قد تمتلك لوحة أو تحفة قديمة، ربما تكون دون قيمة في وقت سابق، ولكنها بمرور الوقت قد تساوي ثروة. هل فكرت في ذلك يوماً؟ هل فكرت في بيع مقتنيات قديمة في مزاد علني في ظل وجود مزادات فنية عالية الجودة في الإمارات، اجتذبت في ظل جائحة «كورونا»، عملاء جدداً؟.

تشير التقارير إلى نمو يبلغ 30 % في طلب المشترين الجدد من هواة جمع المقتنيات القديمة أو الأعمال الفنية ذوي أعمار صغيرة، ما يؤكد أهمية هذا «الفن» القديم الحديث، حتى يومنا هذا.

عوائد غير مسبوقة

تقول هيفاء الحمادي، مهتمة بجمع التحف القديمة: إن لديها اهتماماً كبيراً بسوق المزادات، وشاركت أثناء جائحة «كورونا» في مزادات رقمية، شجعتها على توسعة معارفها في هذا المجال، لتؤكد مشاركتها بشكل شخصي ومباشر، مع تراجع الجائحة. وأوضحت أنها تجد في سوق المزادات فرصاً عديدة، للارتقاء بالمشهد الثقافي، عبر رفع القيمة السوقية لأعمال فنية وفنانين محليين.

ونظراً لأن سوق الفن قد نما إلى صناعة عالمية، تقدر قيمته بنحو 64 مليار دولار، تظل المزادات الفنية إحدى النقاط المحورية التي لا تزال تحقق عوائد غير مسبوقة، متكيفة في الوقت ذاته مع تحدي المزادات الرقمية.

طلب مرتفع

نجحت الإمارات، وعلى وجه الخصوص إمارة دبي، في حجز مركز رئيس لها في سوق المزادات الفنية، على الرغم من أن الجائحة خفضت من حجم المبيعات، فإنّ الطلب لا يزال مرتفعاً، والمشترين لا يزالون على استعداد لدفع أسعار عالية مقابل التحف. ويوفر موقع Mutual Art العالمي، إمكانية الوصول إلى أسعار المزاد والتحديثات الشخصية، والبيانات الخاصة بأكثر من 500000 فنان على مستوى العالم.

ووفقاً لتقرير صادر عن الموقع، حول سوق الفن، بلغ إجمالي مبيعات المزاد المجتمعة في دولة الإمارات من العام الماضي 8.35 ملايين دولار، بمعدل 60 % بيع شامل للقطع المعروضة، و67 % نسبة الفرق في إجمالي الأعمال الفنية المباعة لنفس الفترة من عام حتى تاريخه.

وتحافظ دبي على مكانتها كمركز متنامٍ في هذا السوق، ومحفز رئيس في تطوير سوق الفن في الشرق الأوسط، مؤكدة قدرتها على التكيف مع التغيرات التي قد تؤثر في معدلات الطلب، ما ينعكس عموماً على المشهد الفني، انطلاقاً، أولاً: من مبادرات الدعم الحكومي الذي قدم للسوق الفني خلال الجائحة، واحتضان الإمارة عدداً من دور المزادات العالمية، إلى جانب أخرى محلية.

تاريخ قديم

وستحتفل دار المزادات العلنية الرائدة «كريستيز» في مارس القادم بالذكرى السنوية السادسة عشرة لوجودها في دبي، منذ إقامتها أول مزاد علني في دبي عام 2006، مستندة إلى إنجازاتها في زيادة النمو في عدد الفنانين العارضين لديها، وتوسيع المناطق الجغرافية التي تمثلها في عدد كبير من دول الشرق الأوسط وشرق آسيا. إلى جانب الجودة الفنية العالية للقطع المعروضة، وبيع ما يزيد على 200 مليون دولار من الأعمال الفنية في دبي، مع تقديم مبيعات حديثة ومعاصرة لأعمال الفنانين الأكثر جذباً في المنطقة.

تاريخ المزادات في الإمارات قديم جداً، بدأ بأشكال متعلقة بممارسات في الحياة الاجتماعية، تمثلت من مزادات بيع الأسماك والمحاصيل الزراعية، وتطورت بشكل يتعلق بالمزاد على الأمتعة والقطع الثمينة. إلا أنها لم تأخذ شكلاً مهنياً في طريقة المزادات الحديثة، إلا في مايو عام 2006، عندما أقامت دار كريستيز مزادها الأول للفن الدولي الحديث والمعاصر في الشرق الأوسط، في دبي. منذ ذلك الحين، واصلت دار كريستيز بيع ما يزيد على 200 مليون دولار من الأعمال الفنية في دبي، وأقامت أكثر من 70 معرضاً فنياً عالمياً، وأثبتت نفسها بقوة، باعتبارها دار المزادات رقم واحد في المنطقة.

