ألعاب تراثية عمرها مئات السنين في بيوت الدمشقيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

طاولة الزهر، المنقلة، والبرسيس، ألعاب عمرها مئات السنين، بقيت حاضرة حتى يومنا هذا في البيوت والمقاهي الدمشقية، وتلعب في أجواء من التنافس والمحبة، متحدية الألعاب الإلكترونية التي أصبحت موجودة في هاتف كل شخص. وعلى الرغم من أن معظم من يمارس هذه الألعاب من فئات عمرية متقدمة في السن نسبياً وطبقة الموظفين، إلا أن هذا لم يمنع فئة الشباب من ممارستها.

وقال صاحب مقهى موليا في دمشق القديمة محمد سامر المحايري لـ«البيان»، إن «لعبة طاولة الزهر موجودة ومتداولة حتى يومنا هذا، في المنازل والمقاهي وحتى على أبواب المحال التجارية، ولها طقوس وفيها مشاحنات بين اللاعبين عندما لا يحالف أحدهم الحظ بالنرد أو الزهر، وغالب من يرتاد المقاهي للعب طاولة الزهر هم الموظفون والمتقاعدون».

مشيراً إلى أنه «على الرغم من وجود الهواتف النقالة بيد الشباب، إلا أن نسبة لا بأس فيها منهم يلعبون طاولة الزهر». وأضاف المحايري بأنه «حتى يومنا هذا يوجد أشخاص يسألون قبل دخول أي مقهى عن وجود طاولة زهر، وإن لم يوفر المقهى هذه اللعبة لا يدخلون إليه»، لافتا إلى أن «معظم البيوت الدمشقية يوجد فيها طاولة زهر، فهي ثقافة».

لعبة البرسيس

خلال زيارات الأهل والأقارب تعتبر البرسيس إحدى الألعاب التي تمارسها النساء للتسلية وخاصة في ليالي الشتاء الطويلة، بحسب ما قالت أم غسان البالغة من العمر 80 عاماً. وتضيف أم غسان أن «الكثير من النساء لا تزلن مواظبات على هذه اللعبة بشكل يومي وحتى ساعات متأخرة من الليل ضمن العائلة»، لافتة إلى أن لعبة البرسيس كانت جزءاً من جهاز العروس، وهي موجودة في معظم البيوت، وتتميز بأجواء من التنافس حيث تستمر اللعبة أحياناً لمدة ساعتين.

وتتكون لعبة البرسيس من قطعة من القماش ذات لون أسود غالباً، ومطرزة على شكل صليب كل ضلع من أضلاعه على شكل مستطيل مقسم إلى 24 مربعاً صغيراً (3 خطوط طولية و8 خطوط عرضية)، وتطرز بعض البراسيس بالخيوط الحريرية الملونة بالألوان المختلفة، وتزخرف بالبريق، وغيره من الزخارف، بالإضافة إلى 6 صدفات يطلق عليها اسم الودع و8 أحجار من المعدن كل أربعة لها شكل محدد.

وتبدأ لعبة البرسيس برمي الودع من أجل تحديد من سيبدأ باللعب، حيث إن هناك 7 أشكال ومسميات للودع، والذي يأتي بالدست أو البنج يبدأ باللعب.

والدست هو عبارة عن 5 ودعات على الوجه، وواحدة إلى القفا، ويمشى به بالحجر داخل البرسيس، وإذا أتى لطرف معين 11 بيتاً، ثم البنج وهو بعكس الدست تماماً، وعدد أبيات البنج 24 بيتاً، أي أربعة أضعاف عدد الودع، ثم البارة وهي أن يأتي كل الودع ووجهه إلى الأرض، ويمشي اللاعب إذا أتته (بارة) 12 بيتاً، ثم الشكة وهي بعكس البارة، ويستطيع اللاعب إذا أتته شكة أن يمشي 6 أبيات، ويستطيع اللاعب الاستمرار باللعب أي رمي الودع في حال جاءته هذه الأشكال.

والشكل الخامس هو الأربعة وهي أن تأتي 4 ودعات إلى الوجه واثنتان إلى القفا ويمشي اللاعب بها 4 أبيات،، يليها الثلاثة (3 على الوجه و3 على القفا) ويمشي اللاعب بها ثلاثة أبيات، فيما يسمى الشكل السابع بالدوا، وهي أن تأتي ودعتان وجههما إلى الأرض، وأربع ودعات وجهها إلى الأعلى ويمشي بيتين، ولا يستطيع اللاعب رمي الودع بعد هذه الأشكال، ويسلم الدور لخصمه أو لمن يليه.

ويبدأ اللعب بالبرسيس برمي الودع، والذي يأتي بالبنج أو الدست يدخل الحجر إلى مربع يعرف باسم «الشيرة»، وهو بيت في البرسيس في وسطه إشارة على شكل علامة الضرب، ثم يبدأ تنقيل الحجر الذي ركِّب لا يركّب حجراً آخر إلا بدست أو بنج آخر، وهكذا حتى تركب كل الأحجار من قبل الطرفين، ويسعى الطرفان جاهدين لقتل أحجار بعضهما لكي ينفرد الآخر باللعب ويوصل أحجاره إلى المربع في وسط الصليب كي يفوز.

لعبة المنقلة

من الألعاب المنتشرة في سوريا والتي تعود لمئات السنين، لعبة المنقلة وهي عبارة عن قطعة مستطيلة من الخشب السميك محفور فيها صفان متوازيان في كل صف 7 حفر، بالإضافة إلى 98 حجراً تقسم بالتساوي على لاعبين اثنين فقط.

وقال أدوار أبو فارس أحد محترفي اللعبة لـ«البيان» بأنه «توضع في كل حفرة من الحفر الـ14، 7 أحجار وتجري قرعة لمعرفة اللاعب الذي سيبدأ بأخذ الأحجار من إحدى الحفر وتوزيعها حجراً حجراً باتجاه عكس عقارب الساعة، فإذا انتهى من الحفر التي تخصه ينتقل إلى حفر خصمه، وعندما ينتهي من توزيع الأحجار يتنقل اللعب للخصم الذي بدوره يقوم باللعب بنفس الطريقة».

وأضاف أبو فارس بأن اللعبة تستمر على هذا المنوال، وفي كل حفرة يصبح عدد الأحجار مختلفاً، ويقوم كل لاعب أثناء لعب خصمه بعد الأحجار في كل حفرة من الحفر التي تخصه لتوزيعها بشكل مناسب، حيث يستطيع بعملية حسابية بسيطة من معرفة الحفر التي سيبدأ بتوزيع حباتها من أجل الربح.

وفي حال وصول اللاعب في نهاية التوزيع إلى حفرة بها حجر واحد بحيث لو أضاف له آخر حجر في يده لأصبح في الحفرة حجران فإنه يربحهما، سواء كان ذلك في حفرة تخصه أو تخص خصمه.

كما يربح اللاعب أيضاً إذا انتهى إلى حفرة بها ثلاثة أحجار بحيث لو أضاف لها آخر حجر في يده تصبح أربعاً، أو كما يقال (طورة) فإنه يربح الأحجار الأربعة، واللاعب الذي يربح أكبر عدد من الأحجار في نهاية اللعبة يعتبر فائزاً.

Email