جامع محيي الدين ابن عربي..شاهد على حضارة دمشق وتنوعها الثقافي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط منطقة مكتظة بالسكان في حي الصالحية بدمشق، يتموضع جامع محيي الدين ابن عربي، أول جامع بني في العهد العثماني في دمشق، عام 1518 م.

حيث أمر ببنائه السلطان سليم الأول، بعد أن جاءته رؤية للبحث عن قبر أحد أهم علماء المسلمين في عصره، بقي الجامع محافظاً على طابعه العثماني رغم التوسع الذي شهده، ويعتبر من أهم المعالم الأثرية في دمشق، وشاهداً على حضارة دمشق وتنوعها الثقافي والفكري. ويمثل الجامع، في العموم، صفحة نيرة في كتاب مكانة دمشق الحضارية. بناء الجامع ارتبط بمقام ابن عربي.

كما يقول الشيخ إبراهيم مدنية المسؤول عن الجامع والمقام، في حديثه لـ«البيان»، ويتابع: إن «مقام الشيخ الأكبر لم يكن معروفاً إلى أن جاءت رؤية للسلطان العثماني سليم تدعوه للبحث عن قبر ابن عربي وذلك بعلامات محددة عند سفح جبل قاسيون».

ويضيف: أهمية ابن عربي (محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي)، الذي ولد في الأندلس عام 558 هـ/‏‏‏‏‏‏‏‏‏ 1164م، باعتباره أهم الشخصيات الصوفية في العالم الإسلامي ويلقبه اتباعه بالشيخ الأكبر وينسبون إليه الطريقة الأكبرية الصوفية، فضلاً عن كونه شاعراً وفيلسوفاً.

ويستطرد مدنية: بعد أن عثر السلطان العثماني على المقام أمر ببناء جامع يقول الشيخ مدنية:«إن مسجد ابن عربي تم بناؤه في عام 924 /‏‏‏‏‏‏‏‏‏ 1518 م، ويعتبر أول مسجد عثماني يبنى في دمشق خارج سور المدينة وبأيادٍ سورية، حيث لا يزال الجامع يحتفظ حتى الآن بتراثه المعماري ومعالمه القديمة كالأعمدة والمآذن والجدران والزخارف المتواجدة فيها على الرغم من ترميمه عدة مرات».

ويتابع: إن الجامع يتألف من الحرم - الصحن - قاعتي تدريس، وفي القبو قاعة تدريس النساء.

وصحن الجامع كبير ومرصوف بالرخام الملون والحجر الأبيض والأصفر وفيه بركة صغيرة على الطراز الدمشقي، فيه رواق كبير مرفوع على أربع قناطر في الجهة الجنوبية من الصحن، أما في الجهة الجنوبية فيقع الحرم المسجدي الذي يقوم على خمس قناطر وأربع وفوق القناطر الأربع تتوضع قناطر خمس أصغر حجماً.

والجامع محرابه خشبي وقبته مكسوة بالقيشاني وله مئذنة، وتزين جدران الجامع الكثير من اللوحات البلاطية منها ما هو ذو طراز دمشقي عثماني ومنها ما هو ذو طراز دمشقي مملوكي. وفي الحرم يوجد شمعتان طويلتان، وكانتا تضيئان قبل وجود الكهرباء، ويوجد شمعتان أيضا على يمين المحراب.

التكيه والبيمارستان

وأكد الشيخ مدنية أنه مع بناء الجامع أمر السلطان سليم ببناء التكية السليمية مقابل الجامع حيث كانت وظيفتها تقديم الطعام للفقراء والمساكين ومازالت تقوم بتلك المهمة إلى الآن. ويتألف مبنى التكية السليمية من بهو واسع مستطيل مسقوف بقبتين تقسمانه إلى مربعين متساويين.

وهذا البهو تنفتح في جدرانه أبواب الغرف والقاعات الخاصة بمستودعات المؤن والمطبخ ويدخل إلى هذا البهو من الباب الرئيسي في الواجهة الجنوبية، ويتألف الباب من فتحة واسعة ذات قوس مخموس ضمنها فتحة أصغر تعلوها عتبة على شكل قوس مجزوء، وتتناوب الحجارة السوداء والبيضاء المزّية في كلا القوسين.

يشار إلى أن مؤلفات ابن عربي تزيد عن 800 مؤلف لم يبقَ منها إلا 100 فقط ومن أشهرها الفتوحات المكية الذي ضمن فيه أهم آرائه الصوفية والعقلية ومبادئه الروحية.

Email