«السندباد الأعمى» يُبَصّر المجتمع الكويتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

حدث واحد، قد يبدو اعتباطياً لا سيما في وضع كالحرب، جاء ليُخرج السجناء مجدداً إلى حيواتهم، نواف، الذي- بالكاد- أتم عاماً في السجن، خرج إلى قصة لم تكتمل، وبلد مُحتل وتيه مؤلم.

هكذا تقدم الكاتبة الكويتية بثينة العيسى في روايتها الأحدث «السندباد الأعمى» قصصاً لأزمات يمر بها شخوص الرواية، تنقلنا إلى عالم متضارب الأمواج من صراعاتهم مع ذواتهم، ومع بعضهم البعض، وعن الكويت وسط احتلال القوات العراقية لها. 

نستمع إلى المشاهد والقصص من أكثر من جهة وشخصية، من بينها الطفلة مناير، التي يبدو أنها تجد في الأحداث الكثير من عدم الفهم، فتؤولها وفق ما تعي وتعرف من مصطلحات تعيدها دوماً إلى البحر والقواقع والشواطئ. تحاول أن تفهم، هي وأسرتها المترامية القصص والحكايا، لتأتي قطة عمياء تصعب تسميتها، تشكل بهشاشاتها وسيلة عبقرية، لتخطي الحدود والعسكر ومفاهيم الحرب كلها.

في رواية السندباد الأعمى حضور قوي للكويت، بشوارعها وأحيائها، وبكل ما يشكل ساكنيها من عادات، وصولاً إلى أدق تفاصيل المأكل والملبس.

من طقوس النفاس الغريبة التي كان على «هدى» تحملها وفقاً لرغبة والدة زوجها الجدة «منيرة» وصولاً إلى شكل السوق بمنتجاته المتنوعة حتى عصير «الصن توب» البرتقالي، الذي قُتِلَ بعض من أفراد الجيش العراقي في محاولة لسرقته، توثق بثينة كل شيء بعين راصدة دقيقة.

كما تخلق الشخصيات التي لا تدري أتتعاطف معها أم تكرهها لما فعلت خاصة مثلث الشخصيات، الذي تسلط الضوء من خلاله على بعض من القضايا المجتمعية المهمة. نرى مثلث الشخصيات: نواف وعامر ونادية في قصة متشابكة الأحداث عن الحب والصداقة والخيانة.

بثينة العيسى تقدم سرداً لكل ما مرت به الكويت في فترة أواخر الثمانينيات منذ المطالبة بإنشاء البرلمان وحتى تبعات ما بعد الغزو العراقي على الكويت بكل تفاصيله من تغيير أسماء شوارع الكويت وأرقام السيارات وصولاً إلى الحرب البرية، التي أجهضت هذه المحاولة الأليمة، التي استمرت قرابة الشهور الثمانية.

تمتلئ الرواية بالأحداث والأسئلة التي لا يبدو أن لها إجابات خلال الفصول الستة، لتُختتم في الجزء الأخير المُعنون بـ«ورقة لاصقة على مغلف»، كما أن بثينة تصنع مماهاة بين فترة الغزو العراقي للكويت، وبعض أحداث فترة الحجر إثر وباء كورونا.

اقتباسات:

- «بعد أن صارت تذكاراً لحكاية عامر ونادية، والخزي، أمور تبدو بعيدة الآن، ليس لأنها بعيدة بالضرورة، بل لأن الحرب تعبث بمقاييس الأشياء».

زاوية مراجعات الكتب الأسبوعية تُنشر بالتعاون بين «البيان» ومؤسسة الإمارات للآداب.

Email