أسعار معيارية

وتعمد المزادات إلى وضع أسعار معيارية، وتمثل صيغة بيع وشراء طويلة الأمد، تتضمن تعاقباً لزيادة العطاءات، أو عروضاً على الممتلكات الخاصة من قبل المشترين المحتملين، حتى يتم قبول أعلى عرض نهائي من قبل صاحب المزاد، إن الكلمة الإنجليزية «المزاد»، مشتقة في الحقيقة من الكلمة اللاتينية «augere: الزيادة». ويخلق هذا النموذج بيئة بيع جذابة ومتوترة للغاية، وتولد الإثارة والمنافسة الشرسة بين مقدمي العروض، ما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار.

وتاريخياً، كانت المزادات تمارس على نطاق واسع في العصور القديمة، وعمل تجار المال كوسطاء ماليين في المعاملات. ويعود تاريخ المزادات إلى اليونان القديمة، حيث سجلها هيرودوت منذ 500 قبل الميلاد، الذي وثق مزادات النساء للزواج واستملاك الناس. ومع ذلك، فإن أول دليل على المزادات الفنية، يعود إلى العصر الروماني، عندما كانت المبيعات تعقد عادة، إما لحل قضايا الإفلاس، أو للتخلص من غنائم الحرب والمستعبدين. وكان هذا الأمر محصوراً في أوروبا لفترة طويلة، ولم تكن هذه الممارسة شائعة في آسيا. وفي القرن السابع عشر، عاد عرض المزادات الفنية مرة أخرى، حيث أدى ظهور عدد من الأفراد المثقفين داخل الطبقة الوسطى التجارية في فلاندرز وهولندا، وبعض أجزاء إيطاليا، إلى ازدهار السوق. وذاع صيت بيع الأعمال الفنية بالمزاد العلني في المقاهي والحانات في لندن وباريس، وفي عام 1674، فتحت دار المزادات الأولى (Stockholm’s Auktionsverk)، أبوابها للعمل في استوكهولم.

أحداث رئيسة

شهد نصف القرن الثامن عشر، بداية التاريخ الحديث للمزادات بثلاثة أحداث رئيسة: البيع في مزاد لمجموعة فنية رئيسة في ذلك الوقت، تنتمي إلى إدوارد إيرل أكسفورد، ما ساهم في إنشاء أكبر دور مزادات في العالم، وذلك في لندن، وهما: دار سوثبيز للمزادات عام 1744، تلتها دار كريستيز عام 1766.

وتوسع سوق الفن بشكل كبير خلال القرن التاسع عشر، في أعقاب الاستعمار والتجارة العالمية الناشئة، وخاصة مع استقطاب المصنوعات اليدوية الأفريقية والآسيوية، من ورنيش اللك إلى الخزف، ثم شكلت الحرب العالمية الثانية، نهاية حقبة كان لها تأثير عميق في سوق الفن، إلا أنه مع نهاية الحرب، شهدت دول شرق آسيا، مثل: الصين واليابان وكوريا، تطوير أسواق فنية محلية مهمة، في وقت شهدت دول أوروبا كساداً ملحوظاً.

وبعد ذلك، نمت سوق المزادات الفنية المقننة والتحول العام في الذوق، وأصبحت أكثر احترافية وانتقائية، وتم استخدام التكنولوجيا الجديدة، كالعطاءات الهاتفية، ووصلات الأقمار الصناعية، ووضع أسعار قياسية جديدة للبيع، إلى جانب الاستثمار في الفن المعاصر، لأسماء مثل مونيه وفان جوخ وبيكاسو.

إعادة ابتكار

ونظراً لأن دور المزادات أعادت ابتكار نفسها كشركات سلع فاخرة، فقد تطور الفن في الثمانينيات، كاستثمار بديل، لتشكيل السوق من خلال الاتجاهات في الاقتصاد الأوسع. وبدأ المستثمرون النظر في الفوائد المالية لجمع الأعمال الفنية، ولعب المشترون اليابانيون، بدافع من إعادة تقييم الين في عام 1985، دوراً أساسياً في ازدهار السوق.

في التسعينيات، عززت رعاية جامع الأعمال الإنجليزي تشارلز ساتشي، وتلاها افتتاح متحف تيت مودرن في عام 2000، صعود الفنانين المعاصرين، ما وضع اتجاهاً معاصراً. والآن، يتجه المزاد إلى البيع عبر الإنترنت، ويتجه بشكل حتمي إلى التحول الرقمي، ابتداءً من طبيعة الأعمال الفنية المباعة بالمزاد إلى العملات المستخدمة لدفع ثمن العناصر في المزاد، إلى قنوات البيع، ما يوفر في النهاية، طريقة حديثة لشراء الفن وجمعه.