رئيس «المجمع» الأعرق: نحتاج للانفتاح على علوم الآخرين

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في بهو مبنى مجمع اللغة العربية في منطقة المالكي بدمشق لوحة رخامية كبيرة تتضمن أسماء أعضاء المجمع الأعرق في العالم العربي منذ تأسيسه عام 1919 في العهد الفيصلي، الذين ساهموا بشكل كبير في تطوير اللغة العربية وتعريب العلوم والمعارف باعتبار سوريا هي دولة مناهج جامعاتها ومدارسها باللغة العربية.

ومن بين أعضاء المجمع الدكتور مروان المحاسني رئيس المجمع الحالي الذي يبلغ من العمر 95 عاماً يواظب على مهامه بشكل يومي من خلال ترؤسه للعديد من اللجان العلمية لتطوير اللغة العربية.

اللغة العربية والحداثة

يقول المحاسني للبيان إنني «أعتقد أن الحديث عن تحديات ومشكلات تواجه اللغة العربية وضرورة مواجهتها أو إحلال بدائل عنها غير مطروح بهذا الشكل، وإنما الموضوع المطروح هو الحداثة».

وأضاف المحاسني «نحن في بلاد عربية مثقفة، ثقافتنا عميقة الجذور ولكننا ما زلنا بعيدين عن الحداثة»، لافتاً إلى أن «الحداثة هي الانفتاح على التغييرات العالمية».

وأردف المحاسني «أما العنصر المطمئن هو أن اللغة العربية ليست وليدة البارحة، وإنما لغة قديمة، وفي نظري مازالت اللغة العربية من أوسع لغات العالم بطاقاتها في مجالات التطابق وإحداث الكلام المطلوب للتعبير عن الأمر المطلوب غير المألوف، وهذا ما جرى حتى وصلت العلوم إلينا ولكن لا ننسى أن العلوم التي وصلت إلينا مرت بمنطقة عربية وزمان عربي».

وتابع «نحتاج إلى مجهود ثابت ضروري للبقاء في الحداثة والمسار مع الحداثة لتكون لغتنا مفتوحة وليست محرجة لاتخاذ كلمة وردت في صحيفة أو برنامج تلفزيوني، اليوم لا يجوز أن نترك الأمور تحرجنا في إيجاد الكلمات يجب أن نكون منفتحين وهذه الحقيقة».

وبين المحاسني أن «العلوم التي نحتاج لنقلها إلى اللغة العربية هي العلوم العصرية التي فرضت نفسها، واكتساب العلوم لتكون السيدة في تصرفاتنا كما هو دارج في العالم المعاصر، حضارتنا حضارة كبيرة وعميقة جداً وأنتجت الكثير ولكننا اليوم مازلنا مقصرين في اللحاق بالحضارة القائمة في العالم اليوم».

بدايات عمل المجمع

تأسس مجمع اللغة العربية في دمشق في عام 1919 في العهد الفيصلي وكان له دور كبير في تعريب مؤسسات وهيئات الدولة وخاصة التعليم.

وقال المحاسني انه «عند تأسيس جامعة دمشق في عام 1919 اتفق مؤسس الجامعة الدكتور رضا سعيد ومؤسس ورئيس المجمع الدكتور محمد كرد علي على أن يكون التدريس في اللغة العربية».

وأضاف المحاسني «كنت طالبا في كلية الطب في الجامعة وتخرجت عام 1951، وكانت الامتحانات باللغة العربية لكن المراجع باللغات الأجنبية التي كانت متوفرة في مكتبة الجامعة، وكان لدى أستاذنا آنذاك الدكتور حسني سبح (رئيس الجامعة وأصبح فيما بعد رئيساً للمجمع) الكثير من المؤلفات في مجال الطب وكان يضع لكل مصطلح مقابله باللغات الأجنبية، فمن لا يعرف المقابل الأجنبي لا يستطيع فتح أي كتاب أجنبي، وكان مفروض علينا أن نتعلم ذلك».

وأضاف المحاسني إن «هذه المصطلحات لا يمكن أن توضع بشكل نهائي فالعلوم سائرة بسرعة والعلوم تأتينا محمولة على لغاتها وليس هناك من يحللها لنا، ولذلك نحن ملزمون كأستاذة في كلية الطب أن نحدث المعاجم التي تسمح للطالب أن يفهم أي كلمة وردت في العلوم الحديثة ومعانيها باللغة العربية كي يستطيع أن يتقدم إلى الامتحانات ويفهم المناهج بشكل جيد».

وتابع المحاسني أن «الدكتور سبح قال إن من الضروري إحداث معجم جديد في الطب مادامت هذه العلوم قد دخلت علينا ولا نريد كل إنسان أن يعربها بطريقته، وشكلت لجنة لتوحيد المصطلحات المتفق عليها وكان هو رئيس اللجنة وكنت أنا والدكتور هيثم الخياط رحمه الله عن جامعة دمشق.

ومن العراق الدكتور محمود الجليلي أستاذ في جامعة بغداد، وأيضاً كانت اللجنة تضم أعضاء من مصر، واجتمعنا على مدار 7 سنوات بشكل دوري لنصل للمعجم الطبي الموحَّد، والموحِّد للمصطلحات الطبية الجامعة».

وأوضح المحاسني أن العمل لإنجاز هذا المعجم استمر 10 سنوات من الجهد المتواصل وأصبح مرجعاً رسمياً حقيقياً دولياً، مشيراً إلى أن منظمة الصحة العالمية تبنت هذا المعجم وطبعته.

مسارات علمية جديدة

يقول المحاسني إننا اليوم دخلنا مرحلة جديدة حيث إن العلوم في العالم تطورت وبرزت مسارات علمية غير معروفة.

لافتاً إلى أن العلوم الأساسية التي تدرس في الجامعة هي الفيزياء والكيمياء، نسج، جراحة، أمراض معدية وأمراض رئوية، وكلها كلمات يجب التأكيد على معناها الحقيقي ومدى انتشار هذا المعنى، ومجمع اللغة العربية ملزم أن يتابع المهمة الأصلية التي أُنشِئ من أجلها وهي أن يكون التدريس باللغة العربية وهذا هدف لا خلاف فيه.

وتابع المحاسني: لدينا العديد من اللجان منها تخصصية تتعلق بالجيولوجيا، علم النبات، علوم الحيوان، الزراعة والكهرباء والميكانيك والمعلوماتية والجودة العلوم التربوية والفلسفية والبيئة والإعلام وغيرها.

لافتاً إلى أن المجمع على صلة مع مركز العلوم، والمركز بحاجة للمجمع لوضع مقابلات عربية لأمور جديدة، للمصطلحات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، فيشرحون لنا ما هو معنى الكلمة ونحن نعطيهم المقابل باللغة العربية.

وأردف المحاسني»علينا أن ننظر للغة الأجنبية وكيف وصلت إلى هذا المصطلح حتى نفهم المعنى لوضع مقابل ونجد صيغة عربية لها، وشرح هذا المصطلح بلغتنا«.

Email