أكد أن المشهد الثقافي الإماراتي سيعزز حضوره العالمي

حمد الحمادي لـ«البيان»: الرواية أوسع من تضييق النقاد

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بين كلماته تجد الشغف، فهو صاحب قلم مضيء، يعرفه تماماً كل من تابع مشاهد مسلسل «خيانة وطن» وأبحر في «ريتاج» التي بني عليها المسلسل، وتحسس كلمات «يساراً جهة القلب»، و«هل من مزيد» و«لأجل غيث» وغيرها من الأعمال التي قدمت الدكتور حمد الحمادي روائياً صلداً لا ينقطع مداده أبداً، وهو الذي تعود عبر أعماله الاحتفاء بالوطن، مقدماً بين جوانح كلماته، طموحاته وأحلامه.

في بحور الأدب السياسي، رفع الحمادي أشرعة سفينته، ليطرق أبواب العديد من القضايا الشائكة، معتبراً في حديثه مع «البيان» أن «الرواية أوسع من التضييق الذي يحاول بعض النقاد فرضه عليها»، مؤكداً أن «الأدب السياسي يحمل بين ثناياه مجموعة من الرسائل الهادفة، وترسيخ الوطنية»، مبدياً تفاؤله حيال الرواية الإماراتية والمشهد الثقافي المحلي، قائلاً إنهما «سيحظيان في الخمسين عاماً المقبلة بحضور عالمي بارز نظراً للتمكين الثقافي الذي تقوده الجهات الثقافية في الدولة».

من يتابع أعمال الحمادي يجد أن معظمها تصب في إطار الأدب السياسي، ليبدو أن اختياره لهذا النوع من الأدب لم يكن عبثياً، حيث يصفه «بأحد المكونات الأدبية في معظم دول العالم»، ويقول:

«في الأدب العربي والعالمي هناك تمازج كبير بين المنتج الروائي والقضايا السياسية والأمنية والوطنية التي تواجهها الدول، أما في الإمارات فالناتج الأدبي كان يبدو مختلفاً عما نجده في الدول الأخرى، فالتركيز كان وربما لا يزال على القضايا الاجتماعية والقصص العاطفية في معظم الأحيان، وبرأيي فإن الأدب يجب ألا يقتصر على هذه الزوايا المتشبعة في الإنتاج، الأدب هو تعبير عن الحياة.

ولهذا يجب أن يتناول جميع الزوايا بما فيها القضايا السياسية والأمنية والوطنية»، ويضيف: «بناءً على ذلك وجدت شخصياً في الأدب السياسي محيطاً أزرق يتيح التطرق لعديد القضايا التي لم يسبق للأدب الإماراتي تناولها مثل قضية التنظيم السري للإخوان المسلمين ومحاولة الاستيلاء على الحكم في الدولة في رواية «ريتاج»، وقضية التغرير بالشباب الإماراتيين ومحاولة إلحاقهم بتنظيم داعش الإرهابي.

كما تطرقت رواية «لأجل غيث»، والمحاولات الإرهابية المسلحة التي حاولت جماعة شباب المنارة الإماراتية تنفيذها في الدولة كما في رواية «هل من مزيد»، هذه القضايا في مجملها قضايا وطنية تم نشرها في صحفنا المحلية وتم تناولها في برامج تلفزيونية وثائقية في قنواتنا المحلية، وأعتقد أن ذلك لا يكفي.

فنحن بحاجة إلى إيصال العبر والرسائل التي نريدها إلى الأجيال الإماراتية الناشئة بالطرق المناسبة لهم والتي ربما لا تشمل أخبار الصحف والبرامج الوثائقية، فالأجيال الناشئة أكثر إقبالاً على الروايات والأفلام والمسلسلات».

أداة ترفيهية

اتساع دائرة الروايات الحمادي كان كفيلاً بأن يوسع من محيط خبرته في الأدب السياسي، والذي يعتبر أنه «يحمل مجموعة من الرسائل الهادفه»، ويسهم بشكل أو بآخر في تعزيز التسامح داخل المجتمع المحلي والعربي، وفي هذا السياق يقول: «يحمل الأدب السياسي مجموعة رسائل هادفة.

والإضافة إلى ترسيخ الرسائل الوطنية وتوضيح الصورة حول القضايا الشائكة التي يتناولها، فهو يسهم في نشر روح التسامح في المجتمعات، وبلا شك أن توضيح الحقائق وإكمال الصورة الناقصة حول هذه القضايا يسهمان في تعزيز فهم التقبل والتعايش، لا سيما من خلال تسليط الضوء على الكوارث التي يسببها عدم التقبل وتهميش التسامح مجتمعياً». في حديثه يخالف الحمادي الاتجاه السائد لدى بعض النقاد بأن «الأدب الروائي هو أداة ترفيهية هدفها إحداث الدهشة لدى القارئ، ويجب ألا تحوي رسائل هادفة».

ويقول: «أنا لا أتفق مع هذه الفكرة، رغم وجود أعمال روائية رصينة خالية من الرسائل الهادفة متكلة على الدهشة القصصية، إلا أنني لا أتفق مع رأي بعض النقاد الأدبيين، لأن إضفاء بعض الرسائل ضمن المزيج الروائي لا ينتقص من العمل ولا يحيله شيئاً آخر خارج نطاق التصنيف الروائي، وأعتقد أن الرواية أوسع من التضييق الذي يحاول بعض النقاد فرضه عليها».

قفزات نوعية حققها المشهد الثقافي المحلي خلال السنوات الأخيرة، وفي نظر الحمادي فإن «الإمارات تفوقت إقليمياً وعالمياً في الأحداث والفعاليات والبنية التحتية الثقافية التي تقودها مجموعة من المؤسسات والشخصيات الوطنية التي تسير وفق رؤية القيادة المهتمة بالثقافة كأحد ممكنات المجتمع، في حين أن المنتج الأدبي المبني على الأفراد من روائيين وشعراء وغيرهم، لم يواكب الانفتاح الذي تعيشه الدولة ثقافياً».

وبرغم ذلك يعتقد الحمادي بأن «مسيرة الساحة الثقافية المحلية لا تزال تصاعدية متواصلة»، ويقول إن «انتشار دور النشر الإماراتية في السنوات الأخيرة أسهم في سد فجوة كبيرة في عملية النشر، وقلب المعادلة، حيث صارت دور النشر تتسابق في استقطاب الكتاب مما شجع شريحة كبيرة على الدخول في مجال الكتابة، وهنا نتحدث عن الكم وليس الكيف، فعدد الكتب الإماراتية الصادرة لا يشير بالضرورة إلى جودة المنتج دائماً، لكن هذه النقلة الثقافية تعمل بكل تأكيد على تقوية عود الحركة الأدبية الإماراتية».

حضور عالمي

صاحب «مقبرة تحت مياه الخليج العربي»، لا يخفي تفاؤله حيال الرواية الإماراتية والمشهد الثقافي المحلي أيضاً، ويقول إن «الرواية الإماراتية والمشهد الثقافي في الإمارات سيحظيان في الخمسين عاماً المقبلة بحضور عالمي بارز نظراً للتمكين الثقافي الكبير التي تقوده الجهات الثقافية وعلى رأسها وزارة الثقافة والشباب والمؤسسات المحلية في كل إمارة»، ويضيف: «التمكين الثقافي داخلياً من خلال تشجيع النشر وعالمياً من خلال المشاركات الثقافية للدولة كفيل بتسريع عجلة التطور الثقافي سواءً على مستوى الأفراد أو على مستوى المؤسسات».

Email