعنصرية وإقصاء، وغيرها، لكن هذه الوجبة الدرامية لم تكن كافية، وهو ما أتاح المجال أمام المنصات الرقمية لدخول هذه المنطقة، وتقديم إنتاجات تتعرض لقضايا المراهقين والصغار، وتقدم حياتهم على الشاشة.

كما في «مدرسة الروابي للبنات» الذي قدمته شبكة نتفليكس، ليكون العمل الثاني بعد تقديمها لـ«جن» (2019)، ليثير العملان زوبعة من الجدل على ساحات التواصل الاجتماعي، بوصفهما «لا يمثلان التقاليد العربية»، خاصة مسلسل «جن»، الذي جاءت بعض مشاهده منافية للآداب، وهو ما حاولت الشبكة المنتجة تجنبه في «مدرسة الروابي للبنات»، الذي قامت بترجمته إلى 32 لغة، وسعت فيه إلى التطرق لمجموعة من القضايا الحقيقية، ومن بينها التنمر وآثاره المدمرة على الشخصية، بالإضافة إلى مجموعة المشكلات التي تتعرض لها الفتيات تحديداً، ولعل ما ميز «مدرسة الروابي» و«جن» انتمائهما إلى فئة المسلسلات القصيرة، التي يمكن بكل سهولة تحويلها إلى سلسلة متكاملة.

Email