قلعة دمشق أحد أعظم المعالم الأثرية وأكبرها في دمشق القديمة، تشكل نموذجاً رائعاً لفن العمارة العسكرية، تتميز عن معظم القلاع في سوريا كونها شيّدت على أرض منبسطة وليست على التلال والجبال.

تقع القلعة في الزاوية الشمالية الغربية لمدينة دمشق القديمة، وتتكامل أسوارها مع الأسوار الشمالية والغربية للمدينة القديمة، ويحدها من الشمال نهر بردى ويدخل فرعا بردى داخل القلعة نهر بانياس وعقربان، لعبت دوراً في حماية دمشق لمئات السنين، إلا أنها فقدت أهميتها بدءاً من سيطرة العثمانيين على دمشق بسبب تطور الأسلحة.

العصر السلجوقي

قالت مديرة مشروع قلعة دمشق المهندسة عهد دياب لـ«البيان»: إن «القلعة شيدت على يد السلاجقة في نهاية القرن الحادي عشر في ظل الحاكم تتش أرسلان، واستمرت هذه القلعة حوالي 130 عاماً».

وأضافت دياب: إن «السلاجقة استخدموا أحجاراً من أطلال معبد جوبتير، وهذا واضح من خلال وجود قطع من الأعمدة ضمن الجدران وقطع من الزخارف في غير مكانها الأصلي».

عهد الزنكيين والأيوبيين والمماليك

القلعة التي بناها السلاجقة شهدت إحداث تحصينات في عهد الزنكيين والأيوبيين، وذلك استعداداً للرد على الحملات الصليبية إبان تلك الفترة، كما شهدت تحديثات وترميمات في عهد المماليك.

وقالت دياب، إن «نور الدين الزنكي تمكن من السيطرة على دمشق عام 1154م، وجعل منها عاصمة أكبر دولة إسلامية آنذاك، وأنشأ في القلعة مباني مدنية كمسجد كبير وأخر صغير».

وتابعت دياب: «أما في مطلع القرن الثالث عشر، عندما تسلم الحكم المالك العادل محمد أبو بكر عام 1199، شقيق صلاح الدين الأيوبي، قرر تشييد قلعة حصينة أكثر من التي كانت في الفترة السلجوقية، التي لم تعد تلبي الحاجة المطلوبة بسبب التطور الحاصل في المقذوفات وآلات القذف.

بالإضافة ما أصابها من دمار إثر زلزالي عام 1200 و1201م، خارج حدود القلعة مستخدماً أحدث فنون التحصينات العسكرية المعمارية مع خندق حماية بعرض 20م وبعمق 6 أمتار، فبلغت مساحتها حوالي 3.3 هكتارات، حيث بدأ في بنائها عام 1202 واستغرق بناؤها 13 عاماً».

وأردفت دياب، أنه «جرى الكثير من التعديلات والترميمات إبان الفترة الملوكية التي امتدت قرابة القرنين والنصف ( 1259- 1516)».

عناصر الدفاعية

تضم القلعة، التي تعتبر أكبر معلم أثري بدمشق القديمة، العديد من العناصر الدفاعية كالأبراج والمرامي والرواشن والخندق وغيرها.

وقالت دياب: إن «مسقط القلعة شبه مستطيل تتراوح أبعاده (225-240) طولاً و(120-165م) عرضاً لمراعاة الخصائص الجغرافية لموقعها»، لافتة إلى أن «القلعة تتألف من 12 برجاً لها 3 أشكال، المربع والمستطيل والزاوية، ويتواجد برج في كل زاوية من زواياها».

وأضافت دياب، أنّ «برجي الجهة الشمالية ذو شكل مربع، أما البرجان في الجهة الجنوبية أخذا شكل زاوية، و3 في كل من الضلعين الطوليين الشمالي والجنوبي على شكل المستطيل، و2 في الضلع الشرقي ذو شكل مستطيل أيضاً».

وتابعت دياب، أن «الرحالة الغربيين الذين وصلوا إلى دمشق قبل زلزال 1759 وجدوا 14 برجاً، ومن المحتمل أن يكون قد بنى البرجين الإضافيين الظاهر بيبرس».

وأضافت: «إنّ الأبراج مزوّدة بمرامي سهام، وهي عبارة عن فتحات ضيقة من الخارج لمنع وصول أسهم المهاجمين وواسعة من الداخل لتسهيل حركة الرامي، حيث زوّدت المرامي بإيوان في القلعة، باستثناء المرامي المتواجدة ضمن الجدران الستارية والأسوار».

وفيما يخص المرامي والرواشن، قالت دياب: «إنّ المرامي هو العنصر الدفاعي المخصص لرامي العدو بالسهام، وقد يكون على شكل نافذة ضيقة أو شق في الجدار السور أو البرج».

وأضافت: «يوجد في أعلى واجهات الأبراج الخارجية رواشن، وهي عبارة عن شرفة بارزة مسقوفة مزودة بسقطات وهي فتحات تَصبُّ الزيت والماء المغليين على المهاجمين».

3 بوابات ومبانٍ غير دفاعية

قالت دياب: إن «للقلعة 3 بوابات، البوابة الشرقية تصلنا إلى داخل المدينة القديمة والبوابتين الشمالية والغربية إلى خارج أسوارها. حيث تم استخدام معظم تصاميم المداخل للحصون».

وتابعت دياب: إن «القلعة من الداخل تحتوي على مبانٍ مدنية غير دفاعية وقاعات فخمة كقاعة الأعمدة تعرف بقاعة العرش هي قاعة مربعة مثيرة للإعجاب».

وأوضحت دياب أن «هناك مبنى كان يُعرف بالقصر في الجهة الغربية من القسم الجنوبي للقلعة، ولكن كشفت التنقيبات بأنه لم يكن سوى دار للسلاح».

فقدان الأهمية العسكرية

قالت دياب، إنه «بعد احتلال العثمانيين دمشق إثر معركة مرج دابق 1516م ونتيجة لتطور الأسلحة وسيطرة الأسلحة النارية منها في المعارك لم تعد تحتفظ القلعة بأهميتها العسكرية، وأصبح جل استخدامها كثكنة عسكرية».

وأضافت: «خلال فترة الانتداب الفرنسي 1920- 1946 استمر استخدام القلعة كثكنة عسكرية وسجن للثوار».