ذكريات الأمس

مهداة إلى معالي أحمد خليفة السويدي

ت + ت - الحجم الطبيعي

إنّي لأذكُرُ أياماً لَنا سَلَفتْ

تَنُثُّ مِنْ حُسْنِها رَنْداً وَرَيْحانا

كَمْ ذا أناظِرُها مِنْ فَرْطِ ما اشْتَمَلتْ

عليهِ مِنْ طَيِّبٍ قدْ كان فَتّانا

في ذلكَ المجْلسِ الوضّاءِ جانِبُهُ

مِنْ زائريهِ جَماعاتٍ وَوُحْدَانا

تَرى بهِ النّاسَ مِنْ كُلِّ البِقاعِ أتَوْا

يَلْقَوْنَ فيهِ مِنَ التّرحيبِ ألْوانا

قَدْ كانَ طابَعُهُ عِلْماً ومَعْرفَةً

أضْحى لهُ في شُؤونِ الفِكْرِ أرْكانا

نَزورُهُ دائماً قدْ كانَ بُغْيتَـنا

نَلْقى بهِ مِنْ كِرامِ القَوْمِ إخْوانا

وأحْمَدٌ واقِفٌ في صَدْرهِ فَرِحاً

يَشْدو لَهمْ مِنْ جميلِ القَوْلِ ألْحانا

يَبُثُّهمْ منْ شَفيفِ الشّوْقِ أبْلَغهُ

أخْلاقُهُ قدْ غدت تِبْراً ومَرْجانا

شِعارُهُ الحُبُّ حُبٌّ للأُلى قَدِموا

إليْهِ يَضْحى بِهمْ في القَلْبِ جَذْلانا

يا مَجْلساً قدْ غدا في الفِكْرِ مَدْرَسةً

يُعَلِّمُ النَّشْءَ أطْفالاً وَشُبّانا

كَمْ يَغْرِسُ القِيَمَ البَيْضاءَ ناصِعةً

أمَامَ أعْيُنِهِمْ جَهْراً وإعْلانا

قدْ كانَ في العَيْنِ مَرْموقاً لقاصِدِهِ

مِنْ بِرِّ صاحبِهِ قدْ سالَ غُدْرانا

يا أحْمدَ الخَيْرِ يا مَنْ كان حادِيَنا

إلَيْهِ شَوْقٌ بِنا قَدْ شَبَّ نِيرانا

نَهْوى طبائِعَهُ اللَّائي عُرِفْنَ بِهِ

أكْرِمْ بِهِ في معاني الخَيْرِ عُنْوانا

سَمْحٌ لَطيفٌ بهِ مِنْ طِيبهِ سَبَـقٌ

إلى مُحيّاً لَهُ بالْـبِشْـرِ قَدْ زانا

هَذي محامِدُهُ منْ عَهْدِ سَالِفةٍ

كانَتْ لَهُ في مَدى الآفاقِ شُهْبانا

كَمْ كانَ لي شَرَفٌ أنِّي أزورُكُمُ

مَعَ الّذي قَدْ غَدا بالشِّعْرِ هيمانا

قدْ كان للشِّعْرِ نَسَّاجاً ورَاويَةً

ومُبْدِعاً في فُنونِ القَوْلِ ربَّانا

أبا مُحمّدَ هَلْ في الأُذْنِ رَجْعُ صَدىً

«لَبو شِهابِ» الذي قَدْ شَدّ أظْعَانا

يَطْوي عَلَيْكُمْ جَناحَ الحُبِّ ما فَتِئَتْ

أشْعارُهُ فيكُمُ شَدْواً وألْحانا

ندعو لَهُ اللهَ رِضْواناً يَحفُّ بِهِ

وَحورَ عِينٍ وتَسنيماً وَوِلْدانا

تَعنُّ لي ذِكْرياتُ الأمْسِ صَادِحةً

كأنَّها البُلْبلُ الغِرّيدُ غَنّانا

بِعَذْب شَدْوٍ لهُ في النّفْسِ مَنْزِلةٌ

كَمْ ذا أثارَ بِنا شوْقاً وتَحْنانا

يَمْضُّني وَجَعُ الذِّكرى وتُؤْلمُني

طَبْعي الوفاءُ لماضٍ كَانَ فَيْنانا

مَاضٍ لَهُ في ثَنايا الفِكْرِ فَيْضُ رُؤىً

باقٍ لنا في سُوَيْدا القلْبِ سُلْوانا

إنِّي لأذكرُهُ دَوْماً وأُكْبِرُهُ

كَمْ قلتُ فيهِ من الأشْعارِ تِيجانا

يَعيشُ في داخلي يَحْيا بِنَبْضِ دَمي

فَيْضاً منَ الذِّكْرياتِ الغُرِّ هَتّانا

إنِّي لأفْخَرُ بِالماضي وأكْتـبُـهُ

بِأحْرُفٍ مِنْ سَنا الأنـْـوارِ تِبْيانا

يا شِعْرُ قِفْ بي فقدْ هيَّجْتَ ذاكِرتي

قِفْ حَيثُ أنتَ فإني فِضْتُ وجْدانا

يا أحْمَداً يا سَليلَ المجْدِ يا عَلَماً

يا مَنْ غَدَوْتُ إلَيْهِ اليَوْمَ وَلْهانا

أرْجو لكَ اللهَ عُمْراً زانَهُ عَمَلٌ

تُجْزَى بهِ عندَ ربِّ العَرْشِ غُفْرانا

 

 

Email