صنّاع المحتوى: التغريدة في دبي عائد مالي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يأخذ تأثير صناع المحتوى في الإمارات أبعاداً مثيرة للاهتمام، فقد خلص تقرير إلى أن 71% من سكان الدولة، ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً، تتأثر قراراتهم الشرائية بتوصيات المدونين عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وعموماً، هناك مؤشران يعبران عن حجم اتساع ظاهرة المؤثرين على مواقع التواصل من صناع المحتوى؛ الأول، الدراسات المتزايدة التي تتناول أعدادهم وأعداد متابعيهم، وتلك التي تبحث في صناعة المحتوى باعتبارها سوقاً يحقق عوائد مجزية.

والثاني، هو حجم الاهتمام والجدية التي تتعامل بها الشركات والمؤسسات في القطاعين الحكومي والخاص مع صناع المحتوى، وكذلك التشريعات التي تنظم نشاطهم، والتسهيلات التي يتلقونها، وعدد المؤتمرات والفعاليات التي تتناول تجاربهم. هذا إلى جانب بروز اهتمام المؤسسات الأكاديمية بهذا الحقل، وتبنيها له من خلال برامج دراسية تمنح شهادات معترف بها.

أبعاد مثيرة

ما خلص إليه تقرير شركة «بي بي جي كون آند وولف» للعلاقات العامة في دبي، حول ما يثيره هذا التأثير من اهتمام، يعكس حجم شبكة الانترنت في الإمارات، وانتشار الأجهزة الذكية. إلى جانب حقيقة أن الإمارات هي الأعلى إقليمياً بعدد حسابات التواصل للفرد بمعدل 10 حسابات للشخص الواحد، وفق تقرير نشرته «أكاديمية الإعلام الجديد» العام الماضي.

واظهر تقرير «بي بي جي كون آند وولف» أن الجمال والموضة والطعام هي المجالات التي يلجأ فيها الناس إلى أراء المؤثرين وصناع المحتوى. وذلك بحسب نتائج دراسة أجرتها شركة «يوغوف» من خلال مقابلات مع 1000 رجل وامرأة يقيمون في الدولة.

ووفقاً لقاعدة البيانات الإعلامية «Cision Point»، فإن دولة الإمارات تضم حالياً حوالي 200 مدون وشخصية مؤثرة في مجال الجمال والأزياء على قنوات التواصل الاجتماعي، وأكثر من 200 من مدوني الطعام والطهي. وهؤلاء يكتسبون قوة متنامية عبر ادوارهم كسفراء للعلامات التجارية، ما يزيد من دخولهم، وعوائدهم من منشوراتهم. ولكن هذا المردود يبقى قليلاً، وفق دراسة نشرها مركز «يوغوف» في العام 2016، بالمقارنة مع ما يحققه أقرانهم في العالم، حيث بلغ حجم الإنفاق على التسويق عبر المؤثرين الإعلاميين أكثر من 14 مليار دولار أمريكي في السنتين الماضيتين.

بية جامعة

من جانبهم، يؤكد بعض صناع المحتوى لـ«البيان»، أنهم يقطفون ثمار أنشطتهم في دبي، إذ يحققون إيرادات مالية جيدة. ورغم ان ليس هنالك دراسات وأرقام موثقة، إلا أنهم يقدرون عائد المنشور الواحد بنحو 4 آلاف درهم، ويتجاوز عند البعض الآخر عتبة الـ18 ألف درهم، وفقاً لعدد المتابعين على المنصات الرقمية ومجال النشاط على الشبكات.

في الواقع، هناك إلى جانب العوائد المالية، أسباب اخرى تدفع صناع المحتوى إلى اختيار دبي مكاناً لنشاطهم.

وفي هذا السياق، يتحدث صانع المحتوى في مجال المكياج وأدوات التجميل، السويدي من أصول عراقية، سارباست غلي، والمعروف باسم سيربي، عن تجربته التي قادته إلى عدة عواصم عالمية، قبل أن تقوده إلى الاستقرار في دبي، ويقول: ولدت ونشأت في السويد، وكنت أتنقل بينها وبين لندن، بحكم عملي في صناعة المحتوى.

ويواصل سارباست: بفعل انغماسي في عملي، أدركت أنني أحتاج إلى بيئة أخرى داعمة، وهنا كان الخيار واضحاً. لقد انتقلت إلى دبي، لأنها بيئة جامعة ومتنوعة وفيها فرص كبيرة للتواصل مع أناس ومؤسسات من مختلف أرجاء العالم، بالإضافة إلى تعدد الفعاليات الدولية والمهرجانات المرموقة التي تقام فيها، وهذا بالضبط ما يتناسب مع عمل صناع المحتوى العالميين.

إيرادات جيدة

بالنسبة لسارباست، تمثل دبي، بعلامتها التجارية المرموقة، بوابة مناسبة للتوجه إلى المتابعين، ونافذة مهمة على الرعاة والممولين، ومسرحاً لأنشطة وأحداث ملهمة تتيح تقديم محتوى جديد بوتيرة أسرع مما يمكن أن تؤمنه عواصم أخرى.

ويتابع سيربي: «تعد دبي بالنسبة لصناع المحتوى مكاناً مناسباً لتقديم واستلهام إبداعاتهم، واستقطاب المتابعين. ويتطلع المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى توسيع محفظتهم والاستمتاع بالرفاهية، التي توفرها دبي».

