استطلاع «البيان»: الكتب المتخصصة والروايات تتناغم في إثراء معارف القراء التاريخية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بالعودة إلى التاريخ لأكثر من سبب، قد يجد الباحثون أو حتى القُراء، حقائق لم تكن معروفة من قبل، أو قد يكون هناك تضارب في حقائق متداولة، فالأبحاث والدراسات، قد تقود إلى ما هو جديد.

لم يقتصر تناول التاريخ على الكتب التاريخية المتخصصة فقط، بل ظهر بين حين وآخر، ما يعرف بالروايات التاريخية، التي يستند فيها الروائي على حدث أو مجموعة أحداث، لدوافع عدة، منها إثبات مقولة أن «التاريخ يعيد نفسه»، أو لربط الحاضر بالماضي، بحوادث لا يمكن التحدث عنها بشكل مباشر، أو للذهاب للكشف عن تاريخ الشعوب المنسي، من خلال وثائق لم تكن معروفة من قبل لجهات رسمية أو غير رسمية. فتبدو بهذا بعض الروايات، وكأنها حدث حقيقي لا مجال للجدال فيه. ويبقى في النهاية، القارئ، هو المستهدف من تلك الكتب أو الروايات التاريخية، والقارئ أبدى نوعاً من التحفظ، بالاعتماد على الروايات كمصدر من المصادر الموثوقة، إذ أظهرت نتائج استطلاع «البيان» الأسبوعي، الذي تطرحه على القُراء، على الموقع الإلكتروني، وعلى حسابها في «تويتر»، ميولهم لقراءة الكتب التاريخية، كمصدر لمعرفة الماضي، وذلك من خلال السؤال التالي: هل تفضل الاطلاع على قصص التاريخ من خلال: روايات تتحدث عن الماضي، أو كتب بحثية موثقة؟

وأكدت نتائج الاستطلاع على موقع «البيان» ميل القراء للاطلاع على قصص التاريخ عبر الكتب البحثية الموثقة، حيث أكدت نسبة 64 % اطلاعهم على قصص التاريخ من خلال الكتب البحثية، بينما رأت نسبة 36 % عكس ذلك تماماً، وجاءت نتائج الاستطلاع على موقع «البيان» في «تويتر» مختلفة، إذ أكد 57 % من المشاركين بالاستطلاع اطلاعهم على قصص التاريخ عبر الروايات التي تتحدث عن الماضي، بينما رأت نسبة 43% عكس ذلك تماماً.

ثيمة

وأكد الروائي علي أبو الريش، على أن الرواية الآن أم الفنون. وقال: لا بد في الرواية، من التطرق إلى التاريخ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فالرواية أصدق من البحث أحياناً. وأوضح: عادة ما يمتلك المؤرخ أيديولوجيات ونزعات معينة، ويرى أن هذا ما ينبغي أن يوثق بسبب الانحيازيات. وتابع: بينما الروائي يتكلم عن وجدان متخلص من عقدة التاريخ، التي تعتمد في النهاية على أسس سياسية، وهذا يسكن في عقله الباطن.

وذكر أبو الريش، الروائي يستطيع أن يقدم التاريخ بطريقة عفوية، تعتمد على تتالي معين بحسب ما يراه. وأضاف: يخدم التاريخ الذي يتناوله الكاتب، ثيمة معينة، تتجلى في العمل الروائي.

استثمار

من جانبه، قال الباحث والمفكر الأكاديمي السوري الدكتور محمد ياسر شرف: تختلف الرواية عن التأريخ في عدد من المواصفات التكوينية الأساسية، يأتي في مقدمها، انتماء الأولى إلى «الأدب»، بما هو مجال «عناية فنّـية» باللغة المستخدمة في الكتابة. وأضاف: بينما ينتمي التأريخ إلى «علم» من العلوم الإنسانية ذات المواصفات الخاصة، التي يجهد المؤلف في كتابته للابتعاد عن الصياغات الأدبية، ويبقى حريصاً على تقديمه «وقائع ومعطيات»، تنتمي إلى العالم الحسّي المادي، البعيد. بقدر الإمكان عن عالم الخيال، وفيض المشاعر الفردية للكاتب وشخوص الرواية.

وأوضح: لذا، يمكن «الجزم» بانطواء كتاب التاريخ على ما هو أقرب إلى الأحداث في صيَغها «الزمانية - المكانية»، وبيان صلة بعضها ببعض، بينما تضمّ الرواية ما هو أقرب إلى الاحتمالات الممكن حدوثها في الواقع، دون إلزام ببيان الصلات القائمة بين أجزائها المختلفة.

وأضاف: قد يلاحظ بعض المتابعين، أنّ روائياً قدّم سرداً لـ «واقعة تاريخية» صحيحة، ضمن ما أبدعه من عمل أدبي، فيعدّون ذلك بمثابة «استثمار» لإمكانات التنويع في السرد الروائي، ولم يعتبروه بمثابة قاعدة في الكتابة. وأضاف: بقي في الوقت نفسه. ضمن مجال «المشكوك فيه» عملياً، أكثر من غيره، مهما انطوى على شبه بما هو واقعي، لا سيما إذا لم توجد معطيات مادية «قابلة للتحقّق» منها.

Email