وبحسب سارباست غلي فإن اتخاذ العديد من الشركات العالمية من دبي مقراً لها يسهم في دعم صناع المحتوى، فبمجرد بناء علاقة جيدة مع شركة مرموقة، فإنك ستحصل على إيرادات جيدة ونتائج ممتازة من صناعة المحتوى.

18300

يؤكد سارباست غلي أن إيرادات صناع المحتوى في دبي تعتمد على عدد المتابعين والمجال الذي تعمل به. ويمكن لأي شخص عادي في دبي، لديه موهبة وموارد محدودة، أن يصبح مؤثراً على وسائل التواصل الاجتماعي ويجني ثمار موهبته وإبداعه.

ويضيف: تتباين إيرادات صناع المحتوى حسب جهد الشخص، فالبعض يجني 5 آلاف درهم إماراتي شهرياً فقط، والبعض الآخر يحقق 3600 درهم لكل منشور، بينما يصل عائد المنشور عند البعض الآخر 18300 درهم لكل منشور، كل ذلك يعود إلى طبيعة جهود صانع المحتوى، وعدد متابعيه، ومهاراته.

«فارس المحتوى»

من جهتها، تقول المهندسة المعمارية وصانعة المحتوى في مجال الأزياء، المصرية يسرا غازي: «أشارك المتابعين العديد من التجارب والتغطيات من دبي، التي تقدم لنا الكثير من الدعم والتسهيلات والبرامج التدريبية، التي تنمي مهاراتنا، كمؤثرين على المنصات الرقمية».

وتضرب يسرا مثالاً على ذلك، فتشير إلى برنامج «فارس المحتوى»، الذي أطلقته أكاديمية الإعلام الجديد في دبي، سعياً لدعم صناع المحتوى في ابتكار ما هو متميز وإبداعي، وللإسهام في الارتقاء بالمحتوى الرقمي بمضمونه ووسائله. كما تشير إلى «دبلوم المؤثرين»، البرنامج الذي ينظمه «نادي رواد التواصل الاجتماعي العربي»، التابع لنادي دبي للصحافة، وهو مُعتمد من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الإمارات، ومن مركز التطوير المهني المستمر في بريطانيا.

وتتابع يسرا غازي: الإيرادات المالية التي تأتي من صناعة المحتوى تختلف بحسب نوع المنشور، سواء أكان صورة أم فيديو، أم منشوراً عادياً، تتفاوت الأسعار وفقاً لذلك، وحسب عدد المتابعين لكل صانع محتوى. لكن يصل عائد المنشور الواحد في صناعة المحتوى لـ4 آلاف درهم، وقد يصل إلى أكثر من ذلك بكثير عند البعض.

4000

بدورها، تقول صانعة المحتوى في مجال الطعام والعطور، الأسترالية لوريتا جراي: أعيش في دبي منذ 9 سنوات، أقوم بصناعة المحتوى على منصات متعددة مثل «إنستغرام» و«سناب شات» و«تك توك». صناعة المحتوى في دبي تعود بمردود مالي جيد، حيث يعتمد ذلك على عدد المتابعين. وبالنسبة لي شخصياً فيصل عائد المنشور الواحد إلى نحو 4 آلاف درهم، ويتراوح عدد المنشورات في الشهر ما بين الـ10 والـ30.

وتشير لوريتا إلى أن دبي تقدم الدعم لصانعي المحتوى في شتى المجالات، وتقيم المعارض العالمية التي تتيح لصناع المحتوى التعرف على العديد من الأشخاص الذين يدعمون مسيرتهم في المجال.

سوق متنام

المؤشرات الرسمية والموثقة المتوفرة حول حجم عوائد «صناع المحتوى» تكاد معدومة، وإن وجدت تبقى في خانة العموميات، التي تؤكد وجود عوائد، وأن هذه العوائد متنامية؛ فقد أشار تقرير صادر عن «ميلتواتر»، الشركة العالمية الرائدة في توفير خدمات التحليل على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تنامي اتجاهات التسويق عبر المؤثرين وصناع المحتوى.

ومن جهة أخرى، يلحظ نفس التقرير عودة المحتوى المدعوم إعلانياً إلى الارتفاع ليتجاوز الانخفاض الطفيف الذي شهده عام 2020، ويسجل نمواً بنسبة 26.7% عام 2021. كما أظهر التقرير زيادة في الحالات الدعائية بنسبة 33%، حيث ينشر المؤثرون 16 حالة خلال الأسبوع الواحد في المتوسط، مقارنة بـ 12 حالة عام 2020.

وفي ذات السياق، توقع التقرير زيادة في نسبة المحتوى المدفوع، لا سيما إن 78% من مؤسسات القطاعين العام والخاص في منطقة الشرق الأوسط، بحسب التقرير نفسه، تعتزم رفع ميزانياتها المخصصة لمنصات التواصل الاجتماعي.

في الواقع، فإن ما يؤكده صانعو المحتوى هو أن من أهم ميزات دبي الإبداعية هي اعترافها بقطاع صانعي المحتوى والمؤثرين على مواقع التواصل باعتبارهم وسائل إعلام ومنصات ترويج، لذلك من المعتاد أن يتلقوا دعوات لحضور مختلف الفعاليات والأنشطة، كما يتم التعامل معهم بجدية من قبل طالبي الخدمات الإعلامية والإعلانية، في حين أنهم يستفيدون من ثقة متابعي المنصات الرقمية بعلامة دبي التجارية. وعملياً، هم يجدون أنفسهم في دبي.

Email